Thursday, December 26, 2013

الكريسماس والتفاصيل

التفاصيل الصغيرة مهمة.. مهمة خصوصا لو بتوضح وتكمل الصورة الكبيرة.. اللي بيتكلم عن جدعنة أصحابه أو شطارة عياله أو ذكاء مديره عادة بيقول شوية تفصيلات صغيرة ممكن تبان تافهة لكنها بتساعد في تشكيل الصورة الكاملة اللي عايز يوصلها..

لكن الخوف كل الخوف إن التفاصيل الصغيرة تاخد حيز أكبر وأهم من الحيز اللي المفروض تاخده.. وتبدأ التفاصيل دي تاخد مساحة تغلوش وتلخبط وتضيع القيمة الأساسية للحاجة.. البنت اللي مهتمة بكل تفاصيل الفرح والزينة والدعوات والأكل والفستان لكن نسيت تختار الإنسان المناسب اللي هاتتجوزه غالبا ندمها هايكون أشد من اللي اختارت صح وفاتت عليها شوية تفاصيل..

احتفالاتنا بعيد ميلاد المسيح تشبه شوية القصة دي.. كتير مننا بنهتم بالتفصيلات الصغيرة الحلوة دي.. شجرة الكريسماس رمز ديني ولّا لأ؟ بابا نويل ثقافة غربية دخيلة وتهديد للهوية المصرية ولّا لأ؟ نلبس أنهي درجة من الأخضر والأحمر؟ ونقول Merry Christmas  ولّأ Happy holidays؟ طب لو كتبناها نكتبها Christmas ولّا Xmas؟ ولّا نكتبها CHRISTmas؟  السيد المسيح اتولد في البرد والشتا ولّا لأ؟ وليه الشرق بيحتفل في 7 يناير والغرب 25 ديسمبر؟ وإيه فرق الحسابات؟..


تفاصيل جميلة ولطيفة.. وبتغلوش!.. بتغلوش على حدث أعظم وأهم من إنه يتغلوش عليه.. حدث فيه إعجاز مش بس في طريقته بولادة السيد المسيح من مريم العذراء.. لكن إعجاز في فكرته.. فكرة إن تضحية الله الخالق ورحمته ومحبته وعظمته وقداسته مابقوش مجرد أفكار مجردة.. مش مجرد حاجات حلوة نعرفها عن ربنا.. لأ.. ده التضحية والمحبة والعظمة والقداسة دول بقوا لحم ودم.."كلمة" الله و"فكر" الله بقوا ملموسين.. باينين.. واضحين.. في السيد المسيح..

خسارة لما نتلهي في التفاصيل وننسى العبقرية والإبداع والتضحية والحب الي ورا الحدث ده.. محبة ربنا وتضحيته وعظمته وقداسته المتجسدة في المسيح يخلوني أنحني احتراما وأنسى كل التفاصيل!

Thursday, July 25, 2013

الجوع مش كافر

نكتة معروفة عن راجل كانت مراته بتحب النكد زي عينيها.. اقترح عليها إن سبت واتنين وأربع يبقى نكد.. لكن يجربوا حد وتلات وخميس تبقى أيام عادية.. الراجل اقتراحه كان معقول.. رجع من الشغل يوم تلات لقاها قاعدة تغني "بُكرة النكد..بُكرة..بُكرة النكد..بُكرة"

سهل جدا تضيع مننا الاتجاهات.. او نبص على البوصلة الغلط..أو نبص على البوصلة وبس كما لو إن البوصلة نفسها هي محطة الوصول.. نستهلك كل تركيزنا في البوصلة وننسى السكة.. نتبسط  بالوسيلة ونتعامل معاها كما لو إنها كل حاجة.. نتبسط بجدول النكد ونقضي اليوم اللي المفروض من غير نكد نتكلم عن ال plans للنكد بتاع بُكرة..

الموضوع مش بس في حكاية زي الانتخابات والصناديق.. طبعا الموضوع ممكن يوصل للتطرف بتاع "أنا ناجح في الانتخابات.. يبقى أعمل اللي أنا عايزه" ..لكن حتى في العبادات والتعاملات اليومية..

كام مرة وقت الصيام (أياً كانت معتقدات أو ديانة اللي صايم) كان فيه التركيز على الأكل؟ سواء التركيز على "هانفطر فين؟" أو"هانتسحّر مع مين؟" أو "إيه أحسن عروض وجبات؟" أو"هل الكنافة بالمانجة بدعة؟" وغيرها من المناقشات؟..

مش بس كده..لكن ساعات اللي صايم بيفتخر بإنه "مش جعان".. وإن الموضوع مش صعب زي ما مُتوقّع.. وبرضه التركيز على الأكل..(حتى لو ده ساعات بيبان على إنه كلام روحاني بقى وإن الصايم ده زاهد ومش فارق معاه الأكل)..

أتسحّر إيه عشان ما أعطشّ بسرعة؟.. وأفطر مع مين عشان أتبسط أكتر؟.. أطبخلهم إيه عشان أول مرة يزورونا؟ وغيرها من الاهتمامات اللي في حد ذاتها مش غلط لكنها سهل قوي تكون بتتنافس مع الهدف الأسمى للصوم..

لازلت بأتكلم عن الصوم كعبادة مشتركة في ديانات كتير.. وطول ما هدفي وقت الصوم إني "أعمل إيه عشان ما أجوعش قوي؟".. يبقى إيه الفكرة؟..

الصوم مش تعذيب للجسم.. ولا هو تدريب على التحكم في النفس.. ولا هو ممارسة عشان أحس باللي ماعندوش أكل.. الصوم ببساطة هو إعلان إني كإنسان مستعد إني أتخلّى عن حاجة من احتياجاتي الأساسية وهي الأكل في سبيل إني أعبّر للخالق على إنه هو الوحيد اللي يقدر يحافظ على حياتي ويقويني.. بأعلن إني مش أنا اللي متحكم في حياتي.. مش أنا اللي بمنتهى البساطة لما أجوع أقوم أفتح التلّاجة وأسدد احتياج جسمي.. وإني مش محتاج حد.. الصوم هو كإني بأرجع تاني طفل معتمد كل الاعتماد على أبويا وأمي عشان يسددوا احتياجاتي البسيطة.. بأرجع أعلن لربنا إنه هو الوحيد "الأب والأم" اللي يعرف يرعى ويسدد الاحتياجات..

عشان كده متهيألي إن وقت الصوم الجوع هو من أهم الحاجات.. وقت الصوم الجوع مش كافر.. بالعكس.. أعتقد إن الجوع مؤمن قوي.. الجوع هو اللي بيفكرني إني مهما عليت وبقيت حد مهم فأنا لسة مخلوق.. لسة محتاج تسديد احتياجات زي احتياجي للأكل والشرب.. وقت الصوم أنا بأفكّر نفسي إن لي رب بيسدّد الاحتياجات.. بيدّي خير..بيحمي ويشجع ويسند.. رب مش بينساني.. رب عارف إني بأجوع وأعطش.. وإني بأختار وقت الصوم إني كمان أجوع وأعطش مش بس لأكل وشرب.. لكن أجوع وأعطش لقُرب منه.. أفكّر نفسي إن التلّاجة مش هي مصدر الأمان..

وقت الصوم كل ما الواحد يجوع كل ما سهل عليه إنه يفكّر نفسه هو صايم ليه..صايم عشان مافيش أي حاجة تنسّيني إني محدود وإن اعتمادي واتكالي على رب حنيّن هو اللي طول الوقت مغرّقني خير وبركة.. الجوع مش كافر.. بالعكس.. الجوع وقت الصوم هو أحسن حاجة تفكّرني بربنا اللي أنا مؤمن بيه..

Saturday, June 22, 2013

ثم إنه

على الرغم من إن تعبير "الإسطوانة المشروخة" هو تعبير مقترن بحاجة سلبية لكن فكرة الإسطوانة المشروخة واللي فيها نفس الجزء من المزيكا بيفضل يتكرر طول الوقت هي فكرة ممكن نشوفها من جانب تاني..

فكرة إننا نكون بنتناقش عشان نوصّل وجهة نظرنا هي فكرة محتاجة تدريب.. مش حاجة تلقائية بنتولد بيها (أكيد يعني).. لكننا كتير بنستخدم طُرق بتخلينا نخسر المناقشة وبكل سهولة.. ساعات كل المطلوب عشان أكسب مناقشة منطقية بيكون "إسطوانة مشروخة"..

بمعنى إن في أغلب الأحوال بتكون فيه نقطة واحدة محورية بيدور حواليها النقاش.. نقطة واحدة أنا محتاج أوصلها للي قدامي.. مش أكتر.. لكن اللي بيحصل إني ممكن ساعات أنزلق (مش عارف بأجيب الكلام ده منين) ممكن أنزلق لأفكار جانبية قال إيه عشان أوضح موقفي أو أأكد رأيي..

يعني مثلا هل إنت عايز تمشّي مسئول في الدولة عشان "بيتكلم إنجليزي وحش"؟ أو "رافع البنطلون لحد زوره"؟.. على الرغم إن ممكن النقط دي تكون حقيقية لكنها بتفقد الحوار منطقيته.. اللي بيبان إني افترضت إن اللي قدامي ده "أي كلام" وبما إنه أي كلام فأنا هاأتطوع أوضح هو أي كلام في كل مجالات الحياة.. ساعات كل اللي محتاجه بيكون إني أقاوم "إغراء" إني أتكلم عن نقط تانية "غايظاني" في الشخص ده لأن التركيز هو على فكرة "إنه مش كفء للوظيفة".. بس.. حتى لو بيتكلم إنجليزي لبلب ولابس البنطلون للمستوى المتعارف عليه مجتمعيا :) :)..

الحكاية دي بتبان جدا في حكاية "ثُم إنه" (وبعدها أي جملة).. أهي "ثم إنه" دي هي الحاجات اللي بأبقى فاكر إني بأضيفها للمناقشة عشان أقوي الحُجة.. لكن اللي بيحصل إنها بتشتت المناقشة.. ويبدأ اللي قدامي يدافع عن فكرة "الإنجليزي" و"البنطلون" ويخرج النقاش عن مداه خالص..

"دمهم تقيل" و"فاكرين إنهم الوحيدين اللي عارفين ربنا" و"مش بيفكروا" و"متغاظين من برامج التوك شوز".. هل هي دي الأسباب اللي عندك؟ "شبه عم شكشك" و"وشّه تحس إن فيه واحد قعد عليه وهو صغير" و"عنده لُغد" و"أقرع".. مش ده تهريج؟

اللي بيقول 50 نكتة منهم 30 حلوين غير خالص اللي بيقول 30 نكتة كلهم حلوين.. وفي المناقشات أعتقد إن الموضوع متشابه.. لو عندي نقطة واضحة بأتكلم فيها وبناء عليها بأطالب إن مسئول معين يمشي ولتكن "عدم الكفاءة" ما ينفعش أضيف عليه كام نكتة بايخة وأنا فاكر إنه "أهو كله خير"..

تدريب مش سهل إني أركز في مناقشاتي على نقطة واحدة بس.. أحاول أحللها وأوصّلها بعمق.. بدل ما كل كلامي يبقى "ثُم إنه"..

Monday, June 17, 2013

الشمسية

في قرية صغيرة كان الاعتماد الأكبر على ميّة المطر عشان الناس تزرع وتلاقي أكل.. وكان بقالهم وقت كتير مستنيين المطرة لكن ماحصلش.. الناس كلها كانت بتحلم بالمطر فقرروا يتجمعوا ويدعوا ربنا ويمارسوا طقوسهم الخاصة على قد ما يقدروا عشان الدنيا تمطر.. كان حلمهم حقيقي إلا إن بنت صغيرة كانت مصدقة في الحلم وفي إمكانية إنه يتحقق أكتر من أي حد فيهم.. في اليوم اللي قرروا يتجمعوا فيه منتظرين المطر البنت دي كانت الوحيدة اللي جات ومعاها "شمسية"..


في أحلامنا الشخصية أو أحلامنا لبلدنا بالتغيير بنعرف نحلم.. بنعرف نتخيل الوضع من غير حاكم ظالم أو مش كفء.. معظمنا عارفين إحنا "مش عايزين" إيه.. وفي سعينا إننا نمشّي رئيس أو وزير أو مسئول مش قايم بدوره غالبا مش بنبقى مصدقين للآخر إن الحلم ممكن يتحقق..

بنعرف نحلم أحلام كبيرة.. بنقول إن من حقنا ديمقراطية وحرية وعدالة ونضافة ومستوى معيشي كويس.. عارفين إننا ينفع نكون بلد كويسة.. عارفين إن عندنا موارد وإمكانيات طبيعية وبشرية نقدر بيها ننافس في مجالات كتير.. لكن وسط أحلامنا الكبيرة مش دايما بنكون مصدقين للآخر إن الحلم ممكن يحصل.. إذا مصدقين إنه هايتحقق طب ليه مش دايما معانا "شمسية"؟.. ليه مش دايما شايفين إن الفاسد هايمشي وبعدها....آآآ وبعدها.... آه مش مهم بعدها.. خلينا بس نخلص منه!.. على الرغم إن "الخلاص منه" في حد ذاته إنجاز لكن لو أنا مصدق فعلا إننا هانخلص منه فين باقي حلمي؟ فين حلمي بالمرحلة اللي بعد كده؟ فين علامة إن حلمي منطقي وهايحصل وآدي الشمسية اللي هاأستخدمها لما المطرة تغرق الدنيا وتجيب الخير للأرض؟

في التواصل عن طريق اللغة مش كل سؤال غرضه الاستفهام.. وطبعا السؤال ممكن يكون هو هو لكن هدفه مختلف.. أنا هنا مش بأقول "فين البديل؟" كأني بأطرح سؤال استنكاري.. كما لو إني بأقول "على فكرة مافيش بديل فخلينا زي ما إحنا" ولا بأقول "أهو ده أحسن من غيره".. أنا هنا بأسأل سؤال غرضه الاستفهام فعلا.. "فين البديل؟"

اللي بيحلم إنهم يكلموه عشان يروح يعمل مقابلة شخصية لشغل جديد مش كفاية إنه يكون بيقول "يا رب يكلموني إن شالله في نص الليل وأروحلهم على طول".. اللي بيقول كده لو فعلا مصدق في الحلم هايكون على الأقل مجهّز البدلة اللي هايلبسها وطابع ال CV بتاعته.. إلا بقى لو حلمه هو مجرد حاجة بيتمناها لكنه غالبا مستبعدها..

أعرف ناس من كتر تصديقهم لحلمهم بيتصرفوا كما لو إن تحقيق الحلم هو مسألة وقت مش أكتر.. الناس دي من الذكاء بحيث مش بيضيعوا وقت.. مش مستنيين "يا سيدي أهو بس يمشي ونبقى نشوف".. لأ.. الناس دي "بتشوف" من بدري.. ويمكن مازال الحلم ما اتحققش..

خوفي إن على الرغم من شرعية الحلم بالإزاحة (حلوة الإزاحة دي) بمسئول غير كفء إلا إن "شرعية" الحلم مش كفاية.. المصيبة إن الحلم لما يتحقق مايلاقيناش جاهزين.. تجيلي فعلا مكالمة التيليفون عشان المقابلة الشخصية وأقعد ألف الدنيا كلها عشان أطبع ال CV.. شعب بحاله يطيح (زي إزاحة كده) بمسئول سَكّة لكن "يتوحل" يعمل إيه بعد كده..

أسوأ الأحلام هي الأحلام اللي بتتحقق لناس مش مستعدة.. ساعتها ياريت الحلم ما يتحقق!.. بدل ما يجيلنا الحلم شخصيا ونلاقي نفسنا بنقول "لا مؤاخدة يا حرية.. إحنا مش مستعدين.. ما كنّاش فاكرين إن الموضوع جد وإن حضرِتك ممكن تشرَّفي".. "الحقيقة كنا بنحلم بالمطرة.. بس ما صدقناش قوي في الحلم"!

مش الشمسية هي اللي هاتجيب المطر.. لكن لو أنا مصدق قوي إن حلمي على الأبواب هايكون سهل عليّ إني أستعد كما لو إن المطرة جاية جاية.. ساعتها إني أروح أشتري شمسية ممكن يكون أبسط خطوة أعملها وأنا مستني حلمي يتحقق..

Saturday, April 20, 2013

ألزايمر

إذا كان أغلبنا شكلنا لطيف وشيك ومحترم ومرسومين كده على أحلى صورة ففيه مواقف بتبيّن حقيقتنا وشخصيتنا واقتناعاتنا.. وسواء بقى ازدراء أو عنصرية أو إحساس بالدونية أو إحساس بإني أحسن من الناس فهي كلها حاجات محتاجة أعمق من مجرد مناقشة عابرة أو لقاء تيليفزيوني أو مقال نقراه..

مش بس خناقاتنا اللي بتبيّن جزء أكبر من حقيقتنا.. ومش بس المواقف اللي فيها بنبقى متضايقين أو متغاظين.. ومش بس وقت لعب الكورة اللي فيه كل واحد بيبان على حقيقته.. لكن هزارنا إلى حد كبير بيدُل على بعض اقتناعاتنا..

الملحوظ إننا بدأنا في الكام سنة الأخيرة تريقة أكتر من اللازم على مرضى ألزايمر من غير ما ناخد بالنا.. طبعا اسم المرض ما فيهوش ألف ولام التعريف لكن الألف واللام اللي في الأول هم جزء من اسم الطبيب النفسي الألماني Alois Alzheimer  اللي اتسمى المرض باسمه..

ولأننا مش بنقصد التريقة على العيانين فأنا قلت إن الكتابة عن الموضوع ده ممكن تكون مجدية لأن حُسن النية متوفّر..

لو نلاحظ نلاقي كتير مننا بيسخر من نفسه لما ينسى حاجة.. وتلاقي ممكن الواحد يقول "معلش بقى.. الزهايمر" ناسيين إن التشخيص ده في حد ذاته تشخيص مؤلم وبيغير حياة المريض وعيلته بشكل كبير..

ودي مجرد واحدة من مجموعة تعليقات كتير مش بس على مرض ألزايمر لكن على برضه الأمراض النفسية فبنلاقي مثلا لما حد يقول "أنا شكلي كده محتاج دكتور نفسي" تلاقيه بيقولها كما لو إن الرد الطبيعي "ليه بس؟ ده إنت زي الفل".. الظريف إننا بنستغرب لما كتير من الناس اللي بالفعل محتاجة مساعدة نفسية متخصصة مش بتطلب المساعدة دي.. ببساطة لأننا فضلنا نغذي فكرنا وفكر اللي حوالينا إن الاحتياج لمساعدة نفسية هو "للمجانين".. والدليل إننا عمرنا ما بنقول ده على أمراض تانية.. عمرنا ما بنسمع حد بيهزأ واحد صاحبه ويقول له "يابني أنت محتاج تتعالج.. لازم تروح لدكتور أنف وأذن"..

ومننا كتير يا إما قالوا أو سمعوا جملة "بعد السنتين اللي فاتوا دول الدكاترة النفسيين هايشتغلوا هايل".. وعلى الرغم إن الجملة المفروض تكون صح وحقيقية لكن وضعها في إطار سخرية بيخلّي حتى الشخص اللي حاسس إنه محتاج دعم طبيب نفسي متخصص عشان يساعده في فترة إحباط أو فشل أو إحساس عام بالضعف بيخليه "يضحك" و"يتريق" مع اللي بيتريقوا و"يحط مشكلته على رف النكت" على الرغم إن مشكلته لسّة موجودة..

وقتها مش هنكون بنفرق كتير سنة 2013 عن اللي كانوا بيعملوه في إنجلترا مع نهايات القرن السبعتاشر لما كان الناس ممكن يقطعوا تذاكر (تمنها قرش) ويروحوا يتفرجوا على المرضى العقليين في مصحة بِدلام كنوع من الترفيه!..

إذا كنا لسّة في المرحلة اللي فيها النسيان والتقدم في العمر والاحتياج لمساعدة نفسية متخصصة هي حاجات "عيب" و"مثار سخرية وتريقة" يبقى ما ينفعش نستغرب لما أمراض وتحديات ومشاكل تزيد في مجتمعنا مش بس لأننا مش معترفين بوجودها (يا ريت).. لأ.. ده إحنا بنربط وجودها "بالاستغراب" و"النكت" و"استبعاد إنها تحصل" للناس "المظبوطة"..

"رايحة لدكتور السنان" و"راجع من الدكتور النفسي" و"بأحجز لوالدي في عيادة لألزايمر" المفروض تكون جمل متساوية في القيمة ورد الفعل ونسبة التعاطف.. مع اختلاف نسبة التحدي في كل جملة..