Saturday, October 29, 2011

مش شايف غير صفّين سوس

بنمر بأيام فيها ألم ووجع وبكا.. بنحاول نتخيل إحساس أم فقدت ابنها أو شافت أو سمعت بعذابه.. ومهما حاولنا نتخيل عمرنا ما بنعرف نحس للآخر بكم الأحاسيس اللي عندها... إلا لو كان عندنا عيال..

أباءنا وأمهاتنا مش بس في الجيل ده لكن في كل الأجيال مرات كتير بيقولوا لولادهم عن فكرة إن "عمرك ماهتحس ماما وبابا بيحبوك قد إيه إلا لما تتجوز وتخلف" وفي معظم المرات يا إما بنتريق على الكلام ده وناخده هزار.. أو بنحس إنه "أبداً..أنا هبقى أب مختلف!"...

وإحساسي الشخصي إن ربنا سبحانه حط الأحاسيس دي جوة كل أب وأم مهما كانوا وحشين أو كويسين..متعلمين أو لأ... أغنيا أو فقرا.. حط جوانا الأحاسيس دي عشان لما الله سبحانه يُوصف بالودود أو المحب نقدر نفهم ولو جزء بسيط من محبته..

فهمنا لرحمة ربنا وقبوله لينا عادة مش بيتغيّر.. لو سألت أي حد هيقوللك آه طبعا ربنا بيغفر.. ربنا بيرحم.. لكن مرات عمليا ناس تخاف تروح لربنا وتلجأ ليه..

الناس دي بتحس إنهم مش "كويسين كفاية" عشان يلجأوله.. عملوا حاجات كتيرة وحشة تمنعهم إنهم يروحوا..

أفتكر زمان لما كنت بأدرِس طب أسنان.. كان عندنا عدد معين من الحالات لازم ننجزه كل ترم في كل قسم من الأقسام.. عدد معين من الأطقم والحشوات والتركيبات الثابتة وعلاج الجذور والحاجات دي.. وعلى قد ماكنا بنشوف عيانين متعاونين كنا كمان ساعات نواجه عيانين "مكسوفين"! العيان يبقى حاسس إنه مش قادر يورّي بُقه للدكتور من كتر الأسنان البايظة.. كل عيان من دول بيبقى فاكر إني هفتح بقه وبدل ما أقول له "مش شايف غير صفين لولي!" ممكن أهزقه أو أتريق عليه أو ألومه وأأنبه وأقول له "مش شايف غير صفّين سوس!"

أينعم كنا بنمسك نفسنا بالعافية عن إننا نزعق فيهم لما يقولولنا "يا باشمهندس"! لكن ولا عيان من دول فكّر إن إحنا مش بنعمل أي حاجة في الدنيا غير إننا نشوف "سنان بايظة"! دي شغلانتنا (كلمة واحدة!).. للدرجة اللي فيها كنا ساعات نتضايق واحنا طلبة لما نفتكر إن فيه تسوس في سنة معينة ويطلع "لون" أو "صبغة من شاي أو سجاير".. نتضايق قوي.. ونحس إنه "يا خسارة طلع سليم"..

مع الفارق الضخم في التشبيه.. ومع كامل إجلالي واحترامي.. أنا بأحس إن ربنا طول الوقت –أيوة طول الوقت- بيقبلني برحمته.. طول الوقت شايف عيوبي وغلطاتي.. لكن عنده الحل.. هو طول الوقت مُتاح ومرحب.. طول الوقت مستعد إنه يغفر ويرحم ويقدم محبة.. طول الوقت منتظر إني أروحله مش بس لما أكون "سليم"

الله سبحانه اللي بقدرة عجيبة حط في قلب الأم والأب كمية الحب والقبول والتضحية دي ..معقول مايقبلنيش؟ معقول ييأس مني؟
معقول ييجي اليوم اللي فيه يقوللي "لازم تبقى ملتزم في الأول وبعدين تلجألي" ؟ معقول؟

هتسمع كلام كتير عن "انت دايما بتقول كده وبترجع" "عمرك ما هتتغير" "صلح من نفسك الأول وبعدين الجأ لربنا".. لكن اللي أنا متأكد منه إنه رحمته ومحبته وغفرانه مالهمش آخر.. ومافيش حاجة صعبة عليه..

لو عندك عيال تخيل مشاعرك ناحيتهم حتى وهم أشقيا.. يمكن تقدر تحس بجزء صغير من إحساس الخالق العظيم ناحيتك..
وماتستناش الوقت اللي فيه تبقى "سليم" عشان تروح للدكتور..

Thursday, October 27, 2011

سلوك حضاري

 شفت اليافطة دي من كام يوم ومالحقتش أصورها..لكن عديت النهاردة جنبها وأخدت الصورة دي.. اليافطة بتقول: إتباع مدلول الإشارة سلوك حضاري..

لأول وهلة (إيه وهلة دي!) يبان إن اليافطة كويسة والجملة تمام.. لكن التساؤل اللي عندي: هو أنا هحترم إشارات المرور عشان سلوك حضاري؟ طب واللي شايف في نفسه إنه مش متحضر؟

الجملة دي عاملة زي: احترم إشارات المرور عشان يقولوا عليك "مؤدب" .. ماتشربش سجاير في المترو عشان السجاير "غلط" ... الشحاتين اللي في الشارع شكلهم "وحش قدام السياح"!

في دولة بيسود فيها القانون مش مفروض تطبيق القانون يكون عن طريق "تشجيع" الناس إنهم يبقوا "مهذبين".. ماينفعش نحاول نزق الشعب عشان يبقى "متربّي" ..

القانون موجود عشان حماية المجتمع  والأفراد الآخرين.. بمعنى إن انت من حقك تعمل اللي انت عايزه.. لكن القانون لازم يجبرك تعمل اللي مايضرش غيرك..

السُكر بيعتبر غلط في معتقدات دينية كتير.. انت من حقك "تغلط" زي ما انت عايز.. لكن لو سايق في الشارع وانت سكران انت بتهدد حياة غيرك.. عشان كده فيه عقوبة ضد السواقة تحت تأثير المسكرات.. مش عشان الخمرة "وحشة" وللا "حلوة" وللا "حرام"..

فيه جملة عجبتني قوي بتقول: "القانون هو الحد الأدنى للأخلاق" بمعنى إن غالبا في بيوتنا بيكون عندنا معايير ومقاييس أعمق وأرقى بنحاول نقدمها لأولادنا ونعيش بيها.. والمقاييس دي بتسمو كمان فوق القانون الوضعي اللي المجتمع حاطّه..

السبب في كده إن مافيش قانون وضعي بيتحط عشان يخللي الناس "بنت ناس"!

حلو إني أعيش في مجتمع الناس فيه عندها "ذوق" و"بيبتسموا" في وش بعض.. لكن مش هو ده الغرض الأسمى.. الغرض الأسمى هو إني أعيش في مجتمع أفراده "مش بيتعدوا" على حقوق الغير و "مش بيعرضوا" آخرين للخطر.. حتى لو أفراد المجتمع ده "ذوقهم وحش في اللبس" و"نكتهم بايخة" و"ابتسامتهم مصطنعة"!

أنا على فكرة مبسوط إن مترو الأنفاق مافيهوش حد بيدخّن.. مش لأنهم عايزين يسلكوا "سلوك حضاري" لكن لأن فيه قانون بيتطبق وغرامة.. أنا بارتاح في التاكسي اللي فيه عداد.. مش لأن السواق بيبقى ذوق لكن لأن "النظام" مظبوط..

إنت المفروض في يافطة زي دي "تنظم المرور" و"تحمي" الأفراد.. مش تحمس الناس يبقوا "حلوين" 

عشان كده "إتباع مدلول الإشارة مُلزِم!" مش "سلوك حضاري"!..

Saturday, October 22, 2011

ماما زمانها جايّة

كل فترة كده بييجي عليّ أنا وأصحابي هاتف (!) يخلينا كده نفتكر أغاني الطفولة القديمة..طبعا حاجة جميلة وكل حاجة لكن ساعات المكان بيبقى مش مناسب قوي..يعني لو إنت وأصحابك قاعدين على قهوة مثلا والدنيا زحمة وافتكرتوا أغنية "أنا أنا أنا أبريق الشاي" وبدأتوا تغنوا بصوت عالي ممكن تلاحظ نظرات جديدة من الناس..مش بيبقى استغراب..ولا متضايقين..بيبقوا "متغاظين" عشان مش فاكرين كلمات الأغنية..وانت طبعا وأصحابك عمالين بتتحدوا بعض مين يفتكرها كلها..

الأغاني دي كانت جميلة وللا لأ؟ مش عارف..بجد مش عارف..مع الموجة العامة اللي بتقدّس كل حاجة قديمة لمجرد إنها قديمة بقيت أحاول أفكر كذا مرة قبل ما أقول "آة طبعا جميلة" (مش متهيألي إن كل حاجة قديمة حلوة..اللوحة القديمة والجبنة القديمة غير الجزمة القديمة تماما!)

المهم ..الأغنية اللي لازقة في دماغي بقالها شوية هي "ماما زمانها جايّة".. غناها محمد فوزي بطريقة جميلة وشقية.. لكن الكلام بيقول إيه؟..

عارف الواد اللي اسمه عادل جه الدكتور وعمله إيه؟ لقى رجليه كانوا زي الفتلة بص شوية جوة عنيه..راح مديله حقنة كبيرة..عارف إدّاله الحقنة ليه؟ (ليه يا ترى؟) مابيشربش اللبن الصبح وكل أصحابه ضحكوا عليه..وأهو من يومها شرب وبيكبر وإتربّاله عضل في إيديه!
طبعا هو بيقول الكلام ده لولد صغير يا حرام مستني مامته..فبيحاول يطمنه! بس بدل ما يطمنه قرر "يرعبه" عشان يسكت خالص لحد ما "ماما" تيجي! وأتوقع إن الكام جملة دول من الأغنية كفيلين بإنهم يخللوا الولد: خايف من الدكتور..مرعوب من الحقن.. مش طايق "كل أصحابه اللي ضحكوا عليه"..طفشان من اللبن.. وبيكره كل العيال اللي اسمهم عادل!

لأ والظريف إن بعد كل الكلام ده يقول له: "ماما زمانها جاية".. وقتها طبعا الجملة بتفقد "الأمل والإشراقة" المقصودين وبتبقى  عاملة زي "ماما زمانها جاية وهتورّيك".. أو "لما ييجي أبوك هقول له!"

عادي..بيحصل إن فيه جزء من أغنية يُخفِق (!).. لكن لأ..إزاي؟ تخلص الغنوة على كده؟ لا لا لا..

وأحمد برضه إيده مربوطة (يا دي النيلة!) ومامته عارف ليه مخاصماه؟ (ليه؟ عمل إيه راخر؟) كان بيحب تمللي يلعب بالكبريت ويشيله معاه .. وفي يوم جاب كام عود ولّعهم ..وأخته بوسي كانت شايفاه (سوسة البت بوسي دي!) راحت النار ملهلبة إيده ولسّه إيديه الاتنين واجعاه.. وأهو من يومها لا بيتعفرت ولا بيشيل كبريت وياه!
لكن تيجي الجملة اللي مليانة أمان واطمئنان إن "ماما زمانها جاية!"

رعب..رعب..رعب..طول الوقت!

"لو ما ذاكرتش هتسقط وتبقى فاشل زي الأسطى سيد" (طبعا الأسطى سيد شخصية موجودة في نطاق كل أسرة لكن يحب الأب والأم ينسجوا –حلوة ينسجوا دي- القصص المبالغ فيها عن إن سبب فشله إنه ماكانش بيذاكر وهو في رابعة ابتدائي.. غني عن الذكر إن الأسطى سيد بيكسب فلوس أكتر من الأب والأم مع بعض.. وفي الغالب بيقول لعياله: لو ضيعتوا وقتكوا في المدارس والكلام الفاضي ده هتبقوا زي الأستاذ أشرف ومدام انتصار!)

"إذا ما عملتش كده ربنا هيزعل منك وهيوديك النار" .. "ماحدش هيرضى يتجوزك" .. "مش هتخلف!" ..

ولسّة مستغرب إننا لحد النهاردة واحنا كبار طول الوقت –طول الوقت- خايفين من حاجة؟

"لو السلفيين وصلوا للحكم هيقطعوا ودان ومناخير الناس".. "لو الليبراليين مسكوا الستات هتتمنع تلبس الحجاب" .. "لو الإخوان بقوا في السلطة مش هيبقى فيه سياحة" .. "لو المسيحيين وصلوا للرئاسة هيلغوا المادة 2"... خوف.. خوف..

مع كل جملة تخوّف أنا باقولها لابني أو صديقي أو مراتي..أنا باحتاج ل 9 أو 10 جمل تشجيع وكلام إيجابي عشان تمحي الأثر!

أنا عارف إنه سهل إني أشوف الحاجة الوحشة وأشاور عليها.. أفترض إن الحاجة الكويسة أمر مسلّم بيه.. بس بجد أنا وانت مش بنعرف إمتى الجملة الكويسة اللي باقولها ممكن ترفع واحد من ضيقة..وكلمة تانية تخليه يكرة المذاكرة ويتضايق من ربنا ويخاف من البلد..

أعرف بنوتة صغيرة مامتها قالتلها "العصفورة قالتلي" فراحت ردت "هي العصفورة دي ماتقولش على حاجة كويسة أبدا!"

كومبيوتراتنا مستفزة لأنها دايما بتنبهنا على الغلط.. error – wrong command – failed operation – download interrupted – bad sector – virus detected – file corrupted  طول الوقت مصايب..ليه مافيش كومبيوتر يقول: جدع – برافو عليك – الأمر ده سهل – هايل – من عينيا هجيبلك الفايل  ؟

تعالوا نبدا بحاجات بسيطة..

ربنا بيحبك قوي – شعرك حلو النهاردة – اتبسطت إنك اتصلت بيا – بافرح لما أشوفك – برافو إنك جبت 7 من 10.. أكيد المرة الجاية هتجيب أكتر – لبسك شيك - ماما زمانها جاية وهتلعب معاك وتبوسك وتعمللك أكل حلو..

ابذل مجهود واسعد بني آدم .. عشان ما تتحولش الحياة لـ "ماما مسافرة وهعمل حفلة" بدل "ماما زمانها جايّة" 



Friday, October 21, 2011

ماحدش بيبرَد من رجليه

لسة يا دوب الجو بدأ أهو يسقّع شوية في القاهرة..مش بَرد يعني لكن السقعة اللطيفة دي..افتكرت النهاردة الأيام دي في المدرسة زمان من حوالي 22 سنة كده..

كان زِيّ المدرسة جميل..كنا بنلبس أخضر..الولاد كنا بنلبس شورت وقميص..ولما كان  الشتا يدخل كنا بنلبس بنطلون وجاكيت (وكله أخضر)..كانت كل المشكلة في بدايات أكتوبر..كان الزي لسة شورت لكن فوقه الجاكيت..وأفتكر لما كنا نبقى بردانين كان الرد: "ماحدش بيبرد من رجليه"! :) :)

إزاي يعني؟ يعني إيه ماحدش بيبرد من رجليه؟ أنا اللي بردان!

لكن لما افتكرت الجملة دي افتكرت جُمل تانية كتير ليها نفس المَنحَى (حلوة المنحى دي)..جُمل مجتمعنا زرعها فينا..جُمل هناخد وقت كبير نفكر فيها ونغيرها..

فكرة إن فيه "أحاسيس" معينة غلط! "مشاعر" مش مفروض تبقى موجودة! فتلاقي مثلا جمل زي: "إوعى تخاف!"..أو "ما تزعلش"..أو "الراجل مايعيطش"..أو "البنت الكويسة ماتتنرفزش"..أو "ماحدش بيبرد من رجليه"!! يعني الخلاصة: بطّل تحس! بلاش تشعر..خلّيك على طول كويس!

الفكرة دي هي بالظبط زي لما أقوللك: ماتحسش بالحر..بلاش تعطش..ماتبردش! الأحاسيس النفسية والجسدية قريبين من بعض في فكرة التلقائية..

الطب النفسي بيقوللنا إن مافيش حاجة اسمها مشاعر "سلبية" ..المشاعر مشاعر..يعني حاجة بأحس بيها..يعني حاجة المفروض تلقائية..رد فعلي تجاهها ممكن يكون مختلف لكن الإحساس نفسه مافيهوش "وحش وكويس"..

اللي معظمنا بيقصده لما بيقول: "ماتغضبش" هو "ماتكسّرش الكوبايات"..أو لما بيقولوا "ماتتنرفزش" يقصدوا "ماتشتمش"..لكن بسبب الخلط ده بدأنا نشجع بعض إننا "مانحسّش"! وفاكرين إننا كده "بنحمي" بعض وبنحافظ على "الاستقرار"..

إيه المشكلة يعني؟... المشكلة كبيرة..لو أنا مش قادر أعرف أنا حاسس بإيه مش هاعرف أتعامل مع المواقف المختلفة..يمكن أبقى فاكر في الأول إني "متماسك" و"مش بأشتم" لكن أكتشف إني بقيت "مش فارق معايا" أساسا!

بشكل عام الستات أشطر شوية لغويا..وده بيخليهم –بشكل عام برضه- أكتر قدرة على "التعبير بكلمات" عن مشاعرهم.. البنت ممكن تفرَّق بين "متضايقة – غضبانة – ندمانة – حزينة – محبطة "..بالنسبة للولد كل ده: "مخنوق شوية"!

لما بدأت أسأل نفسي كل شوية "هو أنا حاسس بإيه دلوقتي؟" كانت تجربة صعبة قوي..وبعدين بالممارسة اكتشفت إن الموضوع لطيف.."أنا مقريف شوية" "ليه؟" "أصل فلان شافني وماسلمش"..الحوار الداخلي ده لطيف جدا لأنه بيساعدني أعرف هو أنا حاسس بإيه وليه ولو في إيدي أغير الظروف أو لأ..

معظم المشاعر بيخرجوا من 4 مشاعر أساسية: خايف – سعيد – غضبان – حزين  (sad, mad, glad, afraid)

أحب أحط التحدّي ده قدامك وقدامي..كل ماتفتكر الموضوع ده اسأل نفسك: "هو أنا حاسس بإيه دلوقتي؟" و"ليه؟"

من حقي "أحس"..ومش من حق حد يقوللي أحس بإيه..

وتخيّل بقى؟ فيه بنات كتير ممكن تتنرفز..وفيه رجالة كتير بتعيّط..وفيه ناس مؤمنين ممكن يمرّوا بحزن..وأعرف ناس شخصيا "بيبردوا من رجليهم"!

Wednesday, October 19, 2011

احرق المراكب


"حرق المراكب" هو تعبير مشهور وبيشير لوقت الفتح الإسلامي للأندلس لما طارق ابن زياد نزل بجنوده على الشاطئ الأسباني وعلى طول أمر بحرق المراكب عشان يمنع أي تفكير في الرجوع..نفس الحكاية حصلت في أوائل 1500 مع كورتس لما نزل المكسيك وأمر رجالته بحرق المراكب..

التعبير ده موجود برضه في الإنجليزي وبيتقال "حرق الجسور" (to burn bridges) وبيقدم نفس المفهوم اللي فيه أنا بأتخلص من كل حاجة ممكن تديني اختيار إني أرجع..
 
وعلى الرغم إن مرات كتير استخدام التعبير ده بيبقى المقصود منه التحذير زي مثلا لما أقول لواحد "لو هتسيب شغلك بلاش تسيبه بمشاكل..بلاش تحرق المراكب وراك..لأنك جايز تحتاج ترجع تاني أو جايز تحتاج جواب توصية"

لكن مرات حرق المراكب بيكون أحكم حاجة ممكن أعملها..
إزاي؟

دكتور فيليب ماكجرو من أشهر الناس اللي بتتكلم عن الحياة والعلاقات والإيجابية..وكان ليه مجموعة حلقات في برنامجه المشهور وخصص المجموعة دي لمساعدة الناس اللي عايزة تخس..

كانت فكرته مش إن انت "تعوز" تخس على ما انت محتاج تكون في "ظروف" "تزنقك" إنك تخس من غير ماتكون انت بتغصب على نفسك..

الأفكار اللي إداها كانت جميلة..مثلا: اتخلص من كل الهدوم اللي عندك اللي فيها "أستك"! لأن وجود الأستك بيخللي الحاجة تبقى مقاسك مهما تخنت أو خسيت! غيّر سكة رجوعك من الشغل بحيث ماتعديش جنب ماكدونالدز..بطّل تشتري حاجات تتخن وتحطها في التلاجة..وهكذا..

فيه تعبير ظريف بيستخدموه مع بعض حالات الإدمان بيقولوا: إنت لازم تبعد عن "اللعب..واللعيبة..والملاعب"..يعني مش بس تبعد عن الأصدقاء اللي بيساعدوا على الإدمان..لكن عن الأماكن والأنشطة اللي ممكن تسهّل ده..

أعرف ناس كانوا بيصارعوا مع "مواقع إباحية" على الإنترنت..لغاية ما غيّروا "مكان" الكومبيوتر! لو الكومبيوتر في الصالة أسهل قوي إني ما أضيعش وقتي على الإنترنت عن لو اللابتوب معايا طول الوقت..أعرف ناس تاني احتفظوا بالكومبيوتر في الأوضة بس "خلعوا الباب"!

زي ما أنا محتاج أبقى موجود في "سياق" يسمحلي إني أكون بني آدم أفضل..أنا محتاج "أحرق المراكب" اللي ممكن ترجعني لورا..

يا ترى إيه المراكب اللي لسّة "راسية" على الشط وبتغريني إني أرجع؟ مراكب تدخين؟ إدمان؟ تضييع وقت؟ تضييع فلوس؟ قمار؟ إحباط؟ فشل دراسة؟ مواقع إباحية؟ أكل مش صحي؟

كل الحاجات دي ليها مراكب..كلها..مافيش حاجة فيهم بتحصل في ثانية (حتى الجون في كرة القدم!)..وأنا وشطارتي..

هاحتفظ بكل مركبة ممكن في يوم من الأيام توصّلني لبر أمان..

ولو حاجة خايف أرجعلها ومش واثق إن إرادتي قوية كفاية للمقاومة..هاحرق المراكب!