Saturday, April 25, 2015

الأهل والأصحاب والمغفلين

كل الناس اللي بيعملوا أفكار تجارية جديدة أو أي نوع من ال business بيكون في بالهم أمل الوصول لأكبر عدد من الناس اللي ممكن تقتنع بفكرتهم أو بالمنتج أو بالخدمة اللي بيقدِّموها، وكتير منهم بيبدأوا التسويق للفكرة من الدواير الصغيرة اللي يعرفوها، وفي الغالب حتى الأفكار الساذجة أو اللي ما فيهاش ابتكار أو الفاشلة بتلاقي صدى عند بعض الناس حوالين صاحب الفكرة، وساعات التعبير اللي بيُستخدم في ال businessهو إن الفكرة لو مش ناجحة من نفسها غالبًا هاتكون بتجتذب بس: الأهل والأصحاب وبعض المغفلين (family, friends, and fools)..

ويمكن عشان كده الأفكار التجارية محتاجة دراسة وافية ومحتاجة كمان تكون بتتعِرِض على ناس متخصصة وليها في المجال، مش بس على ناس بيحبوني وهايوافقوا على كل حاجة بأعملها وهايشتروا أي منتج هأقدِّمه..

في الحياة اليومية حتى البعيدة عن التجارة أو الخدمات، كلنا لينا دواير تأثير.. كلنا عندنا أهل وأصحاب ويمكن بعض المشجعين اللي هايكونوا بيوافقونا على كل حاجة بنقولها، وعلى الرغم من إن تأثير كل واحد فينا مختلف عن التاني، إلا إن أغلبنا عندنا الدواير دي سواء كان فيها ملايين من الناس أو عشرات من الناس اللي بتأيِّد وتوافق وتشجع كل حاجة بنعملها..

عشان كده المسئوليَّة كبيرة على الكل، مش بس على أصحاب المناصب أو المشاهير، ومش بس على الفنَّانين أو اللي عندهم مئات الآلاف من المتابعين على تويتر، لكن كلنا مسئولين لأن في الغالب فيه ناس بتتابع كل حد بيقول إيه، وجايز نكون بالنسبة للناس دي "مهمين"..

آراءنا اللي ممكن نكون بنقولها ببساطة، وتعليقاتنا اللي بتبان لينا تلقائية ممكن يعتبرها ناس من الدواير الصغيرة اللي حوالينا آراء وتعليقات مصيريَّة ومهمة وملهمة وعبقريَّة.. دواير تأثيرنا موجودة حتى لو كانت دواير صغيرة..

اللي مرَّ مننا بتجربة الأبوَّة أو الأمومة عارفين قد إيه نظرة الطفل الصغير لأبوه أو لأمه، قد إيه هم بالنسباله اللي عارفين كل حاجة واللي شاطرين في كل حاجة.. كتير من الناس القريبة من كل حد فينا بيبصولنا بنفس الطريقة، بيشوفوا هانعمل إيه وهانقول إيه وهانقرر إزاي، وهانفسَّر إزاي، وهاننتخب مين، وهانمدح في مين..

مافيش ولا حد فينا عنده تأثير يساوي صفر! يمكن الشطارة تكون في استخدام التأثير القليل أو الكتير اللي ليَّ بحكمة مش باستخفاف..

سواء مشهور أو لأ، كل واحد فينا حواليه دايرة من الناس اللي مستنيَّة تشوف وتسمع هايقول إيه.. المسئوليَّة خطيرة!

Saturday, April 18, 2015

إسعاد يونس: بص على الحلاوة


من غير مقدِّمات طويلة عن برنامج "صاحبة السعادة" أقدر أقول إنُّه من البرامج القليلة اللي لاحظت عنها قبول كبير من عدد كبير من الناس، وعلى الرغم إنِّي ماتابعتش غير حلقات قليلة، إلا إن جاذبية البرنامج وإسعاد يونس غالبًا ما بقوش سر!

كتير ممكن يتكلموا عن شطارة إسعاد يونس، أو فكرة إن الإعداد للبرنامج فيه اجتهاد ملحوظ، أو خبرة إسعاد في الحياة أو في الشغل المتعلِّق بالميديا، أو خفِّة دمَّها، أو عنصر النوستالجيا اللي في لقاءات كتير في البرنامج، أو أو، كل دي حاجات صعب إنكارها.. لكن، السر في حاجة تانية!

سر الجمال والقبول والحلاوة والعذوبة اللي بنشوفها في إسعاد يونس مرتبط ارتباط ضخم بجمال وروعة وحلاوة ضيوفها.. إسعاد مش بتستضيف ناس وتسألهم أسئلة محرجة، أو تسألهم عن لحظات فارقة في مشوارهم، أو تطلب الرأي والرأي الآخر، أو تستفهم منهم عن مشكلة مع فنان تاني، أو تستعلم عن شائعة طلعت عنهم.. مش بتقرا اسئلة من ورقة عن آراءهم في فنانين تانيين، مش بتعمل ولا حاجة من الحاجات دي! كل اللي بتعمله إنها بتقعد معاهم، تدردش وتضحك وتدندن وتغني، تفكَّرهم بلحظات حلوة، وتكمل دردشة، وتفضل طول الفقرة مش بتعمل حاجة غير إنها بتشاور على جمال وحلاوة إنسانيَّة حقيقيَّة موجودين في كل ضيف على حدة.

والظاهر كده إنها لما بتشاور على الجمال اللي في ضيوفها جزء من الجمال ده "بييجي فيها"، بيخبط فيها هيَّ.. كل ما تشوف حاجة حلوة في اللي قدامها وتقولُّه عليها تلاقي نسبة ولو صغيَّرة من الحلاوة دي جت فيها! عشان كده مش غريب لما تكون تعليقات كتير على البرنامج بتمتدح إسعاد وبتشوف فيها جمال في الشخصية والروح وعذوبة بنستغربها ونشتاق ليها..

هل هي دي الديناميكيَّة اللي بيشتغل بيها الجمال؟ الظاهر كده! ديناميكية غريبة جدًا لكن شكلها كده شغَّال: كل ما تشاور على حاجة حلوة وتكون بجد مدرك لجمالها ومقدَّر لحلاوتها تلاقي جزء صغير من الجمال والحلاوة دول جُم فيك! "بهتوا عليك"! تلاقيك بتحلوّ مش لما بتحاول تبقى أحسن ولا لما بتركِّز على نفسك عشان تكون إنسان أفضل ولا حتى لما تحاول تبسط ناس تانية.. لكن بنحلوّ لما بنشوف جمال ونقدَّره ونشاور للناس ونقولهم بُصُّوا على الجمال ده..

استثمار جميل ومش مكلِّف لكنه محتاج وقت وشويِّة مجهود.. كل مرَّة أشاور على جمال شخص أو حلاوة في الطبيعة أنا بأفتح باب لجزء من الجمال ده إنه يجيلي وبأدِّي فرصة ليَّ إني أكون إنسان "أحلى" في الروح والشخصيَّة لأنِّي سامح لنفسي إني أشوف روعة وعذوبة وجمال وأشاور عليهم وأقول لغيري: بُص على الجمال ده..

القريبين من الله سبحانه اللي هو صانع الجمال وأساسه واللي هو التعريف الواضح للجمال بنشوف فيهم حلاوة خاصة، بنلاقي عندهم نور مختلف، بنكتشف إن الناس دي كل ما بتقرَّب من الله وتلتقي بيه وتشوف جماله بينوَّروا، وجماله مش بيكسف وشوشهم، بالعكس: بينوَّر وشوشهم ويجمِّلها ويحلِّيها..

صاحبة السعادة إسعاد يونس احلوِّت وزاد جمالها مع كل مرَّة قررت تكون بتشاور على ضيف عندها في البرنامج ولسان حالها بيقول لكل مشاهد: بُص على الحلاوة!

Saturday, April 11, 2015

ببلاش وبسرعة وزي الفل

منتجات واختراعات كتير كانت غالية قوي ومش متوفرة في بداياتها لحد ما السوق يضمن الاحتياج على مستوى كبير ولحد ما التكنولوجيا تساعد في تقليل التكلفة، وعشان كده الكومبيوترات والتليفونات وأجهزة كتير بترخص مش بتغلى بعد وقت، لكن لما نتكلم عن "الخدمات" أو "العلاقات" فالموضوع مختلف!


اليافطة اللي في الصورة يافطة معبِّرة جدًّا، بتقول إن المكان ده بيقدِّم تلات أنواع من الخدمة: كويِّسة ورخيصة وسريعة، لكن عليك إنَّك تختار توليفة من اتنين فيهم، ما ينفعش التلاتة.. فالخدمة لو كويِّسة ورخيصة مش هاتبقى سريعة، ولو كويِّسة وسريعة مش هاتبقى رخيصة، ولو سريعة ورخيصة مش هاتبقى كويِّسة، ويمكن كتير بنتعامل مش بس مع الخدمات لكن كمان مع العلاقات والتربية والعلم والخبرة على اعتبار إن ممكن نحصل على التلاتة: سرعة وجودة وتمن قليل!

الغلط مش علينا قوي! حاجات كتير حوالينا بتوهمنا إننا ممكن نخس بدون مجهود وبسرعة وبنتايج مضمونة، أو ممكن ننجح لو حضرنا تلات حصص مع المدرس الفلاني، حتَّى في التربية ناس مننا بيفتكروا إن الموضوع "بسيط" بس الأهالي هما اللي مكبَّرينه، وحتَّى في علاقتنا مع ربِّنا فيه ناس بتحاول تفهِّمنا إن الموضوع بسيط ومش مكلِّف..

رجوعًا بقى لليافطة دي: مش كل مرَّة هايكون عندي رفاهية التلات حاجات مع بعض، يكاد يكون مستحيل إنِّي أحافظ على علاقاتي القريبة لو أنا مستعجل ومش عايز أدفع تمن وبرضه عايز جودة عالية، ولو بأربِّي أو بأتعلِّم أو بأبني شخصيِّتي أو بأستثمر في علاقتي مع ربِّنا أو مع الناس، محتاج إني أفتكر الحكاية دي..

في عالم بيزقِّنا ناحية السرعة والتنافس، ساعات الجودة بتيجي في الآخر، لكن أنا ليَّ الاختيار وبحسب أهميَّة العلاقة أو الهدف هاكون بأختار إنِّي أستثمر في الوقت وما أستعجلش وكمان أستثمر في إنِّي أدفع التمن اللي مش شرط يكون فلوس لكن ممكن يكون مجهود واهتمام، لو في بالي إنِّي عايز الجودة..

على المستوى الإنساني ما يتهيَّأليش إن فيه حاجة ببلاش وبسرعة وزي الفل!

Saturday, April 4, 2015

اعمل الصح؟

من حوالي سنتين ونص انتشرت قصة عن سباق جري كان فيه واحد من المتسابقين متقدِّم وقرَّب لخط النهاية، لكن فجأة بدأ يهدِّي قبل خط النهاية بعشرة متر، وكان واضح من الموقف إنه كان فاكر إنه عدَّى خط النهاية خلاص، فالمتسابق اللي كان وراه على طول شاورله إنه لسَّة السباق ما خلصش، فكمِّل وفاز، وعلى الرغم من إن المتسابق اللي كان وراه ده كان من حقه إنه يسيبه مش عارف ويكمِّل هو السباق ويفوز بالمركز الأوّل بدل التاني لكنه اختار غير كده..


موقف عظيم، وعظمة الموقف مش في إنُّه "عمل الصح"، لأن الصح ممكن يتضمن حاجات كتير في موقف زي ده.. تكميل السباق حتى لو حد من المتسابقين ما كانش عارف خط النهاية فين هو في حد ذاته مش غلط، ولو كان كمل وفاز بالمركز الأول مش التاني ماكانش حد هايقوله "عيب عليك إنك ما قولتش لزميلك إن خط النهاية لسة قدام"، ومش متهيألي المدرب بتاعه لو اتسأل كان هايقول إنه ده اللي المفروض يحصل، لكن هنا الفرق بين حد ممكن يعمل الصح وحد ممكن يختار تصرُّف تاني فيه نزاهة..

النزاهة مش إني أعمل الصح، ولا هي إني ما أغشش، ولا هي إني أكون صادق أو بأنفذ القانون.. النزاهة هي اتساق مع اللي بأومن بيه، حتى لو عندي اختيارات تاني "صح" و"مش عيب" و"مش حرام"! النزاهة هي اختيار شخصي فردي ممكن يختلف من موقف للتاني وما ينفعش يكون فيه "إجماع" من الكل إنه هو ده التصرف السليم، لأن أي إجماع غالبًا هايكون بيصب في فئة "الأخلاق" أو "القانون" أو "العرف" أو "تقاليد المجتمع".. عشان كده الحاجات "الواضحة" إنها "صح" غالبًا مش بتتعدَّى الفكرة دي: هي "صح"، وبس! لكن فكرة النزاهة أعمق شوية من كده لأن فيها الشخص بيختار إنه يلتزم بقانون "أكثر صعوبة" على الرغم من إنه مش مضطر.. هو بنفسه اللي بيحط قانون أصعب، وهو بنفسه اللي بيتابع تنفيذه على نفسه، وهو الوحيد اللي بيكون من جواه عارف ومتأكد من ارتياحه للتصرف، حتى لو غيره شاف الموضوع بطريقة مختلفة..

"الأصول" و"المفروض" و"المتوقع" وكل ده كويِّس، لكن فيه مستوى تاني من الأخلاق بيخلِّي الإنسان يحط على نفسه "قيود" هو بيختارها في سبيل اتساق أكبر مع قيم الشخص.. الفرق إيه؟ الفرق إنه ناس كتير هاتقول عليه "عبيط" "ساذج" "عايز يتشهر وخلاص" "عامل نفسه قدِّيس"، وعشان كده تحدِّي النزاهة هو تحدِّي إن الواحد يعمل حاجة مش "مضطر" إنه يعملها ويمكن كمان مش متوقَّع منه إنه يعملها، وجايز ما حدش يكون بيشوفه وهو بيعمل كده، لمجرد إن الحاجة دي متفقة ومتسقة مع قيم ومبادئ الشخص ده على مستوى أعمق من مستوى القانون أو العرف المجتمعي أو حتى التعاليم الدينية الواضحة والمحددة..

الاختيار موجود عند كل الناس، وبعضنا بيختاروا عُمق أبعد، حتى لو كتير مننا اختاروا بس إنهم يعملوا الصح!