Monday, December 17, 2018

مغلق للكريسماس

فيه هيئة غير هادفة للربح اسمها ’’Raise the Roof Homeless Project‘‘ جمَّعت تبرعات عشان تقدر تحجز ليلة في فندق تستضيف فيه 28 شخص بدون مأوى، عشان يقدروا ولو لمدة يومين يكونوا بيقضوا وقت الكريسماس في مكان كويس، بدل ما يكونوا في الشارع، وبعد ما الهيئة دي حجزت الفندق بالفعل، فوجئوا بإن الفندق لغى الحجز. الفندق بعدها قال إنهم لغوا الحجز لأن جالهم تحذير إن نفس الهيئة دي كانت حجزت فندق تاني السنة اللي فاتت لكن الضيوف سابوا الأوض ملخبطة وسرقوا حاجات من الأوتيل، وقالوا إنهم ما يحبُّوش إن الضيوف التانيين الموجودين في الفندق وقت الكريسماس يكونوا بيتضايقوا بسبب مجموعة تانية من النزلاء اللي ممكن يسيئوا التصرُف.


المهم إن الموضوع وصل لناس كتير، والفندق اعتذر وقالوا إنهم هايوفَّروا الأوض للمجموعة دي، لكن الطريف في الموضوع إن مُذيع البي بي سي وهو بيقدِّم الخبر قال ما معناه إن ’ماكانش ليهم مكان في الفندق وقت الكريسماس‘ في إشارة لذكرى ميلاد السيد المسيح اللي لما اتولد ماكانش ليه مكان مناسب يليق بيه.

كتير بيربطوا الكريسماس باللاجئين اللي مالهومش مكان أو اللي سافروا سعيًا للحماية في بلد غريب، وكتير بيربطوا الكريسماس بالفقراء والمهمَشين والضعفاء، وكتير بيربطوا الكريسماس بمعجزة ميلاد من عذراء، وكتير بيحاولوا يفكَّروا نفسهم إن الكريسماس مش شجرة وزينة وهدايا غالية ولبس جديد.

الكريسماس كل ده، لكنه بالنسبالي بيتحدَّاني في قبول المعجزة، بيتحداني في إني أكون جزء منها. أغلبنا مصدَّق إن ربنا ما عندوش مستحيل، وإنه يقدر ببساطة يعمل أي حاجة، لكن يمكن التحدي هو إني أقبل أكون جزء من المعجزة، وأفتح بابي لفقير أو مُشرَّد أو ضعيف، وأرحَّب وأقبَل وأطمِّن، قبل ما المعجزة تحصل! ووقتها يا بخت البيت اللي قبل إن الطفل الضعيف الفقير ده يتولد فيه!

Tuesday, October 16, 2018

ولا بيفهم في الكهربا


تعامُلنا مع المعلومات أو الشائعات اللي بتخص حد نعرفه غالبًا بيكشف جزء كبير عن الشخص ده، بغض النظر عن مدى صحَّة المعلومة أو إنَّها مجرَّد إشاعة. استبعادنا لصَّحة المعلومة كُوم، وأسباب الاستبعاد دي كوم تاني. يعني مثلًا لو حد قاللي إن حد من أصحابي سرق مليون جنيه وأنا استنكرت واستغربت وقلت إن اللي بيقولوا كده مُغرِضين ووحشين وعايزين يبوَّظوا سمعته بأي طريقة – لحد كده كويس، لكن لو أسبابي هي إن مليون جنيه مبلغ كبير وإن صديقي ده عمره ما يسرق مبلغ كبير كده، يبقى الموضوع مختلف!

من الحاجات المُحزِنة جدًّا إن في بعض المرَّات بيكون استبعادنا لمدى منطقيَّة معلومة أو شائعة عن عمل مليان شر بيكون استبعاد للطريقة! بنستغرب مدى سذاجة تنفيذ الشر ومش بنستبعد فكرته.. يعني يقتل آه، لكن معقولة يقتله بالطريقة دي؟ لأ، هو مش بالعبط ده!

image source
فكرة ’السُمعة‘ فكرة رهيبة ومخيفة جدًا.. شخصيَّة ومواصفات وتوجُّهات وآراء بتتبني وتتلاحظ وتتشاف سنين وسنين وسنين، لغاية ما ييجي يوم وحد يرُد على معلومة دفاعًا عنك ويقول: لأ، فلان مش ممكن يعمل كده.. أو يقولوا: لأ، مش بعيد يكون عمل كده.. وأنا شايف إن ده محك مهم، يمكن يكون أهم شويَّة من صحَّة المعلومة نفسها. 

لكن المصيبة مصيبتين لمَّا تكون السُمعة هي سُمعة الشرِّ الذكي، ويكون ده الدفاع الوحيد عند المدافعين اللي بيقولوا: هو مش عبيط عشان يخونها من غير ما يكون عامل احتياطاته، أو هي مش غبيَّة عشان تسرق من غير ما تشيل البصمات! كما لو إن فكرة الشرّ نفسها وخروجها من الشخص ده مش غريبة، لكن الخناقة على التفاصيل!

زي بالضبط حكاية: اِلحق بسرعة، سيِّد الكهربائي بيعاكس بنت في منطقتكم، فيرد ويقوله: يا عم بس ما تقولش كهربائي! ده لا كهربائي ولا يفهم في الكهربا!

Saturday, October 13, 2018

أربع دقايق وتلاتة وتلاتين ثانية

لما أصحابنا بيثقوا فينا لدرجة إنهم بيشاركونا مشاعرهم ومخاوفهم، ساعات كتير بحُسن نيَّة مش بنعرف نرد إزاي. مش بنبقى عايزين نقول معلش ولا عايزين ننصح. بنحاول مانقارنش المشكلة أو التخوُّف أو القلق بحاجات تانية أصعب على اعتبار إن اللي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته
 
لكن مرات قليلة قوي اللي بنعرف نساعد، ولما ساعات بنحط نفسنا مكان الصديق اللي بيسمع المشكلة مش بنعرف لو مكانه هانقول إيه
 
اللي بيفضفض ده بيكون عايز يقول حاجات كتير، حاجات عميقة ومهمة وصعبة، لكن يا ترى بيكون عايز يسمع إيه؟ يعني بعد ما قال كل اللي جواه، منتظر يسمع إيه؟
 
listen!
لو فيه أغنية أو مقطوعة موسيقيَّة ينفع أرد بيها على حد فضفض بمشاعره ليَّ، يا ترى إيه المقطوعة دي؟ موَّال يشكي هموم الناس؟ ولا لحن سريع مُبهِج مشجِّع؟ ولا مزِّيكا هادية تطمِّنه؟
 
مقطوعتي المفضَّلة اللي أحب أسمعها لو شاركت حد من أصحابي بمشاعر صعبة هي مقطوعة اسمها 4 دقايق وتلاتة وتلاتين ثانية، ودي مقطوعة ’كتبها‘ جون كيج سنة 1952، وهي عبارة عن تلات أجزاء من غير ولا أي آله ما تعزف فيها! وكانت فكرته وقتها إن ما فيش حاجة اسمها ’صمت كامل‘، حتى لو ما فيش آلات بتعزف. كان عايز يشجَّع الناس تسمع بإنصات لكل حاجة حواليها حتَّى لو ما فيش كلام بيتقال أو لحن بيتعزف
 
الفكرة في المقطوعة دي كان مصدر جدل كبير، وتساؤلات عن إمكانيَّة إعتبار السكوت مزِّيكا، وسواء اتفقنا أو اختلفنا عن مدي موسيقيَّة المقطوعة دي لكن متهيَّالي كل حد بيفضفض بيكون محتاج حد يسمع، حد يسمع في صمت وتركيز شديد، حد يسمع من غير ما يكون بيجهِّز ردود أو نصايح أو تشجيع أو توبيخ
 
أنا كمان محتاج أطلب من كل حد بأفضفض ليه إنه يكون بيسمع بس، من غير ما يكون تحت حِمل إنه يفكَّر في رد
 
 



Wednesday, September 12, 2018

ولا إنت شايف إيه؟

تعاملنا مع الحواس (زي البصر والسمع) مش دايما بيراعي إن الحواس مش حيادية، مش مجرد أدوات شفافة بتعكس الحقيقة، لأن الحواس مش آلات استقبال بس لكن فيه مساحة من التفسير والشرح اللي بيحصل وبيأثر على اللي بأشوفه

عشان كده مش بنبالغ لما نقول لحد مُجامِل إن عينه حلوة ومش بنستغرب لما نلاقي ناس بتسمع نفس الخطاب السياسي ويوصلوا لحاجات مختلفة (مش بس مختلفة في تفسير اللي بيحصل لكن حتى بيسمعوا نغمات صوت وطريقة أداء كما لو كانوا بيسمعوا خطابين مختلفين)
 
الحواس ممكن تخدع؟  طبعًا، رغم إننا ساعات بنقول إني شفت الخناقة بعيني، على اعتبار إن البصر ما هو إلا أداة شفافة حيادية بتنقل الواقع وبس
 
في تجربة لطيفة طلبوا من مجموعة من الناس إنهم يقيِّموا جودة مناديل ورق معطرة، وكان نوع من الأنواع معطر بريحة الصنوبر، وده خلَّى ريحة المناديل المُعطَّرة حلوة و"فريش" ، لكن الطريف إن الناس حسُّوا إن ملمس النوع ده خشن (برغم إنه كان معمول من نفس نوع المناديل التانية) وكأن حاسة الشم بتنبههم إن الصنوبر مرتبط بالخشونة فضروري الملمس يكون خشن
 
حتى لو شفت الفيديو بنفسي أو سمعت القصة من مصدرها انا محتاج أراعي إن أمور كتير بتتدخل في اللي حواسي بتستقبله، يمكن عشان كده مهم إني أستشير حد بأثق فيه لما أشوف حاجة وأشعر بأهميتها قبل ما آخد قرار مصيري بشأنها، حتى لو كان من خلال سؤال بسيط زي سؤال: ولا إنت شايف إيه؟ 

Tuesday, February 13, 2018

وأعوض في الفاينالز

الإرادة مرتبطة بالقوَّة، غالبًا بسبب ربط الكلمتين ببعض (في تعبير ’قوَّة الإرادة‘)، لكن للأسف ده ساعات بيوحي بإن الإرادة القويَّة موجودة عند اللي مش بيقع، اللي مش بيغلط، عند الشخص اللي بيذاكر من أول يوم، اللي مش مستنِّي يعوَّض في الفاينالز..

بس الإرادة القويَّة فعلًا هي إرادة الشخص اللي بيقوم لما بيقع.. بينفَّض هدومه ويكمِّل مشواره الصح، حتَّى لو اتأخَّر شويَّة، حتَّى لو اتعطَّل شويَّة، حتَّى لو بطَّأ شويَّة..

أزمة فكرة ’أعوَّض في الفاينالز‘ هي إنَّها في الغالب فكرة بتيجي ’قبل‘ امتحانات الميدتيرم مش بعدها.. يعني بتراودنا الفكرة لما بنلاحظ إن مستوانا بالمعدَّل دي مش هايعدِّينا في الميدتيرم، فبيكون لسان حالنا ’ما خلاص بقى‘، وتيجي بعدها حكاية ’نبقى نعوَّض في الفاينالز‘، وهي دي مشكلة مبدأ ’ماهي خسرانة خسرانة‘!.. وجايز ده يكون معيار الإرادة بجد، إنِّي ما أستنَّاش ’أبتدي على نضافة‘، لكن أقوم من اللي أنا فيه النهاردة وأجتهد..


اللي إرادته أقوى هو اللي مع كل إخفاق بيقوم ويكمِّل ويحاول يكون أفضل، مش اللي بيكسِّل لما يلاحظ إن الظروف مش مساعدة حاليًا فيأجِّل كل المجهود، ويبقى ’يعوَّض في الفاينالز‘!