Monday, October 29, 2012

الله يخرب بيتك

وإحنا صغيرين كان السؤال الأزلي بتاع "عايز تبقى إيه لما تكبر؟" والإجابات "النموذجية": ظابط – دكتور – مدرسة .. وعلى الرغم من إن معظمنا ما كانش يعرف أصلا هو عايز يطلع إيه (فما بالك بالسبب هو عايز يطلع دكتور ليه) فكنا عادة بنقول حاجات زي كليشيهات كده عن الأسباب.. دكتور عشان أخفف أوجاع المرضى (وطبعا الطفل مش فاهم في الجملة دي غير كلمتين: "دكتور" و"عشان") ولو ظابط عشان أحمي بلدي.. والمدرسة طبعا عشان تربّي أجيال.. ما حدش بيكون في ذهنه الأسباب الشريرة بتاعة "عشان أسرق كِلية" أو "أسحل المتظاهرين" أو "أحلق للطلبة" إلا إن عامل مشترك بيجمع بين المهن دي هو فكرة "التحكم".. وفكرة التحكم أو ال control  وإن التانيين هيسمعوا كلامي مش نابعة (حلوة نابعة دي) من محبة العيانين والمواطنين والطلبة ليّ.. لأ.. ضمنيا كده نابعة من فكرة إنهم شايفين إن معايا "حقنة" أو "مسدس" أو "عصاية" (وحديثا "مقص")..

ولأننا كأطفال شايفين الجزء بتاع "سلطة" الأب أو المدرس أو الدكتور متضخمة شوية مش بنقدر نشوف أبعاد تاني.. فبنحس إنه لما ها نبقى آباء لازم نقطع المصروف عن عيالنا شوية.. ماهو مش معقول بعد الغُلب ده نطلع آباء عاديين كده..

لحد هنا والمصيبة مفهومة.. المصيبة الأكبر بقى إن الموضوع ده بيخلينا نشوف ربنا بنفس الطريقة بالظبط.. "الله يخرب بيتك" و"إلهي يحرق قلبك".. "يارب يا شيخ تولع".. "يشيل ويحط عليك".. وكلها "بلاوي" بنحس إنها أحد المهام الأساسية للإله اللي خلق الدنيا دي.. هو اللي بيبهدل الناس ويحرق قلب أمهات على عيالها ويخرب بيوت.. هو اللي بياخد الناس ويعاقبهم لمجرد إنه يقدر.. وسواء التعبيرات دي مقصودة أو هزار وسواء صدقنا فيها أو اعتبرناها زلة لسان إلا إن تكرارها بيثبّت جوانا الأفكار دي..

النهاردة والناس بتتابع أخبار الإعصار في بلاد الغرب شايفين ناس كتير مبسوطة وحاسّة إنه "أيوة كده.. تمام.. عايزين أكتر" في صورة أشبه بطفل صغير بيشجع أبوه إنه يحرم أخوه من رحلة أو المصروف..

الإله اللي أعرفه مش بيخرب بيوت.. الإله اللي خلق الدنيا دي هو اللي بكل تأكيد بيحب مخلوقاته كلها.. إله ودود محب.. إله رحيم.. إله عنده أبوّة لكل الخليقة.. إله شايف صنعة إيديه من أجمل ما يمكن.. إله بيدّي فرص كتير للبشر.. إله بيحترم قوانينه وبيحترم حرية الإنسان واختياراته..

الهلاك هو البُعد عن مصدر الحماية والحب والرحمة.. هو ده الهلاك.. هو ده خراب البيوت..

على الرغم من إدراك معظمنا للحقيقة دي إلا إن ردودنا على اللي بيدعوا على الغرب إن ربنا يحرقهم ويولع فيهم هي ردود مشابهة.. بنرد عليهم بإن "إنتوا كمان ربنا ابتلاكم بغباوة".. أو "يارب يكونلك إنت كمان نفس المصير" في حين إن دعواتهم هي صرخة واضحة لاحتياج للرحمة والود اللي مش موجودين غير عند ربنا..

الله هو الهادي.. هو الودود.. هو المحب..هو الملجأ والحصن.. هو الحماية.. الله هو البركة والرحمة والتضحية..الله هو القوة الحانية.. هو القدرة والرعاية..هو الأب الحنين اللي ضامم ولاده تحت جناحيه..

دعواتي لكل حد بيتعرض لخطر من الطبيعة أو غيره بالحماية والرحمة.. قلبي معاكم..ولكل حد شايف "إنهم يستاهلوا" برضه قلبي معاكم لأنكم لسّة خسرانين كتير لو مالاقيتوش الود والرحمة في الخالق سبحانه..

وإنت بترد على اللي بيدعوا على الغرب بالخراب والدمار قدّم محبة وتفهّم.. بدل ما رد فعلك يكون "هُم وإنت الله يخرب بيتك"!

Saturday, October 27, 2012

الفكرة في الفكرة

الصورة دي لهدية من أكتر الهدايا المفيدة اللي جاتلي.. زي ما شايفين في الصورة الهدية عبارة عن ستاند على شكل مناخير عشان أحط عليه النضّارة بدل ما أركنها في أي حتة.. وطبعا الموضوع بقى أسهل وما باقيتش أقلق أنسى سِبت النضّارة فين..

فكرة عبقرية.. ما فيهاش أي تكلفة بحث أو تكنولوجيا متطورة أو تقنية معقدة.. مش محتاجة مصاريف ومباني ولجان وقرارات..

وفي حاجات واختراعات ووظايف كتير بتكون كل الحكاية في فكرة جديدة.. اللي بيشتغلوا في الإعلانات والأخبار والتأليف والمزّيكا ومعظم إن ماكانش كل المجالات طول الوقت بيدوّروا على فكرة.. يمكن يلاقوا ناس كتير عندهم استعداد لبذل مجهود.. أو ناس أمينة في الشغل.. أو ناس عندها مهارة عالية.. لكن اللي ما يتقدرش بتمن عادة بيكون "فكرة".. وغالبا بتكون فكرة بسيطة لكن تأثيرها كبير..

على مستوى العالم فيه بحث مستمر على فكرة جديدة.. وإذا كان على الفلوس ففيه شركات وأفراد على استعداد إنهم يدفعوا أي مقابل مادّي في سبيل الحصول على فكرة عبقرية جديدة..حوالينا في كل حتة فكرة جديدة يوميا.. مش شرط تكون فكرة جديدة لمنتج.. لكن ممكن تكون فكرة جديدة في كلام أغنية أو صورة إعلان.. وعلى قد ما بندرّب عقولنا إننا "نُلقط" الأفكار الجديدة ويبقى عندنا حساسية أكتر لاستقبال "الإبداع" في البساطة على قد ما القدرة على إبداع أفكار جديدة بيتطوّر عندنا..

الفكرة مش بس في المجهود.. الحكاية مش حكاية حظ أو مثابرة أو تعب أو فلوس.. القصة مش بس تكنولوجيا معقدة وبحث ممكن يستمر سنين.. ساعات الموضوع بيبقى أبسط لكن عميق في نفس الوقت.. ساعات ببساطة بتكون الفكرة في الفكرة..







Wednesday, October 24, 2012

كبرنا على العيدية

سواء حضرتك بقيت شاب يافع نافع وكبرت على العيدية.. أو لو لسّة برضه العيدية جزء أساسي من العيد (لأنك لسّة ماوصلتش للسن القانوني لإلغاءها أو لأنك بتخمّهم في البيت والعيلة عشان ماتتلغيش) فكل سنة وإنتوا طيبين وبخير..

كل سنة والكل طيب ومبسوط وناجح.. وكل سنة وكل واحد مستمتع بكل "الرموز" اللي ارتبطت بالفرح.. عشان كده مهما بنكبر ومهما بتتغير نظرتنا لقيمة الفلوس لكن بتفضل العيدية "رمز" نتمنى إنه لا يُمس..

والرموز حوالينا مش بتخلص سواء في مناسبات أو لأ.. من أول الورد للكروت للرسايل على التيليفون.. الكلمة والتصقيفة والحضن.. الابتسامة والسلام والطبطبة على الكتف.. كلها رموز.. كلها إشارات لحاجات أعمق.. كلها دلايل على مشاعر أعمق.. أعمق بكتير من إنها يتعبّر عنها حرفيا للدرجة اللي تنقل كل معانيها..

وعشان كده لما بنبدأ نحسّ إن الرموز دي بتتشال من حياتنا.. لما بنبدأ نحس إننا "كبرنا" على إن حد يفتكر أعياد ميلادنا.. أو "خلاص بقى" بطّلنا نحتفل بعيد جوازنا.. أو "المهم العيال".. بنبدأ للأسف نفقد حتة حلوة من الحياة..

ولارتباط الرمز بالمشاعر أو المعنى اللي بيوصله بنحس إن خسارة الرمز هي خسارة للمشاعر والرسالة والمحتوى اللي كان بيوصّله.. الأحضان اللي بطّلنا نعرف نستقبلها من والدينا.. والورد اللي بطلت أجيبه لمراتي.. ومفاجأة رحلة نُص السنة.. والأكلة الجديدة اللي كنتي بتعمليها لجوزك.. والعيدية اللي يمكن تحس إن "الواد بقى شحط طويل عريض" فبطلت تديهاله.. هي كلها فُرص ضايعة.. خسارة لمشاعر وتعبيرات كان سهل جدا تستمر.. لولا إننا "بنستعيب" أو "بنستسهل" أو ساعات "بنستهبل"..


القيمة المادية لأي رمز من الرموز دي ماتساويش حاجة.. ويمكن ده اللي ساعات بيصعّب فهمنا للقيمة اللي جواها.. ممكن نضحك أو نستغرب لو عرفنا التكلفة الفعلية للميداليات الأوليمبية اللي اتوزّعت على الفايزين من المتنافسين في لندن السنادي.. الميدالية البرونزية تمنها الفعلي 3 جنية إسترليني.. أيوة تلاتة.. يعني حوالي 29 جنية مصري.. لكن الهُلّيلة مش عشان التلاتة جنية.. الهُلّيلة عشان القيمة المعنوية للجايزة والمسابقة والبلد والمتنافسين واللعبة نفسها والتدريبات اللي قبلها وكل ده..


ماتنساش العيدية.. ماتنساش تطلب العيدية.. اطلب العيدية كمبدأ.. اعلن لوالدك أو والدتك إنك لازلت بتقدّرهم وفخور بيهم ومهما كبرت واشتغلت وأخدت فلوس قد كده إلا إنك مبسوط بالجنيهات القليلة اللي ممكن يدّوهالك عيدية.. العيدية اللي بتاخدها منهم هي علامة على قبولك لمحبتهم.. واحتياجك ليهم.. وإنك مهما استقليت عنهم وبقى ليك كيانك وبيتك الخاص إلا إنك جزء منهم.. ولازلت بالنسبالهم الابن اللي كان بيبقى طاير من الفرح يوم العيد وهو صاحي من الفجر.. فرحان بكل حاجة جديدة.. فرحان باللبس الجديد.. بالأكل.. باللعب مع القرايب.. بالعيدية..

ماتنساش العيدية.. إذا كنا بنفرح بالرموز الصغيرة وبإن مهما كبرنا إحنا لسّة غاليين في عينين أهالينا نقدر إحنا كمان نفرّح ناس أصغر مننا.. يمكن يطيروا من الفرح وهم بياخدوا منك العيدية.. يتبسطوا لأنهم مش متوقعينها..

على قد ما الحياة بتحرمنا من الرموز الصغيرة و"العوايد" اللي زي ما بيقولوا "قطعها فال" على قد ما بتسرق مننا جزء من إنسانيتنا.. وعلى قد ما بنفضل فاكرين الرمز وحابّينه على قد ما بنقدر نستمتع بطفولة وانطلاق وبساطة وحب ومشاعر نضيفة بريئة صافية.. مهما كُنا فاكرين إننا كبرنا على العيدية..

Sunday, October 21, 2012

عايز أرجع صغير

مرات كتير بنستغرب على أحلامنا وتطلعاتنا لما كنا صغيرين.. بنشوف فيها بعض السذاجة إننا كنا نتمنى نكبر بسرعة.. بنحس إننا لما كنا أطفال ماكنّاش فاهمين قد إيه الكبار بيعانوا وقد إيه المسئولية ضخمة والحِمل صعب والظروف فيها تحديات مقارنة بالمسئوليات اللي على الأطفال.. وساعات نتريق على براءتنا وبساطتنا الزيادة وقت ما كنا أطفال وبنحلم باليوم اللي نقدر فيه نسيب بيوتنا أو نعرف نسوق أو نكسب فلوس أكتر أو نبطّل نذاكر..

ولما بنكبر أغلبنا (مش كلنا) بنبدأ نفهم إن الموضوع مش بالسهولة دي.. وإن الحكاية مش ببساطة "الحمدلله ماحدش هيقوللي ذاكر" ولا "ماحدش هيغلّس عليّ في المصروف".. ولا "أخيرا هأقدر أطلّع بطاقة وأسوق وأتجوّز وأدّي صوتي في الانتخابات".. بنفهم إن تحديات المرحلة الجديدة هي تحديات جديدة.. وإن مع كل مرحلة فيه تحديات بتتناسب إلى حد كبير مع المهارات اللي اكتسبناها بوصولنا للمرحلة دي..

إلا إن السذاجة ساعات بتكمّل معانا.. لأننا مع إننا بنستغرب على أمنياتنا البسيطة لما كنا صغيرين إننا نكبر, برضه بنرجع نتمنى وإحنا كبار إننا نرجع صغيرين! بنرجع نحس إنه مهما كان, الطفولة برضه كانت جميلة بكل البراءة والبساطة اللي فيها.. بعدم تحمّل المسئولية.. بوجود أب وأم يرشدوا ويصححوا ويشيلوا بلاوي ومشاكل بالجملة..

"ليت الشباب يعود يوما" و"أحلى أيام حياتك هي أيام الجامعة.. ماتضيعهاش" هي من الجمل اللي شرحها صعب وفهمها يكاد يكون مستحيل للي لسّة في مرحلة "الشباب" أو "الجامعة".. وصعوبة فهمها مش لأنها معقدة, لأ.. ببساطة لأنها مش منطقية.. مش صحيحة.. لأن إذا كانت مرحلة معينة أفضل من باقي المراحل إيه تفسيرنا لعدم وجود اتفاق ولو حتى ضمني من اللي بيعدّوا في المراحل دي إنهم في قمة الاستمتاع؟..

اختياري للسعادة والانطلاق هو اختيار ناتج عن قرار ومحاولة تطويع الظروف بعد كده.. مش العكس.. كل المراحل ممكن يكون فيها براءة وبساطة وانطلاق وحب وتحمل مسئولية وشيلان هم.. كل المراحل ممكن يكون فيها حبسة وخنقة ولعب وإبداع..

من أكتر الحاجات الغريبة هي إن الناس اللي بتدور على السعادة هي في الغالب ناس سعيدة أصلا!.. هم دول اللي دايما يقولوا "السعادة حوالينا في كل حتة" وهُم دول اللي بيقتبسوا أقوال عن السعادة والجمال والحب.. في حين إن التُعسا هم أكتر ناس بتدور علي "أسباب لتعاستهم".. بيشوفوا تبريرات ومسببات للحزن والظروف الصعبة والكآبة.. الفريقين دول في الغالب محتاجين يعكسوا أدوارهم!

سواء توجّهات البعض بإن "أتمني أرجع شباب تاني" أو "خلاص بقى.. حسن الختام.. هو الواحد هيعيش زمنه وزمن غيره" فالتوجهين للأسف بيشاوروا على سعادة "بعيدة".. سعادة "بتحصل للي أصغر مني" أو سعادة "هاتحصل لما أكبر".. يعني ببساطة سعادة "هناك".. مش هنا.. سعادة تيجي "بعدين" أو "قبلين" لكنها مش متاحة "دلوقت".. ولأننا زمنيا في أي لحظة في حياتنا إحنا بنعيش "دلوقت" حتي لو ده حصل بكرة برضه بكرة هنسميه "دلوقت" إذاً يمكن نكون في احتياج لإعادة تقييم حكاية "عايز أرجع صغيّر"

أقدر أقرر أتبسط وأنا صغير أو كبير.. النهاردة مش بعدين..