Friday, March 21, 2014

مش الأم

أعياد قليلة قوي اللي بيكون فيها مشاعر مختلطة من الفرح والحزن.. عيد الأم من الأيام اللي في الغالب بتحمل بعض المشاعر اللي مش دايما بتكون مُفرحة.. اللي مننا فقد أمه بيُشعر باكتئاب أو على الأقل عكننة، خصوصا لما كل برامج الراديو والتيليفزيون تكون ما بتتكلمش إلا عن عيد الأم ومش جايبة غير أغاني ست الحبايب وكل سنة وإنتي والحاجات دي

مش بس كده لكن حتى اللي مننا والدته موجودة وبخير والعلاقات طيبة، فيه مننا بيحسوا بالذنب .. ذنب إننا مهما حاولنا فعمرنا مابنقدر نوفّي كل اللي الأم عملته في حياتنا.. من السذاجة طبعا إننا نفتكر إن الهدية أو العزومة أو المفاجأة اللي بنعملها لأمهاتنا هي اللي بتدفع مقابل تعبهم وسهرهم وحبهم

مرات يمكن بننسى كمان إن أمهاتنا بيفتقدوا أمهاتهم لو رحلوا.. وعلى قد ما عيد الأم بيبسط أمهاتنا لما بنحتفل بيهم إلا إنه كمان بيفكرهم بأمهاتهم، وساعات هم كمان بيحسوا بالذنب.. بيحسوا إنهم مش أمهات كفء بالمقارنة بأمهاتهم.. بيحسوا إنهم يمكن فضّلوا بيتهم وعيالهم ونسيوا يكملوا يردوا جميل أمهاتهم

إنما القصة مش كده النهاردة.. في عيد الأم النهاردة فرصة إني أشوف لمحة من الحب غير المشروط.. الحب اللي فيه أمي مستعدة تديني عينيها مش بس لو محتاجهم..لأ.. لو بس ده هايخليني أكون أسعد ولو حاجة بسيطة.. الحب اللي فيه قدرة رهيبة على بذل المجهود العصبي والجسماني في السهر على العيان والمذاكرة والشغل وأحلامها إن أولادها يكونوا أحسن ناس.. الحب اللي فيها هي شايفة إن أكيد أولادها أحسن ناس.. الحب اللي ساعات بيخليها مش شايفة عيوبي وتقصيري وضعفي

لمحة الحب غير المشروط مش بتشاور على الأم بس.. لكن بالنسبالي على الأقل بتشاور على الخالق اللي حط الحب ده في قلوب الأمهات.. الحب اللي يخلي الأم ممكن تضحي بنفسها عشان حد من عيالها.. ممكن تتعرض هي للألم والتعب والسهر وتكون مستعدة حتى للموت عشان تفدي حد من عيالها

بأقف قدام حب أمي عاجز.. وبأقف أكثر عجزا قدام الإله اللي حط المحبة ده في الأمهات، لكنه مش بس كده.. ده كمان شاور بالمحبة اللي فيهم ده عشان يمكن نقدر نفهم حبه غير المشروط لحبايبه

كل سنة وإنتي طيبة يا ماما.. ربنا يخليكي لينا

كل سنة وكل أم بخير

وكل سنة وكل "حب غير مشروط" باقي ومكمّل.. مكمل يحيرنا ومكمل يغرقنا بعرفان وإحساس بجميل عمرنا ما نقدر نوفّي ولو جزء منه

Tuesday, March 18, 2014

مافيش أمل!


قولوا يا بختنا 
– يا بختنا يا بختنا
قد إيه كلنا 
– كلنا كلنا
فرحانين إننا.. اتولدنا بنات

مقطع شهير غنته سعاد حسني في حلقة من مسلسل هو وهي زمان.. زمان آه! غالبا لو شِعر شبيه بده اتكتب النهاردة هايُصنف "شعر فضائي" أو "شعر غير واقعي" أو "شعر كاذب".. يا بخت مين؟ البنات؟!

مُتأزّم بشكل سخيف اليومين دول من كل أحداث التحرش وبكل المناقشات والتحليلات والمقترحات.. يا ترى البنات والسيدات في بلدي "فرحانين إنهم اتولدوا بنات"؟.. أعتقد، ولمجرد محاولة إني أكون عادل، أنا شايف إن ظلمهم ظلم بيّن، بدءا أصلاُ من استخدام كلمة "يتولد" سواء "للولد" أو "البنت" على اعتبار إن "الأساسي" و"العادي" وال default هو "ولد"! مش معقول يعني نقول "يتولد" لو ولد و"تتبنت" لو بنت!

ومع السخافة المعتادة اللي بقينا مش بنشوف فيها غرابة لما بنشوف واحد بيلوم المُتحرش بيها (حتى لو اللوم شكله شيك وحيادي وعلى مبدأ "أنا بس خايف عليها وبأقول إنها لازم تلبس لبس مناسب") بقينا كمان بنشوف تلميحات بما معناه إن الراقصات عادي جدا إن الناس تتحرش بيهم, وإن اللي بيشتغلوا بالجنس "يستاهلوا" الشباب يتحرش بيهم.. فعلا؟

بقينا نتريق على الشباب اللي لابس لبس "غير مألوف" على إنه "شبه البنات".. بقينا لما نمسك متحرش بنشتمه "بالأم"! بقينا بنخطط حياة بناتنا وأخواتنا البنات وأمهاتنا بحيث يكون فيه حد هايوصلهم ويستناهم وإيه التاكسي اللي يركبوه.. بقينا نقرا عن نصايح من "الطب الشعبي" عن إزاي البنت تضرب المتحرش أو إيه اللي المفروض تكون شايلاه في شنطتها إلى آخره!

وزي مانكون فجأة اكتشفنا إن فيه مخلوق كامل اسمه الأنثى! موجود معانا في المجتمع.. عايش معانا.. بيذاكر ويجتهد ويشتغل ويفكر.. بيربّي ويحب ويسمع مزيكا ويسوق ويلعب رياضة.. زي مانكون فجأة اكتشفنا إن المخلوق اللي بنعامله "كضيف" موجود "مؤقتاً" كده هو صاحب مكان.. زي مانكون اكتشفنا إن "الحلول المؤقتة" ومحاولات إننا "نقلل خساير الضيف" هي محاولات فضائية.. محاولات تدل إن فعلا إحنا مش شايفين الأنثى.. مش معتبرين الأنثى كيان من أساسه.. الموضوع أعمق من مجرد رغبتنا كذكور في التحكم والسيطرة وفرض يلبسوا إيه ومايلبسوش إيه! الموضوع إننا مش حاسين إنهم موجودين..

الأنيل إن المُشرّع ذكر ومنفذ القانون (لو بينفّذ يعني) ذكر برضه ومعظم المسئولين وصناع القرار ذكور لقوا إن "الأسهل" إن الكيان الموجود ده يكون "ضيف" لطيف رقيق جميل.. وبس! التحرش اللفظي مش هو بداية التحرش.. أعتقد إن التحرش بيبدأ جوة البني آدم اللي بيشوف في اللي قدامه "شيئ" مش إنسان..

وقت بدايات فترة دراستي كان "أمل وعُمَر" هم الشخصيتين الأساسيتين في كتاب القراءة.. وطبعا كل صفحة كان فيها جملة واحدة كده من كام كلمة.. "أمل تلعب بالكرة".. "عُمَر ذهب إلى الجُرن" وهكذا.. كانت أيام لطيفة..

الظاهر كده إن الدنيا اتغيرت شويتين!.. أنا الحقيقة حاسس إن المجتمع مش شايف غير "عُمَر".. من وقت للتاني يظهر صوت يساند ويشجع ويحاول يحمي "الضيف" ده.. "السايح" ده.. اللي جاي يقضي فترة صغيرة في مجتمع "مش مجتمعه".. "مش مصمم عشانه".. أصل الشباب متأخر في الجواز.. أصل الشوارع زحمة.. أصل العباية بكباسين.. أصلها عاملها شعرها برتقاني!..

الظاهر إن مجتمع الصعيدي والبحرواي ومجتمع الفلاح ورجل الأعمال والموظف بدأ يتغير.. مجتمع "أمل وعُمَر" بدأ مايبقاش فيه غير "عُمَر".. لأني بصراحة بصراحة وخصوصا في موضوع التحرش ده مش شايف أي "أمل"!