Saturday, September 26, 2015

مش إحنا في مصيبة؟ لازم نصقف

عندي إحساس إني كبرت شويَّة النهاردة على المستوى النفسي، والسبب هو إني اختبرت شعورين عكس بعض على مدار اليوم.. تليفوني ضاع في بداية اليوم، وحضرت مؤتمر عن موضوع مهم في مذاكرتي.. وطول اليوم وأنا حاسس بالشعورين دول.. من ناحية شعور سخيف من قلة الحيلة والضيق والندم عشان التليفون اللي ضاع، ومن الناحية التانية شعور جميل بالإنجاز والتشجيع على المحتوى اللي قدمته واللي قدمه غيري في المؤتمر..

اختبرت قبل كده المشاعر المختلطة.. ولما حصل الموقفين دول النهاردة على مدار اليوم سألت نفسي لو الإحساس اللي عندي هو إحساس واحد (متلخبط) ولا إحساسين منفصلين وشكلهم عكس بعض؟ لكن لقيت إنهم إحساسين منفصلين تمامًا.. متعلقين بموضوعين مختلفين، وكل واحد فيهم منطقي لوحده.. مش إحساس "رمادي" لكن إحساسين كل واحد ليه لون منفصل..


قبل النهاردة كنت غالبًا بأختار شعور واحد وأخليه هو اللي يكسب! شعور واحد بس يبقى هو البطل خلال اليوم عشان الدنيا تمشي سهلة.. ومرات كتير يمكن ده بيكون فيه تحدي أقل، حتى لو الشعور اللي اخترته هو الشعور السخيف.. وزي ما أكون كنت قبل كده بأضحك على نفسي بإني أوهمني إن الشعور السخيف "مش مهم" لأن فيه حاجات تانية كويسة.. أو الحل التاني إني أحس إني مش قادر أتبسط النهاردة لأن فيه حاجة منغَّصة عليَّ اليوم..

موضوع إني أغلِّب شعور على التاني ممكن يكون أسهل (ويمكن منطقي أو ضروري أكتر) لما يكون شعور منهم يخص حاجة مهمة قوي والشعور التاني أقل أهمية.. يعني مثلا لو فرح حد من أصحابي وتليفوني ضاع ممكن يكون منطقي إني أحس إنه مش مهم التليفون خالص دلوقت.. إنساه! أو في المقابل لو فيه موقف فيه حد عيان ومحتاج يروح المستشفى ممكن برضه وقتها يكون موضوع إني أخدت وظيفة جديدة موضوع ممكن يتأجل التفكير فيه..

لكن الأصعب غالبًا هو لما الشعورين يكونوا شعورين عاديين.. مش هاموِّت نفسي لو حاجة ضاعت، ومش هامشي أتنطط في الشارع لو المحاضرة طلعت كويسة في المؤتمر، والصعوبة هي إن كل شعور فيهم منطقي لوحده، والشعور التاني مش قوي كفاية إنه يلغي الشعور الأول أو "يغلوش عليه"..

كنت عارف قبل كده نظريًا إنه ينفع أبقى حاسس بإحساسين يبانوا عكس بعض في نفس الوقت، لكن مبسوط إني اختبرت ده عمليًا النهاردة.. مبسوط إني قدرت أميزهم، ومبسوط إني شفت منطقية في الإحساسين وعبَّرت عنهم على قد ما قدرت، وعلى الرغم من إنهم ساعات ممكن يبانوا إنهم "ما ينفعوش مع بعض" (حاجة كده شبه لما عاطف قال: مش إحنا في مصيبة؟ لازم نصقَّف!)، إلا إنهم متهيألي ينفعوا..

متضايق جدًّا إن تليفوني ضاع.. وفرحان قوي إن المؤتمر مشي كويس.. ومبسوط إني عرفت أميِّز الشعورين وأحس بيهم في نفس الوقت..
 

Saturday, September 19, 2015

زقة كمان

لما مرَّات بنتكلم عن الذكاء والقدرات الخاصة من ناحية، والاجتهاد والمثابرة من الناحية التانية، ساعات بنفتكر إن المجتهد هو الشخص اللي "بيجتهد"! بني آدم شغال اجتهاد ليل نهار بنفس المستوى وبيبذل نفس المجهود طول الوقت.. بنفتكر إن اللي بنوصفه إنه مجتهد هو حد "طبيعته كده" أو "اتعود على كده" فبقى الاجتهاد بالنسباله حاجة عادية..

ممكن يكون ده الوضع بشكل عام، يعني المجتهد ممكن يكون عنده التوجُّه العام بتاع إن الاجتهاد حاجة حلوة، وإن الاجتهاد بيُثمر وبيجيب نتايج ومش بيخيِّب ظن المجتهد طالما كان الاجتهاد في الاتجاه الصح..

لكن طاقة كل مجتهد بتخلص.. الموضوع مش موضوع قرار الواحد ياخده إنه "يجتهد"! زي فكرة كده "أنا هأجتهد سبت واتنين وأربع"! لأن مع كل شغل بيتعمل في الاتجاه الصحيح المجتهد بياخد قرار متجدد إنه يمشي سكة فيها تعب، لكن تعب حلو..

مرات الفرق بين مجتهد ومجتهد تاني هو الزقة الأخيرة.. مرات كتيرة ممكن لسان حال بعضنا يكون "أنا خلاص على آخري"، "مش قادر أذاكر ولا صفحة تاني"، "خلاص هاموت من التعب"، "مش قادر أقدِّم على وظايف تاني"، "تعبت من التقديم على منح دراسيَّة"، "مش قادر أكتب ولا كلمة كمان".. وجايز تكون دي الفرصة اللي تفرق ما بين واحد والتاني.. فيه مجتهد ممكن يقرَّر إنه ممكن يجرَّب "زقَّة كمان".. زقَّة واحدة بس، وبعد كده نبقى نشوف.. زقة كمان النهاردة، وبعد كده بكرة يوم جديد أبقى أحمِّس نفسي من تاني..

الزقة الصغيرة دي هي اللي ممكن تفرق في السبق.. هي اللي ممكن تخلي اللي بيجري يوصل الأول، على الرغم إن الطاقة المبذولة في آخر حتَّة في السبق دي ممكن تكون طاقة مهولة بالمقارنة ببداية السبق.. وجايز كل زقة صغيرة بيبذلها الرياضي يوم ورا يوم هي اللي بتوسع إمكانياته وبتخليها يوم السبق أفضل.. التأثير التراكمي لحتَّة المجهود الزيادة ده ممكن يكون تأثير كبير على المدى البعيد..

بقالي وقت بأجرَّب الموضوع ده.. بأحاول أقنع نفسي لما يكون ورايا مذاكرة لكن أحس إني خلاص ميِّت من التعب إني أزُق نفسي حتَّة كمان.. حتَّة صغيرة.. بأفكَّر نفسي بالهدف اللي حطيته للمذاكرة.. بأفكِّر نفسي إني مش هأموت بجد!


كل مجتهد شايف الطريق قدامه هايقابل أيام فيها خطوات متعبة.. في مشوار الألف ميل اللي بيبتدي بخطوة ساعات بننسى إن خطوات الألف ميل مش كلها متساوية في التعب.. هاتيجي أيام متعبة ومرهقة.. هاتيجي مرَّات وهأسأل نفسي "معلش بقى، مش مهم أذاكر النهاردة حتى لو واخد تحدِّي على نفسي إني أذاكر النهاردة".. وممكن كمان أعيد التفكير في منطقية التحدِّي.. كلها حِيَل عشان ما أجتهدش النهاردة.. لما بأتزنق في الصراعات دي، بأقول لنفسي "زقة واحدة كمان وخلاص".. ولما بينتهي اليوم والإنجاز حصل، بيكون فيه إحساس رائع.. إحساس بيشجعني اليوم اللي بعده إني أحاول "شوية أكتر"، "حتَّة أبعد"..

الموضوع مش متعلق بمجال معين أو بالمذاكرة بس.. اللي عايز يشتغل على حاجة معيَّنة في حياته يمكن يكون أحسنله إنه يجتهد ويبذل وقت وعرق عشان يوصل للي عايزه.. سواء مذاكرة أو شغل أو علاقات صحيَّة أو هواية بينمِّيها.

وعشان كده مش بأستغرب لما بألاقي إن إنجازات كتير حوالينا حصلت لمجرد إن واحد قرَّر إنه ما يكسِّلش لما حس إنه تعبان، وقرَّر إنه بس يزُق نفسه زقة كمان!


 

Saturday, September 12, 2015

ناقص ملح


احتياجي إني أحس بأهميتي وتأثيري ممكن يخليني أتمنى كذا حاجة: ممكن أكون بأحلم إني أكون مصدر إلهام وتغيير وتأثير قوي على اللي حواليَّ.. أكون قيادي ورائد ومُلهم.. أكون بأدخل مكان أقلبه من كُتر الكاريزما وقوة الشخص اللي عندي..


لكن ممكن على الناحية التانية إني أحلم إن تأثيري يكون مختلف.. تأثيري ما يكونش ملحوظ.. لكن اللي يكون ملحوظ غيابي! لو موجود ممكن ناس كتير تحس إن ما فيش حاجة كبيرة حاصلة.. ما فيش لا إلهام، ولا تأثير عظيم ولا أي حاجة.. لكن يكون الفرق هو الإحساس إن "فيه حاجة ناقصة" لو أنا مش موجود..


بنحس بالأكل اللي ناقصه ملح.. الملح نفسه مش جذاب ولا حاجة.. لكن إحساس إن الأكل "عادب" أو "عادم" (اللي بيقولوا عادب بيقولوا عشان زي "عذْب" يعني مش مالح، واللي بيقولوا عادم بيقولوا عشان زي "عديم الطعم")، المهم الإحساس ده هو اللي ممكن "يبْسِط" الملح لو جاز التعبير!


ما بنسمعش عن حد "بيحب الملح" في نفسه كده.. ما فيش حد بيتغذى على الملح وبس، ولا بيِشْعِر في جماله وطعامته.. لكن شفنا مواقف كتير "باظت" عشان شوية ملح.. خناقات كتير واختلافات ضخمة كان ممكن تفاديها "لو الشخص المناسب" موجود.. الشخص ده مش أشطر ولا أذكى ولا أحكم واحد.. ومالوش أي جاذبية.. غير بس إنه "بيُظبط الطعم".. معاه كل حاجة تحسها في مكانها..


يمكن أكون مش بأحب ولا بأكره الملح.. أصله مش حاجة تتحب أو تتكره في ذاتها.. لكن بأحب الناس "الملح".. بأحب الناس اللي "بأفتكرهم" لما اليوم يكون "ناقصهم".. لما اللمَّة تبقى "عادية" من غيرهم.. يمكن لو موجودين ما أكونش حاسس بإحساس مختلف.. وقت غيابهم بس هو اللي بيبيِّن قيمتهم..
 
الورقة اللي موجودة على علبة الملح مش بتقول أي حاجة عن طعامة الملح نفسه، لكن كل اللي بتقوله إنه بيدِّي طعم للأكل، الطعم ده مش طعمه هو! لكن طعم الأكل نفسه.. اللي غالبًا مش هايتاكل لو ناقص ملح..

Saturday, September 5, 2015

مش مهم أصدق مريم

نصدق ولا ما نصدقش.. الموضوع مش سهل.. مصداقيتي ومصداقيتك مش بيتبنوا في يوم وليلة.. ممكن بالمناسبة يتهدُّوا في يوم وليلة، لكن اللي بيحصل إن عشان الواحد مننا يصدَّق حد غالبًا بيسترجع (من غير ما ياخد باله) مواقف وتصرفات ووعود وكلام اتقال قبل كده ، وبناءً على كل الحاجات دي بنقدر نقول لو الشخص أو المنظومة ليهم مصداقية ولا لأ..


المشكلة مش في تصديق مريم وغيرها من الطلبة ولا لأ.. المشكلة الحقيقية هي لما تفقد منظومة (أيًا كانت المنظومة دي) مصداقيتها نتيجة تاريخ طويل من وعود أو من تصريحات أو من قرارات مش بتصب طوت الوقت في قالب عقلاني أو منطقي..

مصيبة لما أوصل لمرحلة إن الناس تكون مش مصدقاني.. مصيبة لما أحاول أثبت لغيري إن كلامي صح.. "الدلايل" و"الوثائق" و"الورق" كوم والمصداقية اللي بأبنيها طول عمري كوم تاني!

مننا كتير لسان حاله شبه المثل الشهير "الدفاتر دفاترهم" بمعنى إن الاعتماد على "الدليل" و"الوثائق" وكل الكلام ده مش بيشفع لحد فاقد لمصداقيته..

مصيبتي مش هاتكون لما الناس ما تصدقنيش في موقف.. مصيبتي لما أكون محتاج أقدم دليل ورا دليل ورا دليل عشان أثبت حسن موقفي، عشان أثبت إني بأقول الحقيقة.. وقتها حتى لو بأقول الحقيقة في الموقف ده بالذات أنا لا زلت بشكل عام "مش بأتصدق"..

أغلب اللي مصدقين شخص باعتبار إنه مظلوم هم مش ببساطة مصدقين الشخص (ممكن ما يكونوش أصلا عارفينه) على قد ما هم "فاقدين الثقة" في الجهة أو الهيئة أو المنظومة اللي الشخص ده متظلِّم قدامها..

مصداقيتي مش بأبنيها بإني أجمع اللي يثبت إن كلامي صح النهاردة.. مصداقيتي بتتبني حتَّة حتَّة ويوم يوم.. يمكن هو ده السبب إن أسهل لينا نصدق أخبار عن اختراعات في دول معينة ونكدبها في دول تانية؟ يمكن هو ده السبب إن في مواقف كتير بيبقى عندنا "إحساس" كده بمين مظلوم ومين لأ؟

أزمتي هي لما منظومة بيُفترض فيها إن مصداقيتها تكون "غير مشكوك فيها" تكون يوم بعد يوم بتفقد المصداقية لأسباب تراكمية متكررة..

الفكرة مش في قصة "مصدق" مين النهاردة.. الموضوع كله والأزمة كلها هي في مين اللي أنا "مش قادر أصدقه"!..