Saturday, June 30, 2012

كتاب يخرّج من سجن

خبر نقلته رويترز من البرازيل عن مبادرة جديدة للمساجين بالإفراج عنهم 4 أيام بدري عن كل كتاب يقروه.. أيوة عن كل كتاب يقروه..

الخبر بيقول إن الحكومة أعلنت إن المساجين اللي موجودين في أربعة من السجون اللي بتضم أعتى المجرمين مسموحلهم إنهم يقروا بحد أقصى 12 كتاب في السنة لأعمال مختلفة في الأدب والفلسفة والعلوم والكلاسيكيات عشان يقللوا فترة الحبس بحد أقصى 48 يوم في السنة.. 4 أيام بدري لكل كتاب..

الموضوع مش أي كلام لأن فيه لجنة بتشرف على البرنامج وفيه شروط.. زي مثلا إن مسموح بأربع أسابيع حد أقصى لقراية الكتاب وكتابة ملخص عنه.. الملخص لازم يلتزم بالفقرات والهوامش والترابط العام..

خبر غريب.. جدا..
لكن مع غرابة الخبر شايف إن الكتب أساسا مش بتعمل غير كده.. القراية ما هي إلا أحد الوسايل عشان تخرّج من حبس.. مش شرط الحبس يبقى باب حديد وعسكري واقف.. مش شرط الحبس يبقى تعذيب ومهانة (شرط في بعض البلاد!)..


أنا بطريقة ما مسجون.. مسجون في أفكار أو مسلمات.. مسجون في ثقافة ومعتقدات.. محبوس جوة طريقة تفكير وتوجهات مسبقة.. 

سجني مافيهوش عمدان حديد وشباك صغير يدخلوا منه الأكل.. سجني أوحش لأني مش شايفه.. فاكر إني حر للآخر..

القراية فيها الأمل ده.. أمل إني أشوف عالم تاني.. أدخل في عقل كاتب اختبر حياة وظروف مختلفة.. أياً كان اللي بيكتب عنه.. قصة قصيرة.. شعر.. فلسفة.. مش مهم.. المهم إنها دماغ واحد تاني غيري.. فكر شخص مختلف عاش في بيئة وظروف وخبرات وأماكن تتشابه معايا في حاجات لكن تختلف في حاجات أكتر..

التلات أربع ساعات اللي بقضيهم وأنا بقرا أنا بخرج عن العالم بتاعي.. برّة سجني.. برّة حاجات كتير فاكرها مسلّمات عند كل الناس.. بخرج برّة الدواير المتشابهة اليومية اللي متعود ألفّ فيها..


بدأت القراية اللي بجد من حوالي أربع سنين.. بعد ماشفت أخويا ليل نهار ماسك كتاب.. رايح في المترو راجع في تاكسي على طول معاه كتاب.. بعد ما كنت بحسد أختي على كمية الاستنارة والمعرفة بجوانب كتير من الحياة كانت ساعات كتير تُرجعها لكتاب قريته.. اتأخرت كتير في إني أستغل فرصة وجود مكتبة ضخمة في بيتنا فيها كتب أشكال وألوان.. بابا كان دايما يقول "الكتاب ليه احترامه"..

الصورة العامة عن الجيل اللي في العشرينات والتلاتينات من عمره دلوقت إنه بيقرا أقل.. لكن أنا شاعر إن الصورة مغلوطة.. جيلنا النهاردة بيقرا أكتر.. مُتاح لينا مش بس كتب في الصورة التقليدية لكن كمية المواقع الإخبارية والمعلومات اللي ممكن نوصل لها على كومبيوتراتنا أو حتى تيليفوناتنا مهولة.. مصادرالمعرفة موجودة.. فرص "فَكّ السجن" مش قليلة..


مديون لكل كتاب قريته بجزء من حريتي.. 
ولسّة فيه حيطان كتير في سجني ينفع تتهد بشوية كتب تانية.. شوية كتب تكسر فيّ إدعاء معرفة.. تتحدى فكرة إني بفهم.. تتناقش معايا في حاجات كنت فاكرها مفروغ منها..

كل كتاب لسّة ماقريتهوش هو مجموعة أيام برّة سجني..

Wednesday, June 27, 2012

إخواني ومسيحي وسِت

سواء شائعة أو فكرة مطروحة للتنفيذ أو خبر صحيح إلا إننا لازم نقف نفكّر في حكاية إن رئيس جمهورية يعين نواب ليه واحد مسيحي وسيدة..

حُسن النية هو أغلب الاحتمالات كسبب للفكرة إلا إن الفكرة نفسها بعيدة كل البُعد عن أبسط قواعد المساواة وأساسيات الاختيارات العادلة.. ماعنديش مشكلة لو النواب طلعوا مسلمين أو مسيحيين أو لا دينيين.. سيدات أو رجال.. متزوجين أو لأ.. شباب أو كبار طالما إن طبيعة الوظيفة في حد ذاتها مش محتاجة أي من المواصفات دي..

أنا هنا مش بتكلم عن اختياري لزوجة هكون بشترط إنها تكون من نفس ديانتي ومعتقدي وخلفيتي الاجتماعية.. ولا بختار شيخ للأزهر أو بطريرك للكنيسة.. أنا بختار نائب للرئيس.. يعني يقوم بمهام الرئيس في غيابه.. يعني زي الرئيس بالظبط..

مشكلتي لا زالت في التقسيمة.. هتجيب مسيحي؟ وهتجيب سيدة؟ طب مش هتجيب نوبي؟ أو إسكندراني؟ مش هتجيب حد من ذوي الاحتياجات الخاصة؟ سيناوي؟ شمال الصعيد؟

مشكلتي في إننا فاكرين إننا كده بنِنصف فئات هُمشت لفترة طويلة بشهادتنا كلنا.. أيوة بَخَسنا حق المرأة.. أيوة ماقَدّرناش وطنيّة المسيحيين كما يجب.. لكن مش الحل إني أعمل "كوتا" أجيب فيها "أي حد" المهم يكون "مسيحي" أو "سيدة"..

مُفترَض إن رئيس الجمهورية ونوابه والحكومة يكونوا بيعملوا من أجل الكل.. مش محتاج تجيب سيدة مخصوص عشان المرأة ماتتظلمش.. أو مسيحي عشان تصريحات بُنا الكنايس.. ماينفعش في سبيل إني أعوّض فئة عن الظُلم المجتمعي إني أجيبهم يمسكوا مناصب (في أغلب الظن شرفيّة) وفي حد ذاتها مش هتقلل أو تغيّر من الظلم الواقع على الفئة دي أو غيرها.. مش عايز كمصري أخسر فرصة إن ييجي كنائب لرئيس الجمهورية "راجل مسلم" أكثر كفاءة لكن يا حرام ذنبه إنه منتمي لأغلبية عددية والنظام الجديد عايز يبقى "شكله حلو" بإنه بيختار من الأقليات العددية!..

في كتير من الحكومات في دول متقدمة بتلاقيهم يجيبوا أي سيدة سمرا تمسك منصب كبير (ويبقوا ضربوا عصفورين بحجر.. أهي ست أهي.. وسمرا..).. ويا سلام لو مُسلمة.. وقاعدة على كرسي متحرك!

القصة مش مين "يتقمص" لو ما أخدش المنصب ولا مين "هيتنطط" من الفرح بالوظيفة.. إحنا بنتكلم في مواصفات وظيفية نختار ليه الأكفأ..

كل محاولاتنا لإنصاف فئة اتظلمت في الماضي عن طريق "تمييز إيجابي" هي لازالت بتُصَنف تمييز.. السيدات والمسيحيين وكل من يمكن أن يُصنف كفئة تم التعامل معاها على إنها أقلية عددية يشرفهم إن المناصب والمسئوليات تُعطى لناس ليهم كفاءة وفاهمين في المساواة يقدروا يرتقوا بالبلد كلها بكل من فيها..

ده مش هيحصل بمجرد صورة الإخواني والمسيحي والست..

Tuesday, June 26, 2012

الله الله

من المناقشات الكلاسيكية اللي معظم مدرسين اللغات بيكونوا مروا عليها أو سمعوها المناقشات بتاعة علاقة اللغة بثقافة متحدثيها.. والمقصود بالثقافة هنا مش المعرفة لكن أقصد الكلمة المترجمة من culture وهي بتضم التاريخ والعادات والمعتقدات والمسلّمات وكل ده.. والنقاش بيكون يا ترى الناس اللي بتدرس لغة أجنبية المفروض تدرس معاها ثقافة البلد اللي بتتكلمها؟ ولّا بس يدرسوا المعنى الحرفي لكل كلمة؟

اللي بيدرّسوا إنجليزي مثلا ممكن يكونوا قابلوا طلبة بيحاولوا يستخدموا كلمات إنجليزي على اعتقاد إنها عادية زي مثلا بعض الشتايم اللي بتترجم ترجمات عجيبة في الأفلام إلى "تباً" وما إلى ذلك..

ولأننا شعب "متدين بطبعه" (عارف.. عارف.. جملة كرهناها واتريقنا عليها ونفيناها بكذا دليل) فساعات بنميل لاستخدام جمل وتعبيرات نعبّر بيها ضمنا عن وجود "الله" في تعاملاتنا اليومية.. وعشان كده ساعات بيبقى صعب إقناع بعض الطلبة إن جملة زي Oh, my God! هي جملة تُعتبر غير مقبولة في الأوساط المهذبة لأن فيها استخدام للفظ الجلالة في محادثات لا ترقى في القداسة لهذا الاسم القدوس..

لكن ثقافتنا بتقبل استخدامنا لاسم الجلالة في مواقف وظروف مختلفة..وبغض النظر عن معتقدنا الديني لكن بعض الظروف بيبقى استخدام لفظ الجلالة منطقي ومعناه مفهوم ويحمل كامل الاحترام للخالق سبحانه زي جمل "حمدالله على السلامة" أو "الله يخليك" أو "إن شاء الله" أو "الله يحفظك" أو "الله يبارك فيك"..

بعضها ممكن نحاول نخليه يبان منطقي ونقول مثلا إننا لما نقول على حاجة حلوة "الله!" إن ده فيه إشارة لجمال وإبداع الخالق خصوصاً لو حاجة من الطبيعة (إلا إن البعض ممكن يقول ده على عربية حلوة أو أكلة لذيذة)..

إلا إن الموضوع ساعات بياخد أبعاد تحمل احترام أقل (غير مقصود) بلفظ الجلالة.. فتلاقي الواحد بيزعق ويقول "أنا مش قلتلك الكلام ده 100 مرة؟ الله؟".. أو حاجة زي "الله يخرب بيتك.." أو "الله يحرقك يا بعيد.." وغيرها من الجمل اللي مش مقصود فيها عدم احترام للفظ الجلالة إلا إن سماعنا للتعبيرات دي على مدار عمرنا ممكن يخلينا نحس إن الله سبحانه ممكن فعلا يكون بيخرب بيوت ويولع في ناس خلقهم في أحسن تصوير ووفرلهم كل السبل عشان يعيشوا حياة سعيدة.. والغريب إن الحكاية دي موجودة عندنا برغم اختلافاتنا في المعتقدات الدينية والمستوى الاجتماعي والوظايف..

للأسف ممكن الموضوع يوصل لفكرة إني أقول للناس إني مش بخطط لحياتي وسايبها كده "على الله".. ممشّي أموري "اَلّلاوي" كما لو إن الله سبحانه مايحبش الترتيب والنظام والاجتهاد..

كله مش مقصود.. ماشي.. طب وإيه رأيي ورأيك في النغمة الجديدة اللي بدأت اليومين دول؟ "مالناش غير ربنا في الظروف دي".. هنا بقى هنقول: الكلام أهو كويس مافهوش حاجة.. ماشي.. لكن واخد بالك إن "دلوقتي" اللي مالناش غير ربنا؟ يا ترى قبل كده ماكناش محتاجنله؟ قبل كده كان فيه "حد معقول" ماسك البلد وفي إيده الأمان؟ قبل كده كان يادوب الاحتياج لربنا وقت الامتحانات والقرارات الكبيرة؟


مصيري ومصيرك في إيدين الخالق سبحانه.. وكانوا ولا يزالوا في إيديه أيا كانت الحكومات والنظم السياسية.. هو اللي بيصنع التاريخ وهو اللي في إيديه كل مجريات الأمور من بداية الخليقة.. عليّ دور إني أحاول أختار صح.. لكن مش بضحك على نفسي وأبقى فاكر إن حمايتي هي في دولة بنظام معين لحد ماييجي نظام مختلف أحس فيه بعدم الأمان ووقتها بس يبقى "ربنا يُستر" و"ربنا هو الحافظ"..

طول العمر الخالق هو اللي في إيديه مجريات الأمور.. كل التاريخ في تحكمه.. الملوك والرؤساء.. الظالم منهم والعادل.. الديني والعسكري والديكتاتور والديمقراطي واللي عامل ديمقراطي.. كله في كامل سيطرته وتحكمه..

مش النهاردة بس حمايتي وحمايتك في إيدين الله سبحانه.. مش لحاجة كويسة أنا أو إنت عملناها.. لكن ببساطة لأننا صنع إيديه.. وإذا كنا بنيجي "بعشم" ونتضرع لربنا طالبين حماية خاصة لمصر لأنها مذكورة في الإنجيل والقرآن ذكر خاص.. إلا إن هذا العشم لازم نكون فاهمين معاه إن "كل الكون" هو صنع إيده وخاضع لحمايته ورعايته من أكبر دولة متقدمة لأصغر وردة جميلة ممكن أنا وإنت نشوفها ويكون تعليقنا التلقائي "الله!"

Monday, June 25, 2012

النتيجة طلعت

عاشت شعوب النهاردة ساعات من الترقب مستنية النتيجة.. نتيجة انتخابات لاختيار رئيس جمهورية.. أو نتيجة ماتش كورة.. نتيجة امتحانات آخر السنة.. أو نتيجة فحص دوري عند الدكتور..

لحظات إعلان النتايج بما فيها من فرحة أو حسرة.. توزيع شربات أو صويت.. تصقيف أو لطم.. لحظات بنمر بيها وبتشكل في وجداننا (حلوة وجداننا دي) بتشكل فينا علامات وذكريات واضحة..

مش متأكد لو اللي هقوله ده حد فكّر فيه قبل كده.. لكن البعض بيتخيل الحياة "من غير نتايج".. يا سلام على راحة البال.. فمثلا يبقى فيه انتخابات وكل حاجة بس الاتنين المرشحين يفوزوا.. نمتحن ثانوية عامة وكل حاجة بس من غير ما يقولوا مين نجح ومين سقط.. نلعب كورة من غير ما يبقى فيه غالب ومغلوب.. ياااه.. مش كانت الدنيا تبقى ألطف؟

مش كانت الناس لعبت كورة من غير تعصب؟ والدول استمرت واستقرت من غير مشاعر حسرة أو خسارة؟ والطلبة مابقوش مضغوطين وكله تمام؟

يا ترى وجود أجوان ونتيجة في الكورة بيقلل ولّا يزود المتعة؟ بيخللي اللعيبة تلعب وتتبسط أكتر ولّا بتخليهم يكسلوا؟

على الرغم من إن الاهتمام الضخم إعلاميا بيبقى على "كام كام" و"مين بقى الرئيس" و"مين العشرة الأوائل" إلّا إن الهدف من وجود نتايج هو إن اللعبة أو الممارسة السياسية أو التحصيل العلمي يبقوا منطقيين..

في تدريس اللغات مثلا بطلنا نظام "افتح الكتاب صفحة 8 واكتب أربع جمل بالإنجليزي عن نفسك".. طرق التدريس الحالية بتزق ناحية إن يكون فيه تفاعل في الدراسة عشان كده التدريبات المستخدمة لازم تخللي الطالب مضطر إنه يعمل التدريب.. ساعات المدرس بيلجأ للعبة أو مسابقة.. مثلا أول طالب هيحفظ أربع معلومات عن زميله يفوز.. أو ارسم كام رسمة تعبر عنك وخللي صاحبك يخمن تقصد إيه.. في الظروف دي بتلاقي إن الطالب "تلقائيا" بيستخدم على الأقل أربع جمل عشان يعرّف نفسه.. من غير مانقوله افتح الكتاب صفحة 8..

لو فعلا عندي صديق حقيقي في دولة تاني هيبقى أسهل إني أكتبله جواب بلغته.. عن إن السؤال يكون "في 7 أسطر اكتب خطابا إلي صديقك الفرنسي فريديريك تسأله فيه عن جنسيته"!

وجود نتيجة للتدريب هو اللي ممكن يضمن إن التدريب يتم بنشاط وإحساس بالإنجاز..


وعشان كده انتظارنا لنتيجة انتخابات هو في حد ذاته نجاح.. ممارسة الاختيار والبحث في تاريخ المرشحين وسؤالهم عن برامجهم ومعرفتنا عن الآراء المختلفة عنهم كأشخاص هو صميم الممارسة اللي فيها يشعر المواطن إنه يفرق..

المهارات والمتعة اللي بيستمتع بيها لعيب الكورة أهم بكتير من النتيجة.. لكن لو ماكانش فيه فكرة النتيجة ماكانش هيلعب بنفس الاستمتاع..

درجات الامتحانات قد تكون الحافز اللي يخلليني أذاكر.. وخلال المذاكرة أكتسب المعرفة اللي هتفضل معايا العمر كله.. حتى بعد النتيجة ب 30 سنة..

وجود نتيجة للانتخابات بفايز واحد هي علامة على بداية مشوار من ممارسة سياسية ووطنية ممكن نتبسط أو نتضايق من نتايجها.. لكن المهارات والمعرفة والخبرة اللي اكتسبناها كشعب تفوق بمراحل اللحظات الصعبة قبل سماع النتيجة..

مش طول الوقت الرك على "المنتَج".. لكن ممكن تكون القصة كلها في "عملية الإنتاج".. وجود المنتج كنقطة نهاية قد يكون مجرد ضمانة لاستمرار عملية الإنتاج..


افرح بالنتيجة وزقطط لو ده اللي كنت مستنيه.. اتضايق من النتيجة وإدي نفسك فرصة للحزن والإحساس بالإخفاق.. لكن ماننساش إن الخطوات اللي مشيناها عشان نوصل للنتيجة أيا كانت هي خطوات كبرنا واتعلمنا واستفدنا منها..

Sunday, June 10, 2012

التحرش لأ

في مجتمعات كتير الكلام أهم من الأفعال (يجعل كلامنا خفيف عليه!).. وكلامنا رائع ومثالي.. معروف إن الكلام أسهل من الفعل.. لكن مصيبتنا أكبر شوية..

من كام يوم اتفجرت فكرة "التحرش بالنساء".. وكانت فيه بعض المباحثات اللي بتميل لاستخدام المخ في أقل نطاق.. طبعا مش بنحب نستخدم المخ كتير عشان مايُرهقش.. عشان نحتفظ بيه بحالة المصنع..

ليه يا ترى المناقشات دي كانت شحيحة الذكاء ومنقرضة الفهم؟ (!)
لأننا ببساطة مستغربين الظاهرة.. عندنا استنكار رهيب لفكرة إن راجل يتحرش بسيدة باللفظ أو النظرة أو التلامس.. وطبعا الفكرة مش غريبة ولا حاجة..

ليه؟

بص على المجتمع وأفكاره.. بص على توجهات الأسر والمدارس والإعلام وقول لو التحرش حاجة غريبة..

إيه أكتر شتايم وإهانات؟ إهانات بالأم.. مش كده؟ الأب ساعات بييجي نصيبه في شتيمة ولا اتنين.. لكن القوة تكمن في إهانة الأم (أو الأخت في بعض الدول العربية).. والغريب إن ده مقبول لكن "التحرش لأ"

مقبول إننا عادي جدا نبقى كل اللي بنتفرج عليه في الماتشات هو المشجعات.. لكن "التحرش لأ"

مقبول إن في بيوتنا نهين ونحتقر الأم والأخت لكن "التحرش غلط"..

مقبول إننا نقول للبنات يلبسوا إيه ومايلبسوش إيه.. عشان الرجالة ماتعاكسهمش.. مقبول إن يبقى فيه عربية للسيدات في المترو وإلا القانون ماينفعش يحميهم..

والظريف إن مجتمعات الصفوة فاكرين إن "المتحرشين مش موجودين هنا على تويتر.." و"إنت فاكر المتحرش هيقرا كلامك على فيسبوك؟" وما إلى ذلك من الاستخدام الاسترشادي للمخ!

المتحرش مريض.. المتحرش ظروفه صعبة.. لازم نقضي على التحرش... لا يا شيخ؟

إيه اللي يخللي التحرش غريب وغير مقبول في مجتمعنا وإحنا تقريبا كل حاجة حوالينا بتساعد وتدعم وتؤيد التحرش؟ (وعشان التوليفة تكمل لازم بعض "الشجب")!

طول ما الست أقل لأنها ست وطول ما البنت هي مجرد شكل طول ما هفضل خايف على بناتي وإخواتي من التحرش.. وفي نفس الوقت مستغرب إدانة بعض أفراد المجتمع ليه..

حاجة غريبة قبولنا للتعامل مع نص المجتمع على إنهم أقل وأغبى وأقل كفاءة.. بس أحلى!!.. وقال إيه "التحرش لأ"!

Wednesday, June 6, 2012

ابن الملك

احتفلت الملكة إليزابيث الثانية باليوبيل الماسي على توليها الملك على بريطانيا.. الاحتفالات كانت ضخمة في أماكن كتير وآلاف من الناس كانوا عند قصر باكنجهام عشان يستنوا الوقت القصير اللي فيه الملكة هتطلع من بلكونة القصر تشاور للجماهير الكبيرة اللي جاية تحييها وتتمنالها ملك أطول..

مشهد غريب.. يمكن مشهد غريب شوية على بعض الشعوب اللي مافيهاش ملكية.. شعوب عندها نظام جمهوري.. مافيش حد بيمتلك الأراضي (طبعا ملكة إنجلترا "تمتلك" كل حاجة).. شعوب عندها رئيس جمهورية زيه زي أي حد من الشعب (قال يعني!)  :).. يتغير كل فترة ويرجع يبقى مواطن عادي..

إيه اللي يخللي البريطانيين محتفظين بالملكية؟ إيه اللي مايخليهومش يقولوا لأ مش عايزين ملكة تورّث الملك لابنها أو حفيدها؟

الإجابة على السؤال ده مش بسيطة.. الإجابة على السؤال ده معقدة بنفس تعقيد التاريخ والجغرافيا والحروب والمناصب.. والفلوس والمصالح والمعاهدات.. لكن لو افترضنا وجود إجابة مباشرة تكاد تقترب من السذاجة هنقول: لأن ببساطة الملكة تملك ولا تحكم.. فيه رئيس وزرا "يشيل الطين" و"يُنتقد" وكده :)..وتفضل الملكة ملكة..

لكن الإجابة اللي يمكن تكون أقرب للحقيقة هي فكرة إن بريطانيا مستفيدة من الملكية.. إحنا مش ممكن نتخيل عائد السياحة اللي بييجي من الناس اللي جايّة تتفرج على قصر باكينجهام وقلعة ويندسور وتغيير الحرّاس وكل الرونق والجمال والعظمة اللي بتحيط بالعيلة المالكة.. الملكة في حالها.. سيدة محترمة كبيرة في السن عندها كل حاجة تمتلك كل حاجة.. في حالها.. مش بتضايق حد.. وكل كريسماس أو في المناسبات المهمة بتلقي خطاب وخلاص..


فكرة البشرية عن الملوك فكرة باظت مننا! ضربت..! كنا فاكرين إن إحنا فاهمين يعني إيه ملك.. بس هربت مننا!..

ملك الكوتشينة (أو الشايب)؟ شايب! كارت زي كروت كتير.. يمكن له قيمة أكبر.. لكنه برضه مجرد كارت زي الباقيين.. ملك الشطرنج أنيل! يادوب يتحرك خطوة واحدة.. طول الوقت مشيلك همّه عشان مايتّاكلش..

والأفكار ده يمكن تكون السبب في فكرتنا اللي باظت عن الله سبحانه.. الله اللي هو مالك الملك.. الله سبحانه اللي هو ملك كل الملوك.. اللي صنع كل الدنيا.. اللي بالفعل يمتلك مش بس كل حاجة.. ده بيمتلك فكرة الامتلاك.. بيمتلك كل فكرة!

ممكن نكون اتعاملنا مع الله سبحانه على إنه مجرد كارت ممكن يكسّب.. يكسّب في امتحانات أو انتخابات! على الرغم إن الله سبحانه ماينفعش يُقارن بحد..

ممكن نكون اتعاملنا مع الله سبحانه على إنه ملك الشطرنج اللي ياحرام بيتحرك خطوات قليلة وعلينا إحنا إننا نحميه وندافع عنه.. ونشوف مين مش مؤمن بربنا ونكفرّه ونعرّفه "غلطه"..

وبرضه ممكن نكون اتعاملنا مع ربنا على إنه مصدر افتخارنا.. زي ملكة إنجلترا.. هو اللي بيدّينا وجاهة اجتماعية.. ماهو مش معقول الناس تقول عليّ مش مصدق في وجود ربنا..


من الحاجات الغريبة إن اللقاء اللي عملوه مع الأمير ويليام (حفيد الملكة) المحاور سأله فيه: "أنا عارف إن المقابلات الشخصية اللي بتتقابلها مع الملكة قليلة.. لكن احكيلنا إيه تأثير المقابلات دي عليك؟"..

قليلة؟ طبعا.. ليه هو أنا كنت فاكر إنه هيكلمها في التيليفون "تيتة.. أنا خلصت الدرس.. هعدّي عليكي قبل ماأروّح بيرمنجهام" ؟ وهي تقوله "ماشي عدّي عليّ يا ويليام يا حبيبي.. كده كده كنت عايزة أبعت شوية حاجات لماما"!


لكن..
مع ملك الملوك الوضع مختلف.. أقدر آجيله في كل وقت.. في أي وقت.. أقدر أكون زي ابن الملك اللي يدخل للملك في أي وقت.. ابن الملك اللي مسموح له يتدلع ويطلب اللي هو عايزه.. ابن الملك اللي بيقول للملك يا بابا..ولازال بيحترمه ويحبه..

الملك ملك.. الملك عارف إنه ملك.. سواء أنا عارف كده أو لأ.. كل الفرق هو فيّ أنا.. أنا أبقاله إيه؟ مجرد حارس؟ وزير؟ واحد من رعاياه؟ خدام؟.... ولا ابنه؟