Saturday, January 26, 2013

قمر تسعتاشر

قليلين اللي ممكن مايشوفوش جمال وحلاوة في قمر أربعتاشر..زي النهاردة كده.. يوم كل شهر بيبان فيه أروع شكل للقمر للدرجة اللي فيها بنوصف حاجات كتير وناس كتير حلوة بإنهم ولا قمر أربعتاشر..

لكن كتير مننا بينسوا إن قمر أربعتاشر هو نفس القمر.. نفس القمر بتاع يوم خمسة ويوم تمانية ويوم خمستاشر.. يمكن بنشوفه مختلف يوم أربعتاشر.. يمكن وضعه بالنسبة للأرض والشمس وقد إيه منه بيبان لنا هو اللي بيحدد جماله بالنسبالنا..

أتمنى إني أفضل أشوف مراتي جميلة حتى بعد ما جمالها الشكلي يبان كأنه بيروح.. أتمنى أقدر أشوف في ابني اللي راجع من المدرسة بدرجات وحشة إنه مجرد يوم للقمر غير يوم أربعتاشر.. يوم أنا اللي مش شايف جماله.. يوم هايلف ويرجع تاني ليوم أربعتاشر وأقدر بنظرتي المحدودة أشوف الجمال والحلاوة كاملين مرّة تاني..

بلدنا جايز تكون عاملة زي قمر تسعتاشر.. كانت حلوة.. كانت حلوة قوي.. كانت لامّة عيالها فيها وكانت العين عليها لوقت طويل.. كانت في يوم قمر أربعتاشر.. كانت في يوم التاريخ والحضارة والنضافة.. كانت في كذا يوم التسامح والتنوع والجمال والموضة.. كانت ملجأ لناس كتير.. كانت أمان وجو رائع.. الحاجات دي مااختفتش.. الحاجات دي ماراحتش..

كل اللي أتمناه إن الشهر يلفّ بدري.. ويوم أربعتاشر ييجي تاني.. وأرجع أشوف ابني متفوق وبيعمل اللي نفسه فيه.. أرجع أضحك على أيام كنت فاكر إن القمر شكله مش قد كده.. أرجع ألوم نفسي على ضيق أفقي ونظرتي المحدودة اللي نسيت إن يوم أربعتاشر جاي تاني..

كل مرة هأشوف قمر أربعتاشر مش بس هاأشوف منظر جميل.. لكن هاأشوف لمحة من جمال موجود في القمر على طول.. وبيختار بس يفكّرني مرة في الشهر بإن الحلاوة مش بس في اللي الواحد شايفه قُدّامه.. لكن الحلاوة في اللي مصدق إنه موجود..

القمر قمر.. قمر أربعتاشر أو ستّاشر أو حتى قمر تسعتاشر..

Saturday, January 19, 2013

النور جه


أفلاطون ليه تشبيه مشهور قوي بيوصف فيه حال الإنسانية وبيربطها بالفلسفة أو المعرفة والاستنارة.. التشبيه بيوصف مجموعة من الناس اتولدوا وعاشوا طول عمرهم في كهف ضيق مافيهوش نور خالص.. متربطين من إيديدهم ورجليهم بحيث مايقدروش يتحركوا.. ووشهم ناحية حيطة من الكهف.. مش شايفين أي حاجة غير شوية ضل وأشكال عشوائية بتظهر كل شوية على الحيطة اللي قدامهم..

فجأة.. واحد من الناس دي بتتفك السلاسل اللي رابطاه وبيقدر إنه يتحرك بعيد عن الحيطة دي ويخرج لمكان برّة الكهف.. وفي سكة الخروج دي بيكتشف إن فيه عالم تاني كامل مختلف تماما عن العالم اللي كانوا عايشين فيه.. بيشوف النور اللي جاي من برة الكهف واللي كل شوية كان بيخليهم يشوفوا الظلال اللي على الحيطة..

القصة بتحكي إن الراجل ده بيرجع للناس اللي كان عايش معاهم في الكهف وبيبدأ يحكيلهم عن قد إيه العالم اللي برة مختلف.. قد إيه الحبسة اللي هم فيها مالهاش معنى.. قد إيه النور اللي برة جميل.. مش بيصدقوه.. بيضحكوا عليه.. وفي أحد الروايات بيقتلوه..


الناس دي ماقدرتش تستحمل النور.. ماقدرتش تتوقع الجمال.. ماعرفتش إن ممكن اللي هم فيه يكون فيه أحسن منه.. مش ممكن يكون الراجل دي عاقل.. مش معقول يكون شاف حاجة غير اللي إحنا شايفينه ليل نهار في الكهف..

على الرغم إن مرّات كتير مش بنبقى محتاجين نُخرج من الكهف عشان نكتشف إنه فيه برّة نور.. ساعات بنبقى محظوظين إن النور شخصيا بييجي.. الأمل والرجاء والحياة والاستنارة والفهم بييجي لحد عندنا.. لكن مش بنستحمله.. بنقتله..

"النور جه" جملة بيتبسط بيها الأطفال لما يقولوها.. يمكن عشان الأطفال أقرب للبراءة والنقاء والنور مننا.. يمكن إحنا بنشوف في النور إنه بيفضح.. إنه بيكشف.. إنه بيعلّي المقاييس نلبس إيه ونتصرف إزاي لأن الناس كلها شايفانا.. في حين إن الضلمة ظريفة.. مش مهم لو شعري متلخبط أو لبسي مش مكوي..

الاختيار عندي.. لما النور ييجي أقلق وأخاف من تغيير أسلوب حياتي وأركز في كل حاجة بأقولها وأعملها وأفكر فيها.. أو مستعد إن النور ييجي ينضّف ويطهّر ويجمّل ويغيّر ويحرر.. لكن كده كده النور جه..

Saturday, January 12, 2013

علّم في المتعلّم

مفهوم إن علّم في المتبلّم يصبح ناسي.. لأنك لو بتعلّم واحد مش متابع أو مش مهتم باللي إنت بتقوله أو ماعندوش الخلفية اللي تساعده على فهم اللي إنت بتتكلم فيه مش هاتوصل لحاجة.. لكن التطرف اللي على الناحية التانية هو "علّم في المتعلّم"..

"علّم في المتعلّم" هي فكرة لما الناس تغنّي على بعض.. الاتنين اللي بيتكلموا أو بيتناقشوا عندهم نفس الفكر والرأي والمنهج لكن برضه بيتناقشوا ويتكلموا ويشرحوا.. فاكرين إن اتفاقهم هو نجاح للمناقشة.. فاكرين إنهم عشان هم الاتنين بيهزّوا راسهم تبقى المناقشة فعّالة ونتايجها إيجابية..

الموضوع ده موجود حوالينا في كل حتة.. على القهاوي وفي البرامج التيليفزيونية والمناقشات وتويتر وجوة الكنايس والمساجد وفي معظم المجالات..

فين المشكلة؟.. المشكلة هي إني لما بأتفرّج على برنامج ساخر أو حلقة مناقشة بتتفق مع آرائي بأتبسط.. وبأحس إن الكلام صح ومنطقي.. وبأتريق على أي حد رأيه مخالف.. ناسي إن اللي بيتفرّج على القنوات التانية اللي بتعرض رأي مخالف تماما (ومن وجهة نظري أي كلام) بتلاقي نسبة مشاهدة وجمهور متفق تماما مع الآراء اللي أنا شايفها أي كلام..

من أظرف المطبوعات اللي بأشوفها هي سلاسل "تعلم الأنجليزية بدون معلم" وغيرها من باقي اللغات.. تلاقي الكتيب من دول حوالي عشر صفحات.. الكلام مكتوب بالعربي والإنجليزي.. فمثلا تلاقي كلمة: فلوس – money- ماني..  الغريب في القصة دي كلها إنك لو بتعرف تقرا عربي وناوي تتعلم لغة غالبا مش هاتجيب كتيب يخليك تتعلم الإنجليزية بدون معلّم يا معلّم.. ولو مش بتعرف تقرا خالص يبقى مش هاتعرف تقرا حتى الكتيب ده..

وهنا بنلاقي أكتر تطبيق عملي على النظرية الحديثة اللي سماها المصريين نظرية "حمادة هلال".. طبعا الراجل مالوش ذنب غير إنه وافق يغني الأغنية (إلا لو هو اللي ألف الكلام).. المهم إن تسمية النظرية حديثة لكن النظرية نفسها موجودة من زمان قوي في جمل زي "قتالين قُتلى" و"اللي مايعرفك يجهلك" وغيرها..

مش دايما الإحباط بيبقى لما الناس ماتفهمش.. ساعات الإحباط بيبقى لما كل الأطراف يبقى عندها نفس الرأي.. وبيحاولوا بس يعيدوا ويزيدوا ويجيبوا أمثلة لحاجات هم أصلا مش مختلفين عليها.. فاكرين إنهم بيبحثوا الموضوع وهم مش بيعملوا غير إنهم بيحسّنوا علاقتهم الاجتماعية..

أكتر مثال صارخ على الموضوع ده البرامج الساخرة اللي ليها رأي معروف مسبّقا.. بنبقى فاكرين إن البرامج دي "صاروخ".. و"هاتغيظ" الفلول أو مدعين التدين أو "هاتفتح عينين" المخدوعين أو "هاتقنع" المواطن البسيط.. ناسيين إن في الغالب الفئات دي مش هاتكون بتتفرج على البرامج دي عشان تستفيد.. ممكن تكون بتتفرّج عشان تتريق على المذيع أو تطلع غلطات في الحلقات أو ترتب "ردود" في حلقات في قنواتهم..

فاللي بيحصل إني أنا بأتفرج على اللي بيعجبني.. بس اللي بيعجبني مش بيقدم غير اللي بيعجبني.. فبأتبسط فاكر إن الحياة كده.. وغيري بيتفرج على اللي بيعجبه وهكذا.. وصعب تلاقي المحايد اللي ناوي في كل حلقة يفلتر آراء أو يبهر المشاهد أو يقدم حاجة صادمة تخللي اللي بيتفرج يعيد النظر في رأيه..

بتضحكني قوي جملة "للصعود فقط" اللي على أبواب المترو.. اللي واقف مستى المترو على الرصيف بيفترض إن أي باب هو للصعود.. أُمال هايبقى باب إيه؟ خصوصا إن اللي واقف مستني المترو مايقدرش يعمل حاجة في الباب غير "الصعود".. ودايما شايف إن ده بيلخبط أكتر لأنه بيخللي الواحد محتاج يقرا كل اللي مكتوب على الأبواب في حين إنه لو بس مكتوب "ممنوع الصعود" على أبواب معينة ده ممكن يسهل الدنيا.. فجملة زي "للصعود فقط" لا هي مفيدة للي جوة المترو لأنه مش شايفها ولا للي برّة المترو لأن الطبيعي إنه "يصعد".. 

ومن الحاجات اللطيفة برضه اللي لفتت نظري في المشروع الجديد بتاع الكافيه الإسلامي هو إن مافيش مزيكا بتتذاع.. لكن بتتذاع خطب وكلام عن أهمية الحجاب والالتزام الديني وما إلى ذلك.. طيب لما إنت كل اللي داخل الكافيه أصلا لازم يكون فيه المواصفات دي يبقى إيه الفايدة؟

لو في الكنايس الناس مش بتتكلم غير عن قد إيه كويس إن الناس تروح الكنيسة أو تصدق في ربنا.. أو لو في المساجد عن قد إيه كويس إن الناس تروح تصلي في المسجد.. إيه الفكرة؟ ما المستمع موجود فعلا.. ولو في البرامج الساخرة فاكرين إننا "بنحلل" مشاكلنا نبقى غلطانين.. لأن اللي بيتفرج على البرامج دي موافق من الأول على فكرك .. ولو مش موافق مش هايتفرج..

وتبقى كل القصة في النهاية ناس بتغني وترد على بعض فاكرين إننا بنوصل لنتيجة على الرغم إن كل اللي بنعمله هو إننا "بنعلّم في المتعلّم"!

Saturday, January 5, 2013

سونار



طمنني يا دكتور
اتطمني يا مدام.. عندي ليكي خبر هايل
آنسة من فضلك..
آنسة؟ طب عندي ليكي خبر زي الزفت!


معجزة؟ معجزة إيه؟ لأ يا عم.. بلاها المعجزات اللي محتاجة شرح دي.. المعجزات اللي ماحدش هايصدقها..

أكتر من نص سكان الكرة الأرضية بيجلّوا ويقدروا ويحترموا السيدة العذراء والدة السيد المسيح.. وسواء مسيحيين أو مسلمين إلا إن فيه مكانة خاصة في القلوب لبنت وافقت إنها تكون بتستقبل معجزة من عند ربنا.. لكنها معجزة محتاجة تبرير وشرح.. معجزة مكلّفة مش بس في آلام حمل وأوجاع مسئولية لكن كمان في نظرات غريبة من ناس عارفة إن مريم ماكانتش متجوزة وإن فكرة إنها تبقى حامل من غير جواز هي فكرة غريبة ومش مقبولة..

الأيام دي وقت احتفال الشرق بعيد ميلاد السيد المسيح.. ومع التركيز المنطقي على الطفل المولود اللي جه برسالة المحبة والسلام للعالم كله ماينفعش الناس تكون بتنسى التضحية اللي قدمتها السيدة العذراء..

الموضوع مش ببساطة إن فتاة عادية بقت حامل من غير جواز ومنها جه السيد المسيح.. الموضوع أكبر من كده.. ده واحدة كانت مستعدة إن المعجزة تحصل من خلالها وإن رسالة السلام توصل عن طريقها حتى لو دفعت التمن استغراب الناس وتساؤلاتهم ونظرات شك في عينيهم..

والنهاردة وأنا متوقع معجزات في حياتي وعلاقاتي وبلدي وعيلتي غالبا مع كل معجزة بتيجي مسئولية.. بيبقى فيه تمن.. مش كل المعجزات سهلة وبسيطة وتخلي الناس تنبهر وتصقف.. معجزات كتير "بتكسف".. معجزات كتير ناس بتتمنى إنها ماتحصلهمش..

مع تمنياتي لمعجزة تحصل في حياتي سواء على المستوى النفسي أو العلاقاتي أو الجسماني أو يمكن على المستوى الاقتصادي في بلدي أنا محتاج إني أدرب نفسي إن عليّ دور ومسئولية في استقبال المعجزة.. مش كفاية إني أكون مخلص وأمين في صلواتي ودعواتي.. لكن التكلفة مرات بتبقى كبيرة.. ويمكن فيه علاقة بين حجم التكلفة وحجم وتأثير المعجزة..

المعجزات اللي ممكن تحصل في حياتي وفي عيلتي وفي بلدي يمكن تكون على الأبواب.. بس منتظرة إني أكون مستعد وعايز أدفع التمن.. ويمكن أفضل حاجة أعملها وأنا منتظر معجزة هي إني أجهّز وأدرّب نفسي إني أكون على قد المسئولية..