Monday, August 27, 2012

التانيين



إنت معانا ولا مع التانيين؟
أنا معاكوا طبعا..
إحنا التانيين!

وجود حضرتك مع التانيين بيهدد شعوري أنا بالأمان والاستقرار النفسي.. بيخلليني أحتار هو أنا صح ولا لأ.. بيخلليني خايف أتأثر بكلامك وأبقى "تبعك".. بيزلزل شعوري بالأمان اللي بحاول طول الوقت أحافظ عليه عن طريق إني أقنع نفسي بإني أنا اللي صح..

وفي وطن المفروض إنه بيسعى إنه يكون شامل للكل وضام لكل أولاده فيه ناس كتير "تانيين".. ولأن مافيش مجال للحصر لكن أمثلة قليلة ماتضرش.. السيدات والأطفال والمسيحيين والشيعة والبهائيين واللادينيين والمثليين والصعايدة والزملكاوية وذوي الاحتياجات الخاصة أمثلة موجودة وسطنا لناس يبدو عليهم إنهم مش "أغلبية".. مش "الأهلي" يعني.. بيلعبوا كويس ولطاف وكل حاجة.. بس برضه مش الأهلي!

ولأننا "بندّعي" الطيبة بدرجة كبيرة ساعات محاولاتنا لضم واحتواء "التانيين" بتقترب من "البواخة" عنها من "المواطنة" و"الحق في العيشة العادية الكريمة".. محاولاتنا دي بتبقى في الصورة الساذجة بتاعة "كلنا واحد".. "كلنا بنعبد نفس الإله بس في أماكن مختلفة".. "كلنا من الصعيد أصلا".. "ده أنا ليّ زمايلي بهائيين وعادي!".."طالما أديان سماوية خلاص! !"   كما لو إن الاعتراف بالاختلاف "يمنع" التعايش! كما لو إن عدم اعترافك بمذهب من المذاهب يمنع إن معتنقي المذهب ده يكون من حقهم ياكلوا ويشربوا ويتعلموا ويشتغلوا ويعيشوا في البلد زيهم زيك خصوصا إن مافيش ما يميزك عنهم في فكرة "الولادة في نفس البلد"..

شعرة صغيرة بين إني أقبل "الآخر" "لأنه مش مختلف قوي".. وإني أقبل "الآخر" "المختلف".. الآخر اللي لا أشاركه نفس التوجه الديني لكن عايشين في نفس البلد..

مش شرط كلنا نبقى نفس الشكل واللبس والتوجهات.. ومش شرط لما بنقى مختلفين نفضل "نتلزّق" في محاولات إثبات إننا مش مختلفين..
 
حلو إن يكون فيه تانيين.. وحلو إني أبقى صريح مع نفسي في اعتناقاتي وإيماني وتوجهاتي.. تعايشي مع الآخر مش معناه إني أنا والآخر حاجة واحدة بالظبط.. لكن معناه إن في بلد واحدة عيب قوي لما مايبقاش فيه تانيين خالص!

Monday, August 20, 2012

أهل العيب

نادرا ما بكتب وأنا مستَفَز.. لكن بصراحة شايف بعض السخافة في المناقشات الحالية عن موضوع التحرش بالسيدات في مجتمعنا.. والسخافة اللي شايفها من وجهة نظري يا إما بسبب اللي بيستهون بالموضوع ويقلل من قيمته أو بسبب اللي بيقترح حلول أنا الحقيقة شايف بعضها ساذج أو فضائي شويتين.. وطبعا بقول "بعض" لأن فيه آراء موجودة ذات قيمة لكن وسط الهزار والمبالغة والاستظراف الآراء دي بتدوب..

باختصار أي تعاملات من الممكن إنها تضر الغير هي تعاملات خاضعة للقانون مش للأخلاق.. وباختصار برضه السبب هو إن الأخلاق هي حاجات نسبية بتختلف من بيت للتاني وماقدرش أنظم علاقة حضرتك بيّ كمواطنين في نفس البلد على أمل إن يكون عندك نفس المقاييس اللي اتربيت عليها..

المقولة اللي بتقول "إذا جه العيب من أهل العيب مايبقاش عيب" وإن كانت بتستخدم للتهكم وإهانة شخص إلا إنها حرفيا بترسخ (حلوة بترسخ دي) فكرة إن العيب والحلو والوحش والكويس واللي مايصحش كلها حاجات نسبية بتتشاف من عيلة للتانية بمنظور مختلف..

في أسرتنا مثلا أفتكر إن أبويا كان دايما يأكد على فكرة "احترام الكتاب" وكان يقصد أي كتاب.. أي حاجة مكتوبة بين جلدتين تحترم.. عشان كده فكرة إن حد "يحدف" كتاب لحد أو "يسند" حاجة على كتاب أو "يرمي" كتاب وهو متنرفز كانت أفكار أقرب للخيال من إنها تحصل في بيتنا.. ياترى هل أقدر أعمم ده؟ لأ طبعا.. لأن التصرف ده من عدمه مش بيمس مواطن تاني..

اللي مستفز إن فيه حملات وصفحات على فيسبوك ودعوات على تويتر بالتصدي للتحرش.. وأنا هنا مش بقول إن المشكلة في الحملات دي إنها موجهة لناس مش موجودة على المواقع الاجتماعية دي (لأ.. لأنهم موجودين) لكن مش دي النقطة.. النقطة هي فكرة :اعمل حملة وماتجيبش نتيجة وحملة كمان وماتجيبش نتيجة واشتم شوية في الشعب وبعدين شجع البنات يمسكوا سلاح.. وبعدين استظرف شوية وقول إن لبس البنات هو السبب وبعدين ارجع اتناقش مناقشات سنة 30 وفكرة إن التحرش بيحصل بمنتقبات وأطفال وسيدات لابسين عادي.. وبعد كده اقترح اقتراحات بتسهيلات الجواز أو بتقنين العمل بالدعارة زي بعض الدول.. حاول كمان تسمي الحملات تسميات جذابة زي مثلا "إلهي تتطّس في نظرك يا بعيد" أو "خليك جدع كده أمال ودافع عنها" أو "جاك قطع إيدك ياللي تتشك في عينيك" أو "ياللا بينا نجمّع أربعتاشر متحرش قبل آخر الشهر" وهكذا من المسميات اللي من وجهة نظري مش بتعمل حاجة غير إنها بتطلع طاقة وغيظ وقت كتابتها وتصميم اللوجو ودعوة الناس عشان تنضم على الجروب!

جدعنة الشباب وقوة البنات وتدريباتهم على الدفاع على النفس وفكرة "كأنها أختشك يا كابتشن" مش هي اللي هتمنع التحرش..

عمرك شفت مجتمع بينهي "القتل" أو "السرقة" عن طريق "الحملات"؟ وتطلع بقى جروبس "القتل عيب.. بلاش" أو "لو سرقت النهاردة بكرة هتتسرق".. أعتقد إن دي كوميديا سخيفة وقديمة ومستهلكة..

في دولة يسودها القانون – طبعا!- ماينفعش أخاطب "ضمير" و"أخلاق" المواطن في حاجة بتعرض غيره للإساءة أو الخطر أو الضرر..

"عيب" و"مايصحش" و"خليك راجل" و"لو أختك" هو اللي بجد "عيب" سنة 2012..

Thursday, August 16, 2012

لذة الجهل

المجانين مش في نعيم ولا حاجة.. يبقوا في نعيم لو فهموا إنهم مجانين.. لو فهموا إن اللي حواليهم مش بيطالبوهم بنفس المسئوليات والالتزامات والمقاييس.. بس لو فهموا يبقوا مش مجانين!

المرات اللي بنحسد فيها الأطفال على إن عالمهم بريء وخالي من المسئولية وغني بالبساطة والسلاسة هي المرات اللي بننسى فيها إن الأطفال برضه بيشيلوا الطين وبيكونوا مهمومين لو لعبهم اتكسرت أو حد زعق فيهم أو حلموا حلم يخوّف..

فالخلاصة إن ماحدش من اللي ممكن أغلبنا يفتكره في نعيم بيبقى فعلا في نعيم.. اللي بجد ممكن يكون في نعيم هو اللي عنده الجهل الحكيم.. الجهل الحلو.. اللي في نعيم هو الجاهل اللي عارف بجهله.. توليفة صعبة لكنها موجودة في الحياة..

اللي بيموت في القراية تلاقيه بيتعذب لما يدخل مكتبة كتب.. نفتكره المفروض يتبسط.. لكن بيبقى شعور مختلط.. بين السعادة اللي تكاد تغرّق.. غمر من الكتب اللي القارئ ده لسّة ماقراهاش.. وتلاقيه بين نارين.. نار إنه نفسه يكمل استمتاع بالوجود في مكان مليان معرفة.. ونار إن المكان ده هو نفسه المكان اللي بيثبت إنه جاهل وإن السكّة قدامه طويلة على مايدوق اللي يشبّعه من المعرفة والإدراك..

أعتقد إن هي دي الحالة اللي بيشعر بيها اللي بيعوم مقارنة باللي بيمشي.. اللي بيعوم عارف إن الميّة مالهاش كبير.. والإدراك ده (اللي بيحمل بعض الخطر والغموض) هو اللي بيدّي لذّة خاصة للعوم.. الاستمتاع اللي بيشعر بيه كل واحد بيقرب أكتر من ربنا فكل ما يقرب كل ما يحس قد إيه هو صغير وضعيف وتافه قدام الإله العظيم اللي بيغرّق محبيه بالرحمة والنعمة والغنى.. والدرجة دي من القرب هي اللي بتجذب ناس كتير إنها تكون بتعبد الإله العظيم اللي إدراكها لا يمكن يفهمه للآخر..

المشكلة هي في إن الجاهل مش دايما عارف هو جاهل في إيه.. مجتمعاتنا بتفترض إننا جهلة بالحساب والقراية والتاريخ فبنتعلم الحاجات دي.. لكن إيه الحاجات اللي أنا ممكن أقول عنها "مش عارف"؟.. بصراحة مش عارف! وطول ما أنا مش عارف أنا مش عارف إيه طول ما الإحساس بالغمر والمساحة الكبيرة المتاحة للتعلم ما ببقاش شايفها.. وبخسر حلاوة الجهل.. كل اللي بكسبه هو النفخة بتاعة إني عارف الحاجات اللي أنا عارفها..


أحد الحاجات اللي حيرتني وقت متابعتي للأيام الأخيرة للتجهيزات لدورة الألعاب الأوليمبية في لندن هي فكرة "هو السير سيباستيان كو المسئول عن اللجنة ابتدا من فين؟" يعني جاب "مستشارين" عشان يشيروا عليه "في إيه بالظبط"؟.. ماهو لو عارف هو مش عارف إيه ومحتاج مساعدة يبقى الموضوع بسيط..

عشان أحس بالمتعة بتاعة إني مش عارف أنا محتاج أبقى في سياقات وأوساط  تتحداني.. أماكن ومواقف تخبط في معرفتي وتوريني إن "الموضوع كبير".. أياً كان الموضوع.. كل إعلان متميز أو قطعة موسيقية جديدة.. كل لوحة أو لوجو أو تصميم أو مكان جديد بأزوره أو كتاب بقراه أو مجال علمي بسمع عنه لأول مرة هو مساحة من "الغمر" و"الإبهار" اللي ممكن يخليني ألمس ولو للحظات فكرة "ياااه.. ده فيه حاجات كتير ماعرفهاش.. ودلوقتي بس عرفت إني ماعرفهاش"..

بحثي عن مناطق جهلي هو أول خطوة ليّ ناحية المعرفة..

أتمنى تجيلي الفرصة إني أخوض بعيالي تجارب ومواقف يكبروا وينضجوا فيها.. مش عن طريق اللي عارفينه.. لكن عن طريق إنهم يعرفوا هم مش عارفين إيه.. وقتها ممكن يختاروا يتعلموا الحاجات دي أو لأ.. لكن مايخسروش متعة إن البحر كبير حتى لو بيعوموا.. آه يعرفوا حساب وقراية وتاريخ ولغات.. لكن مايخسروش لذّة الجهل..

Monday, August 13, 2012

حلم بسيط

أحلامي بسيطة.. أنا بس نفسي ابني يلاقي شغل..

أنا مش طمّاع.. كل اللي بحلم بيه إني ألاقي شقة أسكن فيها أنا ومراتي..

نفسي الميّة ماتقطعش بكرة عشان أعرف أروح الإنترفيو وأنا حالق دقني ومستحمي..

يا رب الكهربا ماتقطعش دلوقت لغاية ماأوصل البيت عشان ماحدش يعاكسني في الشارع..

على الله الموظفة بتاعة شئون الطلبة يكون مزاجها رايق النهاردة عشان أعرف أخلص ورقي..

نفسي المخبز مايبقاش زحمة..

يا رب عربية الإسعاف تيجي ونلحقه..

يا رب القطر مايتأخرش كتير عشان ألحق الفرح..


أحلام بسيطة.. أحلام أقرب للكوابيس منها للأحلام.. أحلام كان ممكن تتكتب في تدوينة سنة 50 مش السنادي.. أحلام على الرغم من بساطتها غالبا مش بتتحقق.. وغالبا بنحاول بعدها نحلم أحلام أبسط و"أكتر واقعية" وأقل إحباطا..



ممكن ييجي اليوم ونحلم أحلام بجد؟

ممكن ييجي وقت ونبقى "طماعين" ونحلم نبقى أحسن بلد في زراعة القطن أو لعب الكورة أو استخدام الطاقة الشمسية؟

يا ترى ممكن ابني يتمنى إنه يبتكر حاجة تساعد الإنسانية بدل مانكون بنحفّظ كل العيال إنهم يطلعوا يا إما دكتور أو مهندس أو ظابط أو مدرسة؟

مش كل حلم بسيط ممكن يتسمى حلم.. أحلامنا بقت أسوأ من كوابيس..

حلمي شكله بسيط.. بأحلم أرجع أعرف أحلم بجد..