Saturday, April 23, 2016

عليه القيمة

لما ناس من ثقافات مختلفة بيتعاملوا مع بعض ساعات بيتفاجئوا باختلاف القيم أو المبادئ، وساعات وقتها الواحد يبتدي يفكَّر في قيمه وهل الطرف التاني مؤمن بيها ولا لأ..

بنفتكر مثلا إن اللي بينادي بالاستقلالية هو ضد قيمة الأسرة أو مش بيحب فكرة الولاء، وممكن نفتكر إن اللي بيشجع العدل ضروري يبقى ضد الرحمة، وهكذا.. لكن مهم جدًا إننا نفتكر إن تقريبًا كل القيم مقبولة ومرغوب فيها من معظم اللي هتسألهم.. يعني ماحدش هايقولك ’’أنا بأكره العدل‘‘ أو ’’أنا سمِّي وموتي الرحمة‘‘.. لكن الفكرة هي إن ترتيب القيم عند كل واحد مننا مختلف.. مختلف باختلاف الثقافة أو باختلاف الشخصية.. لكن كمان ممكن ترتيب القيم يختلف باختلاف الموقف أو الدور اللي بيلعبه الشخص..

لما الأب والأم بيعلموا أولادهم عن التسامح، مش معنى كده إنهم بيعلموها يكرهوا الحق والعدل.. ولما بيساعدوا عيالهم في المذاكرة أكيد مش القصد إنهم يعلموهم إنهم ما يعتمدوش على نفسهم.. اللخبطة ممكن تحصل لما نطالب حد إنه يتبنى قيمة أو مبدأ ’’قبل‘‘ مبدأ تاني.. أو ’’أكتر‘‘ من مبدأ تاني..

يعني مثلا، لو القاضي تخلَّى عن دوره اللي بيحتِّم عليه إن ترتيب قيمة ’’العدل‘‘ يكون قبل قيمة ’’الرحمة‘‘ هاتكون فيه مشكلة.. ولو اللي بيراقب على الامتحانات إدَّى أولوية لقيمة ’’المساعدة‘‘ عن قيمة ’’العدالة في المساواة‘‘، يبقى برضه هاتكون فيه مشكلة في دوره..

هنا الأزمة هي إني أعرف الدور اللي بأقوم بيه، وبالتالي الدور ده بيحتِّم عليَّ ترتيب معين للقيم.. مش بالضرورة رفض قيمة بالكامل (لأن كل القيم محمودة بشكل أو بآخر)، لكن ترتيب القيم ده هايخليني أختار اختيارات معينة.. طبعًا الاختيارات دي ممكن تُقابَل بالنقد من ناس مختلفة عني في ترتيب نفس القيم..

لو أنا قاضي، ما ينفعش أقول لأهل القتيل ’’سامحوا القاتل‘‘ لأن دوري بيحتم عليَّ تنفيذ العدل.. ولو أنا في دور قيادي وعليَّ مسئولية ما أقدرش أقول للناس ’’استحملوا‘‘ أو ’’بُصوا على الحاجات الكويسة‘‘..

القيم كلها حلوة.. كلها على بعضها بتكمل بعضها.. وعشان كده محتاجين أدوار مختلفة ناس مختلفة تقوم بيها، وفي اختلاف الأدوار دي بيكون التركيز أكتر على قيم معينة بالمقارنة بغيرها.. وده اللي ممكن يخلِّي فيه توازن..

نفْس المدرس اللي بيجاوب على أسئلة الطلبة خلال السنة الدراسية هو هو المطلوب والمتوقع منه إنه ما يجاوبش على أسئلتهم وقت الامتحان.. الراجل ما اتغيرش ولا باع قيمه ولا حاجة.. ما بقاش قاسي وقلبه حجر يوم الامتحان.. لكن ترتيب القيم ممكن يتغير لظروف الدور اللي بيقوم بيه..


دور الدكتور أنه يقوم بواجبه للآخر وبمهنية وبشطارة.. لو غلط أو أهمل ما ينفعش يقول للمريض عن القيمة الجميلة للتسامح، وما ينفعش يطلب من المريض إنه يشكر ربنا إنه ما مامتش.. (المريض ممكن يقرر كده، هو براحته).. لكن متوقع من الدكتور هنا إن قيمة ’’المهنية‘‘ هي اللي تيجي قبل قيمة ’’بوس إيدك وش وضهر‘‘ حتى لو القيمتين حلوين وجُمال ومتفقين عليهم..

مش مطلوب من المعارضة التوازن.. ومش مطلوب من اتحاد الطلبة إنه يفكر في كل المنظومة، ومش مطلوب من النقابة إنها تفكر في باقي المهن.. هي دي الفكرة في وجود تخصصات.. في التخصصات ترتيب قيم مختلف.. وبالتالي تركيز على نقط ممكن تتغافل عنها باقي الكيانات.. وعشان كده الأب والأم رد فعلهم ممكن يكون مختلف لو ابنهم ضرب أخوه ولو المدرس ضرب ابنهم.. الفكرة مش في القيمة المطلقة بتاعة ’’نعمل إيه في حالات الضرب‘‘! مرات هاتكون القيمة ’’سامحه، ده ما كانش يقصد‘‘، ومرات هاتكون ’’ماحدش يمد إيده على ابني‘‘..

تدريب مهم إني أفكر نفسي كل شوية في كل موقف بالدور اللي بأقوم بيه.. الدور اللي غالبًا أنا مختاره أو محطوط فيه لإعلاء قيمة أكتر من قيمة.. في الترتيب ده بييجي التوازن.. مش توازن إني هأخدم كل القيم، لكن تناغم دوري مع القيم اللي بيحتمها عليَّ..  

Sunday, April 17, 2016

فقرة الساحر

تعامُلنا مع المعجزات يمكن يبيِّن حاجات كتير جوانا.. لما بنستنى معجزة أو نتمناها، ولما نعيش وقت طويل من الحياة بنحلم بمعجزة إحنا - من وجهة نظري -  بنشتغل عكس قوانين الكون، بنمشي في اتجاه محتاج مجهود ومعافرة أكتر..

على قد ما المعجزات مُبهرة وعلى قد ما بتخلينا ’نعجز‘ عن التعبير وساعات عن الفهم، على قد ما فيه خطورة من انتظار المعجزات باعتبارها الشغل الشاغل للخالق.. باعتبار إن ربنا من عظمته كما لو إنه ’بيحب المعجزات‘ أو ’بيفضَّل‘ التعامل بالمعجزات عن التعامل بالأمور الحياتية العادية اليومية..

بندخل في أحلام إننا نربح الملايين لو اتصلنا برقم، أو نكسب شقة لو دخلنا سحب، أو نخس في أربع أيام.. بنتمنى لو ’الزهر يلعب‘ وتجيلنا فلوس من مصدر ماكناش متوقعينه، خال مليونير كان عايش في البرازيل أو برنامج تليفزيوني ييجي القرية ويوزع تلاجات.. منحة تيجي عشان نسافر ندرس، أو كتيب 10 ورقات نتعلم منه الإنجليزية في أسبوع بدون معلم.. لكن الظاهر الدنيا مش شغالة كدة.. مش هو ده النموذج اللي اتصممت بيه..

إحساسي الشخصي هو إن ربنا بيحب يشوف الزرع بيكبر واحدة واحدة.. وبيفرح لما الطفل بيخطِّي خطوات مترددة ويقع يقوم ويحاول تاني.. بيحب الوقت اللي فيه الحيوانات المولودة بتعافر عشان تشوف وتاكل وتمشي.. بيتفرج على الطفل اللي بيتعلم كلمة كلمة.. مش متهيألي إنه يهمه ’السرعة‘ و’الثروة اللي في يوم وليلة‘.. فكرة يوم وليلة فكرة غريبة على خالق بيتفنن في التفاصيل.. عنده القدرة إنه يؤمر، وبكلمة واحدة الحاجة تحصل.. لكنه بيختار الاستمتاع بالرحلة اللي بتمر بيها خليقته وهي بتكبر وبتدرك..


جزء من فن الفنان متعلق بالوقت اللي فيه بيستثمر في فنه.. المجهود المنتظم والتعب اللي بعد لحظات الإلهام.. أحب أشوف لوحة قعد الرسَّام يرسمها وقت طويل.. وأحب أسمع مزيكا سِهِر عليها المؤلف، أحسن من إني أشوف ساحر بيطلع أرنب مرة واحدة من برنيطة..

بأخاف من المعجزات.. بأخاف من النمو الفجائي السريع.. بأخاف من ’فقرة الساحر‘.. بأخاف من تغيير جذري مش معاه خطة لنمو تدريجي.. بأخاف من ’احصل على ماجستير إدارة الأعمال في تلات أسابيع‘، وبأخاف من ’حقق حلمك وأكتر post عليه Likes هايكون هو مذيع البرنامج اللي جاي‘..

مش عايز أستنى حاجة خارقة للطبيعة.. لكن عايز أشوف المعجزة الحقيقية اللي حوالينا في كل حاجة.. في كل حاجة بتكبر حتة حتة، في كل معرفة بتزيد بالتدريج، في كل مهارة بتُكتسب بمجهود منتظم.. ومش هاممني قوي فقرة الساحر..