Wednesday, November 30, 2011

ما بيفهمش

 وإحنا صغيرين كنا نفتكر إن المدرسين بيبقوا مبسوطين لو الطلبة مش فاهمين.. وإن كل ما الموضوع يبقى معقد كل ما المدرس يبقى حاسس إنه راضي كده! لكن لما بدأت في التدريس اكتشفت إن ده أسوأ كابوس ممكن ييجي للمدرس.. إنه يكون عنده حد "مش فاهم"..

التصور العام هو إن فكرة "الفهم" دي بتعتمد على اتنين.. مرسل ومستقبل.. زي أي حاجة فيها تواصل.. لكن مع وجود استثناءات قليلة إلا إن المفروض إن كل الناس يبقى عندهم قدرة من عند ربنا كده إنهم يفهموا الحاجات العامة اللي بتتدرس مثلا في المدارس أو الجامعات أو الحاجات العامة في السياسة..
 
الافتراض الأساسي هو إن كل الناس بتفهم.. ولو بدأنا من المنطلق ده مش بس هنبطل نرمي اللوم على "اللي مش فاهم" وأنا بقى كمدرس أقول: آه طالب غبي.. أو إيه اللي جابه ده هنا؟!.. (طبعا ممكن يكون المكان مش مناسب للطالب في المستوى.. لكن بصفة عامة كلنا عندنا قدرة أساسية على الفهم..) فلو بدأنا بالتوجه ده هنكون بنحاول أكتر إننا نوصل رسايلنا و"نفهّم" كل حد بنتكلم معاه..

الفكرة إن كل حد فينا بيستقبل المعلومة بطرق مختلفة عن غيره.. التحدي اللي عندنا كمدرسين مثلا هو إننا نستخدم أكتر طرق لتوصيل المعلومة..

جرّب كده تحاول تدّي رقم تيليفونك لحد.. هتلاقي الناس بترتاح لطرق مختلفة.. ممكن حد يقوللك: "رنللي" أو "ملليني النمرة" أو "قول وأنا هاحفظها" أو "استنى لما أكتبها".. على الرغم من أنها نفس المعلومة لكن ممكن كل حد فينا يرتاح إنه يفهمها بطريقته..

من ضمن التدريبات اللي ساعات بنعملها عشان نثبت ده هو إننا بنطلب من مجموعة من الناس إنهم يغمضوا عينيهم ويتخيلوا.. بنقوللهم كلمة والمطلوب منهم يوصفوا بعد دقيقة كاملة شافوا أو سمعوا أو حسوا بإيه.. الكلمة بتكون مثلا "كلب".. ردود الفعل بتبقى مختلفة تماما.. على الرغم إن ناس كتير بتشوف –وهي بتتخيل- كلب وبتقدر توصفه.. ناس تانية بيسمعوا صوت هوهوة.. ناس تانية بتحس بإنها شايفة مشهد بتفاصيله.. ناس تاني بتحس بملمس الكلب.. وهكذا..

أنواع كتير من المتعلمين.. مثلا البصري: وده يحب يشوف الحاجة قبل مايكون حاسس إنه فهمها.. يحب يشوف الكلمات مكتوبة قبل ما ينطقها.. يحفظ بسهولة الصور.. يفتكر أماكن المعلومات في الصفحة..

ناس تانية سمعية: يفتكروا تفاصيل اتحكتلهم.. عندهم ذاكرة قوية للحاجات اللي بيسمعوها.. لو سمع الحاجة مرة واحدة يفهمها.. يمكن لو قراها يحتاج إنه يقرا بصوت عالي عشان يسمع نفسه..

ناس تانية حركية: لازم تستخدم المعلومة في أداء لعبة أو حركة عشان تستوعبها.. وإلا تزهق وتحس إنها مش مستفيدة..

فيه ناس موسيقية.. هندسية.. تحليلية.. ناس تتعلم من غيرها.. ناس تتعلم بإنها تتأمل لوحدها ولو موجودة مع غيرها تركيزها يتشتت..

إحنا بقى كمدرسين علينا إننا نخاطب أكبر عدد من طرق التعلم دي.. عشان كده بنلعب وبنعمل مسابقات وبنكتب وبنتكلم.. بنستخدم صور وحركة وكل اللي نقدر عليه عشان نقدر "نتفهم"..

أنا محتاج أفكر نفسي طول الوقت إن كل الناس.. كل الناس بتفهم.. يمكن بيفهموا بطريقة مختلفة عني.. مسئوليتي لو عايز أفهمهم إني أكتشف بيفهموا إزاي..

مصيبة لو أنا فاكر نفسي مابفهمش.. أنا محتاج أكتشف إيه أحسن طريقة بأستقبل وبأحتفظ بيها بالمعلومة..

عيالك مش زي بعض.. الطلبة بتوعك مش زي بعض.. كلهم عندهم ذكاء لكن بصورة مختلفة.. ولو أنا وانت شاطرين نقدر نحاول نكتشف كل أصحابنا وقرايبنا واللي بنتعامل معاها مفاتيحهم إيه؟ بيستوعبوا إزاي..

أما بقى لو أنا مش فارق معايا إني أوصّل معلومتي فيبقى أسهل حاجة إني أقول عن اللي قدامي "مابيفهمش"!

Monday, November 28, 2011

أحلى عيون


مقاييس جمال الشكل بتختلف من بلد وثقافة للتانية.. في موريتانيا مثلاً البنت ماتُعتبرش جميلة أبداً لو رفيعة.. وكل ما البنت تكون أتخن كل ما تعتبر أحلى..

وعلى اختلاف المقاييس إلا إن حجم وشكل العين بيأثروا قوي على الجمال في كل الثقافات دي.. مواقع كتير من اللي بتتكلم في تفاصيل الحسابات الدقيقة للجمال بتقسم مثلا الوش 5 أجزاء طولية عرض كل جزء هو عرض العين..

أغانينا مليانة غزل ووصف لعيون الحبيب (وفيه بعض التجاهل للمناخير والودان والجبهة!)..

لما نبص على العين كعضو في منتهى الأهمية في الجسم نكتشف مدى شغف العلماء على مر العصور لاكتشاف إزاي بيشتغل وإيه اللي يضره وطرق علاجه..

والنظريات كانت كتير وزمان كان فيه فكرة إن الإنسان بيشوف عن طريق إن العين نفسها بتصدر ضوء ينوّر على الشيء اللي قدامها فيقدر الإنسان يشوف.. جت بعدها نظرية إن الإبصار بيحصل عن طريق حاجة بتمثل الشيء (قالوا بعد كده إن الحاجة دي هي الأشعة) بتدخل العين.. وحاليا المتعارف عليه هو إن الضوء بيتنقل عن طريق الفوتونات من مصدر الضوء (زي الشمس مثلا) للشيء المرئي وبينتهي عند المستقبِل (العين)..

وأنا قادر أتفهم صعوبة الوصول للنظريات دي.. خصوصا إننا ممكن نكون موجودين في نفس المكان لكن كل واحد شايف حاجة مختلفة..

كل مرة حد بيشتري "جزمة جديدة" بيفضل بتاع 3 أيام مش شايف حاجة في الشارع غير محلات الجزم!
اللي مننا ليه أصحابه دكاترة أسنان يلاقيهم بيعملوا حاجة مستفزة: دايما وانت بتكلمهم باصّين على سنانك!! ماهو ده اللي شاغل بالهم طول الوقت!

فواضح إن عينينا بتشوف الحاجة اللي عايزة تشوفها!

استغربت قوي امبارح من حكايات واحد صاحبي معايا.. كان بيحكيلي عن وقت غربة مر بيه.. وقت صعب بعيد عن العيلة والأصحاب.. بعيد عن الأكل اللي بيحبه والسرير اللي بيرتاح فيه.. وقت فيه مجهود ضخم.. نوم قليل.. جو برد قوي.. لكن قاللي جملة رائعة.. "أنا قدرت أشوف جمال الطبيعة.. السما الزرقة وعليها النجوم منتورة زي الماس"!.. ياه! ياه!

انت إزاي قادر "تشوف" الجمال وسط كل الوقت الصعب ده؟ إزاي قادر تتوقع حلاوة وجاذبية في حاجة يمكن بنشوفها يوميا وبنحسها عادية؟.. وقتها فهمت يعني إيه عيون حلوة..

العين الحلوة هي اللي قادرة "تدوّر" على جمال و"تِتلَكِّك" تشوفه في طفل صغير.. في رسمة.. في وردة.. في كرسي فاضي في المترو.. في جو دفا.. في مكان ركنة..

العين الحلوة هي اللي "بتِستَحلَى" تصرفات الناس.. بتشوف كرم ومساعدة وتشجيع من الغير..

العين الحلوة هي اللي مستنية بلدها تبقى أفضل وأرقى.. العيون الحلوة بتِتشَدّ لأي بوادر إيجابية.. أحلى عيون هي اللي بتكمّل الصورة وتتخيلها لوحة رائعة..

أحلى عيون هي اللي ممكن صاحبها يكون فقد عين بالفعل وهو بينادى بالحرية.. وفقد عينه التانية لنفس المطلب.. لكنه لسّة "شايف" بلد تستحق التضحية.. أحلى عيون هي اللي صاحبها يقول "أكمل حياتي مرفوع الراس".. "يشوف" نفسه وبلده مكرّمين ومحترمين..

أحلى عيون مش هي العيون اللي ناس شايفاها جميلة.. أحلى عيون هي اللي شايفة الناس والحياة جميلة..

Saturday, November 26, 2011

غريبة قوي

من وقت للتاني بتنتشر صور على فيسبوك أو تويتر.. وفيه صور كده بتنال حظ أكبر من النشر.. عادة الصورة بيبقى فيها حاجة جديدة أو غريبة أو مثيرة للانتباه وعشان كده ناس كتير بتشارك أصحابها بيها..

إلا إنه فيه صورة انتشرت من كام يوم ولفت نظري حد من أصحابي ليها.. اللي كان ملفت هو عدم وجود أي شيء ملفت!
حاولت أشوف إيه وجه الغرابة في الصورة..

صورة لسيدتين مصريتين محجبتين واقفين بيصلوا على منبر كنيسة في القاهرة..واحدة منهم لابسة بالطو وواضح من التوقيت والمكان إن الاتنين كانوا بيسعفوا الجرحى في المستشفى اللي كانت جوة الكنيسة في ميدان التحرير..

حاولت أبص على الصورة و"أألف" أي وجه غرابة!. ماعرفتش..

إيه؟ غريبة إن سيدة تكون بتشتغل طبيبة؟ 
غريبة إن سيدات يساعدوا بقلب جامد في إسعاف ناس بتنزف وتترعش وفيه شظايا في أجسامهم؟
غريبة إن طبيبات ومتطوعات ماينسوش معاد الصلاة؟
غريبة إن مسلمات "يرضوا" يساعدوا ويشغّلوا مستشفى ميداني جوة كنيسة؟
غريبة إن كنيسة "تسمح" لمسلمات إنهم يدخلوها؟
غريبة إن مسلمات يصلّوا جوة كنيسة؟

غريب قوي استغرابنا..

إحنا اللي طول عمرنا شايفين أمهاتنا وإخواتنا بيشتغلوا ومتميزين في كل المهن..

طول عمرنا شايفين أمهاتنا بقلبهم الحنين لكن الأقويا.. اللي بيواجهوا المحن واقفين..

أمهاتنا اللي ياما شفناهم وسمعناهم بيصلوا.. بيصلوا ويدعوا لينا ولبلدنا وللخير.. ويمكن ساعات ينسوا يصلوا لنفسهم..

ستات بلدنا اللي مستعدين يعملوا كل حاجة ويساعدوا في كل مجال عشان نشوف الأحسن..

بيوتنا اللي مفتوحة ليل نهار للجيران.. للعيال تلعب مع بعض وماحدش فيهم دريان مين أبوه أحسن من التاني ومين ديانته إيه!

بيوتنا اللي "بتتلكك" تاخد أجازة وتتفسح في كل الأعياد المسلمين والمسيحيين.. أهالينا اللي "هرونا" بالكحك رايح جاي..

مسلمين ومسلمات عمرهم ماتأخروا في حضور فرح ولا عزا في كنيسة..

كنايس تتمنى يدخلها مسلم ومسيحي..

صورة.. عادية جدا.. مش غريبة ولا حاجة!

Friday, November 25, 2011

الشكر لله

النهاردة الخميس الرابع في شهر نوفمبر معاد احتفال الولايات المتحدة بعيد الشكر.. واليوم ده المفروض إنه شكر على الحصاد والبركات اللي في السنة اللي عدت.. ناس كتير بتنتهز الفرصة دي وبتعبر عن مدى امتنانها لله على عطاياه وبركاته..

من ضمن الحاجات اللي بتشكل ثقافات الشعوب نظرتهم "للشكر".. فلو نلاحظ إحنا من الشعوب القليلة اللي بتاخد وقت طويل تشكر فيه الناس في الاحتفالات والمؤتمرات وعلى صفحات الجرايد.. يعني يبقى رئيس وزرا مبهدل الدنيا أو رئيس جمهورية هيتسجن أو وزير هيتطرد لكن تلاقي برضه "نتقدم بالشكر لفلان الفلاني لما قدمه للوطن"..

ومع كده رد فعلنا ناحية الشكر الشخصي بيبقى غريب شوية..

جرّب كده تشكر أي حد.. تلاقي الرد: "لا شكر على واجب".. أو"العفو" يعني ماتشكرنيش.. أو "هو أنا عملت إيه؟" أو "على إيه؟" أو "الشكر لله".. والإجابات دي بتتراوح مابين فكرة: "ماتشكرش" أو "أنا ماعملتش حاجة تستاهل أتشكر عليها" أو "ماتشكرنيش أنا اشكر ربنا"

واللي بيحصل إننا بقينا متعوّدين على جمل "يابني ده انت تشكر ربنا إنها جت على كده".. ودايما الجمل دي بتبقى عن مصيبة نص نص.. أو كارثة مش مميتة.. أو إعاقة بسيطة..

واللخبطة دي بتخليني ساعات مش عارف أشكر ربنا سبحانه على نعمه ورحمته وعطاياه..

الأطفال الصغيرين اللي بيبقوا مش عايزين يكملوا أكلهم بيتقاللهم إيه؟.. "يا ابني ده فيه ناس في الصومال مش لاقية الأكل ده".. وطبعا لسان حال الواد "طب ماتبعتولهم الأكل ده.. أنا مش عايز آكل خلاص!" ولأننا سمعنا ده كتير بقى عندنا إحساس بالذنب guilt  أكتر مابقى عندنا الإحساس بالامتنانgratitude ..إحساس بالذنب ناحية الناس اللي فقدت قرايبهم.. ذنب ناحية الناس اللي مش لاقية شغل أو أكل أو سكن..

لكن الرائع في ربنا سبحانه إنه بيقبل شكرنا.. بيشوف في شكرنا ليه امتنان وإحساس بخيره.. بيقدّر كل كلمة شكر وعرفان..

أشكرك يا رب على نعمك ورعايتك وعنايتك.. أشكرك على عطاياك المتجددة كل يوم.. أشكرك على اهتمامك بأدق تفاصيل حياتي وعيلتي وبلدي.. أشكرك إنك متحكم في كل الأمور الكبيرة والصغيرة.. أشكرك إن عندك بركات كتير ليّ ولبلدي..

أشكرك على الصحة والأصحاب والشغل.. أشكرك على الأمل.. أشكرك على الحياة.. أشكرك على امبارح والنهاردة ,أشكرك على بكرة اللي برضه هيكون مليان خير ورحمة وبركة..
 
أشكرك إني عارف أشكرك.. وأشكرك إنك بتقبل شكري...:)

Friday, November 18, 2011

قزازة أمل

فيه في التجارب الطبية نوعيّات مختلفة من الأبحاث..  وعشان يجرّبوا دوا جديد مثلا لازم يكون فيه مجموعتين من العيانين.. مجموعة بتاخد الدوا.. ومجموعة تانية مش بتاخد الدوا (بيسموها control group) بحيث يقدروا يقارنوا النتايج.. وطريقة من طرق تقسيم أنواع التجارب دي بتعتمد على مدي معرفة المريض بإنه بياخد الدوا الجديد اللي بيجربوه وللا لأ..

ففيه مثلاً نوع من التجارب اسمه blind study وفي  النوع ده ال control group بتاخد حاجة شَبَه الدوا بالظبط في كل حاجة ماعدا في المكوِّن العلاجي..عشان يبقوا حاسّين نفس إحساس المجموعة التانية اللي بتاخد الدوا بجد..وفي الحالة دي كل العيانين بيتصرفوا على إنهم بياخدوا الدوا بحيث إن العيان مايكونش متأثّر على المستوي النفسي لأن ده ممكن يؤدي لنتايج مالهاش علاقة مباشرة بالقدرة العلاجية للدوا..

لكن فيه نوع تاني من التجارب بيسموه ال double blind studies وفي النوع ده لا العيان بيبقى عارف.. ولا كمان الدكتور.... بحيث إن النتايج تبقى حيادية لأقصى درجة..

ليه بقى؟
لأنهم اكتشفوا إن لو الدكاترة المعالجين عندهم "أمل" في الدوا الجديد اللي بيحاولوا يشوفوا تأثيره.. عادة بيكون عندهم ميل –من غير مايقصدوا- إنهم ينقلوا الأمل دة للعيانين... وفي كتاب لفيليب يانسي بيقول إن الدكاترة دول ممكن ينقلوا الأمل ده في ابتسامة.. في كلمة تشجيع.. في انطباع على الوش.. في طبطبة على كتف عيان.. وكل جرعات الأمل دي من شأنها إنها تزود النتايج الإيجابية في صف الدوا..

التصديق اللي عند الدكتور إن الدوا ده ممكن يبقى مفيد بيتنقل للعيان وبيتنقل معاه "عدوى" مشجعة للعيان ولجسمه على إنه يستجيب للدوا..

لولا الفرق الواضح في النتايج ماكانوش لجأوا لل double blind studies وخبّوا على الدكاترة كمان.. الفرق الواضح ده نتيجة بس "للأمل"..

وسط كل حاجة صعبة ومؤلمة في الحياة.. مع كل تحدّي ووقت فيه وجع.. فيه "عيان" "بيتلكك" عشان يسمع كلمة أمل.. صديق يمكن يكون الفاصل بينه وبين الاكتئاب هو شعاع ضوء بسيط قوي أنا وانت بننوره.. يمكن من غير مانقصد.. زي الدكاترة دول اللي كانوا "حقيقيين" في رغبتهم في نجاح الدوا..

شعاع نور صغير بيفك ضلمة رهيبة.. كلام أمل بسيط ممكن يغير مصاير.. نظرة فيها إيجابية ممكن تحوّل حياة بني آدم..

ده احنا في إيدينا قوة للدرجة اللي فيها اضطروا "يخبّوا" على الدكاترة مين بياخد الدوا عشان العيانين "ماتخِفِّش" أسرع والنتايج تبوظ!

مع كل حد حواليّا بيتألم.. أنا عندي فرصة إني "أنوّر" حتة أمل قدامه.. يمكن كلمة أو جملة أو ابتسامة تفرق.. يمكن تعليق أو طبطبة أو سمع بإنصات يساعده "يخفّ"..

خلليك جاهز.. حواليك ناس مش ناقصها غير شوية صغيرين من قزازة أمل..

Thursday, November 17, 2011

أسهل بكتير

 بعد أول يوم دراسي في سنة جديدة رجعت البنوتة اللي عمرها 4 سنين بيتها وبدأت تسأل الأسئلة اللي مليانة استغراب ومحاولات للفهم..
ماما.. هو إحنا "مسيحيين وللا مسلمين"؟
إحنا مسيحيين.. ليه يا حبيبتي؟
أصل أصحابي في المدرسة النهاردة سألوني.. طب هو إيه الفرق؟
مافيش فرق يا حبيبتي.. بس إحنا بنصلّي لربنا في الكنيسة وهم بيصلّوا لربنا في الجامع..
يعني "نحبهم"؟؟

وعلى الرغم من توقعنا للرد إلا إن الرد مالهوش وزن قدام السؤال بتاع: يعني نحبهم؟.. كما لو إن لسان حال البنوتة هو إنه "ماحدش يقوللي على الفروق.. أنا بس عايزة أعرف لو ينفع أحبهم وللا لأ"

جوانا كلنا ميل تلقائي فطري للحب.. مخلوقين و"العادي" بتاعنا إننا "عايزين" نحب ونتحب.. الكُره هو الحاجة الجديدة.. الحاجة الغريبة..

عشان أكره أنا محتاج أبذل مجهود.. عشان أكرهك أنا محتاج إني أعرف معلومات عنك.. أكوّن أسبابي.. أحدد شوية أمثلة تساعدني إني ماحبكش.. محتاج "أبطّل" ألعب معاك.. محتاج "أعمل نفسي" مش شايفك.. محتاج أتفادى التواجد في أماكن إنت موجود فيها.. محتاج أفضل أفكّر نفسي بمواقف انت عملتها فيّ أحسن "أنسى" وألاقي نفسي "باحبك"!..

عشان أحبك أنا مش محتاج أكتر من إني "أسيب نفسي".. الطبيعة اللي ربنا حاططها فينا كلنا لسّة فيها الميل للخير والحب والاحترام.. النزعة (حلوة النزعة دي) للبر والتقدير والمساعدة.. التوجه النقي لمحاولة إسعاد حد تاني...

عايز تشوف أكتر علامات ميلنا للمحبة؟ مثال ممكن يبان عكس المحبة تماما: إيه أكتر أمنية عند واحد مسلم مخلِص؟ مش إن صديقه اللي مش مسلم "يهتدي"؟ لو واحدة مسيحية نفسها في إيه؟ مش إن جارتها اللي مش مسيحية "تيجي للنور"؟ هم لو مش بيحبوا بعض كان كل واحد قال: "ياللا مش مهم أهو هيروح جهنم".. "ياللا أحسن.. أهي هتروح النار"!

على الرغم إن الأمثلة تبدو طفولية.. إلا إن رغبة الخالق سبحانه هي إننا نرجع أطفال في النقطة دي بالذات.. نحب "الإنسان"..
تحدي صعب إنك تحاول تكره.. جرب تكره الطبيعة.. صعب قوي.. الشجر والشمس.. السما والمية والورد.. محتاج تبذل مجهود ضخم عشان تكره عمل إيدين الله..

وأصعب وأصعب إني أحاول أكره إنسان اتخلق على صورة هذا الإله اللي مليان رحمة وخير وحب وتقدير..

يعني أحبهم؟ آه.. أسهل بكتير!