Tuesday, October 16, 2018

ولا بيفهم في الكهربا


تعامُلنا مع المعلومات أو الشائعات اللي بتخص حد نعرفه غالبًا بيكشف جزء كبير عن الشخص ده، بغض النظر عن مدى صحَّة المعلومة أو إنَّها مجرَّد إشاعة. استبعادنا لصَّحة المعلومة كُوم، وأسباب الاستبعاد دي كوم تاني. يعني مثلًا لو حد قاللي إن حد من أصحابي سرق مليون جنيه وأنا استنكرت واستغربت وقلت إن اللي بيقولوا كده مُغرِضين ووحشين وعايزين يبوَّظوا سمعته بأي طريقة – لحد كده كويس، لكن لو أسبابي هي إن مليون جنيه مبلغ كبير وإن صديقي ده عمره ما يسرق مبلغ كبير كده، يبقى الموضوع مختلف!

من الحاجات المُحزِنة جدًّا إن في بعض المرَّات بيكون استبعادنا لمدى منطقيَّة معلومة أو شائعة عن عمل مليان شر بيكون استبعاد للطريقة! بنستغرب مدى سذاجة تنفيذ الشر ومش بنستبعد فكرته.. يعني يقتل آه، لكن معقولة يقتله بالطريقة دي؟ لأ، هو مش بالعبط ده!

image source
فكرة ’السُمعة‘ فكرة رهيبة ومخيفة جدًا.. شخصيَّة ومواصفات وتوجُّهات وآراء بتتبني وتتلاحظ وتتشاف سنين وسنين وسنين، لغاية ما ييجي يوم وحد يرُد على معلومة دفاعًا عنك ويقول: لأ، فلان مش ممكن يعمل كده.. أو يقولوا: لأ، مش بعيد يكون عمل كده.. وأنا شايف إن ده محك مهم، يمكن يكون أهم شويَّة من صحَّة المعلومة نفسها. 

لكن المصيبة مصيبتين لمَّا تكون السُمعة هي سُمعة الشرِّ الذكي، ويكون ده الدفاع الوحيد عند المدافعين اللي بيقولوا: هو مش عبيط عشان يخونها من غير ما يكون عامل احتياطاته، أو هي مش غبيَّة عشان تسرق من غير ما تشيل البصمات! كما لو إن فكرة الشرّ نفسها وخروجها من الشخص ده مش غريبة، لكن الخناقة على التفاصيل!

زي بالضبط حكاية: اِلحق بسرعة، سيِّد الكهربائي بيعاكس بنت في منطقتكم، فيرد ويقوله: يا عم بس ما تقولش كهربائي! ده لا كهربائي ولا يفهم في الكهربا!

Saturday, October 13, 2018

أربع دقايق وتلاتة وتلاتين ثانية

لما أصحابنا بيثقوا فينا لدرجة إنهم بيشاركونا مشاعرهم ومخاوفهم، ساعات كتير بحُسن نيَّة مش بنعرف نرد إزاي. مش بنبقى عايزين نقول معلش ولا عايزين ننصح. بنحاول مانقارنش المشكلة أو التخوُّف أو القلق بحاجات تانية أصعب على اعتبار إن اللي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته
 
لكن مرات قليلة قوي اللي بنعرف نساعد، ولما ساعات بنحط نفسنا مكان الصديق اللي بيسمع المشكلة مش بنعرف لو مكانه هانقول إيه
 
اللي بيفضفض ده بيكون عايز يقول حاجات كتير، حاجات عميقة ومهمة وصعبة، لكن يا ترى بيكون عايز يسمع إيه؟ يعني بعد ما قال كل اللي جواه، منتظر يسمع إيه؟
 
listen!
لو فيه أغنية أو مقطوعة موسيقيَّة ينفع أرد بيها على حد فضفض بمشاعره ليَّ، يا ترى إيه المقطوعة دي؟ موَّال يشكي هموم الناس؟ ولا لحن سريع مُبهِج مشجِّع؟ ولا مزِّيكا هادية تطمِّنه؟
 
مقطوعتي المفضَّلة اللي أحب أسمعها لو شاركت حد من أصحابي بمشاعر صعبة هي مقطوعة اسمها 4 دقايق وتلاتة وتلاتين ثانية، ودي مقطوعة ’كتبها‘ جون كيج سنة 1952، وهي عبارة عن تلات أجزاء من غير ولا أي آله ما تعزف فيها! وكانت فكرته وقتها إن ما فيش حاجة اسمها ’صمت كامل‘، حتى لو ما فيش آلات بتعزف. كان عايز يشجَّع الناس تسمع بإنصات لكل حاجة حواليها حتَّى لو ما فيش كلام بيتقال أو لحن بيتعزف
 
الفكرة في المقطوعة دي كان مصدر جدل كبير، وتساؤلات عن إمكانيَّة إعتبار السكوت مزِّيكا، وسواء اتفقنا أو اختلفنا عن مدي موسيقيَّة المقطوعة دي لكن متهيَّالي كل حد بيفضفض بيكون محتاج حد يسمع، حد يسمع في صمت وتركيز شديد، حد يسمع من غير ما يكون بيجهِّز ردود أو نصايح أو تشجيع أو توبيخ
 
أنا كمان محتاج أطلب من كل حد بأفضفض ليه إنه يكون بيسمع بس، من غير ما يكون تحت حِمل إنه يفكَّر في رد