Friday, September 30, 2011

كُلّنا

قصة مشهورة لمجموعة من الناس دخلوهم أوضة ضلمة وطلبوا منهم يتعرفوا على الحاجة اللي جوّة الأوضة دي ومسموح ليهم يستخدموا حاسة اللمس..

المجموعة دي خرجت من نفس الأوضة لكن كل واحد قال عن حاجة مختلفة موجودة جوة..واحد قال: حيطة..التاني: حبل..التالت: سيف أو خنجر..الرابع: مروحة او حاجة شبهها..الخامس: زي عمود خرسانة او جذع شجرة..السادس: تِعبان..

كل واحد كان مصرّ على إنه لمس اللي جوة الأوضة وإنه متأكد..كلهم كانوا في منتهى الأمانة في الوصف..

طلع إن الأوضة كان فيها فيل! وكل حد فيهم لمس جزء مختلف من الفيل..الديل..الزلومة..الناب..الرجل..

كلهم كانوا صح..لكن للأسف ماعرفوش كان فيه إيه جوة!

وأنا باتناقش معاك مش كفاية إني أكون صادق في اعتقادي.. وحيادي في رأيي..لأني مع كل ده ممكن أكون شايف مجرد جزء من كل..مش شرط تكون شايف كل حاجة لكن جايز رأيي ورأيك يكملوا بعض..

جايز لو سمعتك بجد وصدقت إنك لقيت "حبل" على الرغم إني لقيت "جذع شجرة" أفكر إن اللي إحنا الاتنين شفناه أو لمسناه ممكن يكون حاجة أكبر مما تخيلنا..حاجة تحتاج رأيي ورأيك وآراء تانية.. مش شرط واحد بس يكون رأيه صح والباقي غلط..

أعتقد إن دي من ضمن الحاجات اللي بتفرّق الإنسان عن كائنات تانية..يعني مش متهيألي ممكن فارين يقفوا يكلموا بعض وواحد فيهم يقول للتاني: أنا هاروح آكل حتة الجبنة دي..التاني يقول له: يابني انت عبيط؟ دي مصيدة! أو حمار يقول لحمار صاحبه: أنا ناوي أسيب الشغل! فالحمار صاحبه يقول له: وهتلاقي تاكل منين يا بني آدم! (قصده يا حمار)

بمعنى إن الخبرات المختلفة والاستعدادات الشخصية والمهارات الفردية هي ميزات موجودة بشكل واضح جدا في الإنسان..وممكن أنا وانت نستفيد من غيرنا..مش شرط أغير رأيي لما أسمعك..لكن ممكن أضيف للي أنا عارفه..

لما تحتار في حاجة وماتبقاش عارف تقرر..شارك حد بتثق فيه..ممكن يكون شايف حاجة انت مش واخد بالك منها..

لما بلدك تمر بتغيرات واسعة وملامحها مش واضحة غالبا ده أكتر وقت محتاج تسمع آراء ناس تانية ليها توجهات مختلفة عنك..شافت جزء مختلف من الفيل...

اسمع الباقيين ولو بتثق فيهم ممكن مع بعض تكونوا الصورة الكاملة...

Thursday, September 29, 2011

أنا مبسوط

من ضمن الحاجات الطريفة إنه كان فيه كده زي اعتقاد علمي إن ماينفعش حد يحلم إنه بيقع من مكان عالي قوي وفعلا يوصل للأرض في الحلم ويفضل عايش..يعني لو حصل كده في الحلم العقل بيدّي إشارة للقلب إنه يتوقف..لأن العقل مش بيقدر يستوعب يعني إيه حد يقع من ارتفاع عالي قوي كده –حتى لو في حلم – ويفضل عايش!

طبعا الحكاية دي بتحسسني إنه: إيه ده؟ إيه العقل العبيط ده؟ إيه العقل اللي ماعندوش مخ ده! باقوللك باحلم!
وعشان كده كان الاعتقاد ده بيقول إنه على الرغم من إن معظمنا عدّى عليه الحلم ده كذا مرة..إلا أننا دايما بنصحى على آخر لحظة قبل الارتطام بالأرض (حاولت أفكر في كلمة غير "ارتطام" بس مالاقيتش..وبصراحة استسهلت)  :)

وعلى الرغم إن الفكرة دي فكرة مش حقيقية دلوقتي (على ضمانة موقع بيتناول حاجات كتير عن الأحلام) إلا إن فعلا عقلنا مش طول الوقت "عقلاني"..عقلنا مش دايما بيفكر "بالعقل"..وعدم المنطقية دي بتدي مساحة كبيرة من احتمالية وجود انطباعات مختلفة حتى لو الموقف أو المعطيات واحدة..

ومن ضمن الحاجات اللي فيها مناقشات كتير وتعاريف وأخد وعطا الفكرة الأزلية القديمة بتاعة "السعادة" وإيه هي..

وأنا هنا مش هتكلم عن الأفكار بتاعة هل السعادة في الفلوس وللا الصحة وللا العلاقات الناجحة وللا الارتباط الوثيق بربنا وللا النجاح في الشغل...لأن المواضيع دي متهيّالي الناس ناقشتها أكتر يمكن من سعيهم للحصول على السعادة بأي طريقة!

لكن لما فكرت في الرسايل اللي المجتمع بيوصلهالنا عن "النموذج المثالي للسعادة" لقيت الموضوع ممتع..

لما تيجي تسأل المجتمع عن السعادة..الإجابة مش بتيجي على طول..(أقصد بالمجتمع العقل الجمعي اللي ناس كتير بتتفق إنه توّجه عام أو معتقد يغلب عليه إنه صحيح..)
 
لو سألت المجتمع عن نموذج السعادة..هتلاقي المجتمع بيرد بسؤال ويقوللك:< قبل ما أجاوبك..قُللي عنك..>

فلو انت مثلا متخرج وأعزب...<إيه ده؟ إحنا امتى هنفرح بيك؟>  ..وطبعا مهما تحاول تستفهم منهم هُمه ليه مش فرحانين بيك..برضه هيعرفوا إنك فاهم وبتستهبل..

لو متجوز...<مش هتجيبلنا بقى حتة عيّل يملا علينا البيت؟> ..والغريبة فعلا هي حكاية "تجيبلنا"..ويبقى نفسك تقولهم..ماتتفضلوا معانا!..لأ وإيه "يملا علينا البيت"..ليه هتخلف فيل؟..ده غير جمل: <نفرح بيهم قبل مانموت>...
وعلى طول ييجي في بالنا صورة أب وأم وطفل صغير جميل ونحِسّ قد إيه إن أكيد الوضع ده هو صورة نموذجية للسعادة..

<مش هتخاويه؟ وللا عايزه يطلع وحيد؟>

<مش هتجيب الواد؟> أو <مش هتجيب البنت؟>..

<إيه ده؟ معقولة هتدخلهم المدرسة دي؟>..

واختصارا..لو سألت المجتمع.."من فضلك في جملة واحدة..قوللي إيه النموذج المثالي للسعادة"
<أي حاجة مش عندك دلوقت> <أي وضع انت مش فيه النهاردة>

أشطر واحد في الفصل عايز يبقى الأول على الجمهورية..والأول على الجمهورية عايز يبقى أشطر وأقوى واحد..وأقوي واحد عايز يبقى كمان أذكى..وهكذا..

ناس كتير بتبص على رئيس الجمهورية لأي بلد وتقول: ياااه..عنده كل اللي يتمناه..أحسن رعاية صحية..كل أوامره مجابة..بيسافر ببلاش..مابيصرفش وللا مليم على لبس ولا أكل..

ورئيس الجمهورية بيبص عليّ ويقول: يااه..عنده كل اللي يتمناه..بيسهر مع أصحابه على القهوة زي ماهو عايز..بينزل يتفسّح في أي وقت من غير حراسة تقرفه..بياكل اللي هو عايزه..

الظاهر كده إن المجتمع بيضحك علينا :)..عشان كده مش عايز ينزّل نموذج واضح..

فقررت إني أفهّم عقلي..وأقول له بصوت واضح إني ينفع أكون مبسوط..

أنا مبسوط..مش لأن عندي كتير..ولا لأن عندي حاجات تعتبر أحلام لناس كتير..
أنا مبسوط لأني مش محتاج أبقى زي أي حد..مش محتاج يبقى عندي حاجة مش عندي..

لو عازب ينفع أبقى مبسوط و"يفرحوا بيّ" برضه.. ولو متجوز هبقى مبسوط..ولو عندي عيال هبقى مبسوط..ولو بقيت رئيس جمهورية هبقى مبسوط (هاضغط على نفسي وخلاص!)  :)

باحتاج أفكر نفسي إني "مبسوط"..باقولها لنفسي كتير..
أنا النهارده مبسوط لأن الشغل مشي كويس..وقابلت أصحاب زي الفل..وشربت شاي بالنعناع (اسمه الكودي: شاي مخاصم بعضه)..مبسوط لأني مش محتاج أبقى زي أي حد..

عقلك ممكن مايكونش "عارف" إنك ينفع تكون مبسوط..فكّره

جرّب تقولها..قول "أنا مبسوط" بصوت مسموع..وأتحداك لو ماابتسمتش! :)

Tuesday, September 27, 2011

إنت حُر

فيديو رائع انتشر مؤخرا على الإنترنت لمجموعة من قرود الشيمبانزي اللي فِضلت تخضع لتجارب في المعامل لمدة 30 سنة من غير ماتشوف العالم الخارجي..من غير ماتشوف أي حاجة برة المعمل..الفيديو بيبدأ بباب بيتفتح لأول مرة..وشوف رد فعل القرود..
اتفرج وكمّل قراية..


لما اتفرَّجت على الفيديو ده ماكنتش عارف المفروض انطباعي يبقى إيه! ماكنتش عارف أتبسط وللا أستغرب وللا أضحك..أبكي وللا أتفائل..ماكنتش عارف أتخيل مين من القرود هيطلع ومين هيفضل في القفص..

شفت أول قرد لما طلع وشاف الشمس وراح حاضن القرد التاني؟..شفت خطواتهم المحسوبة اللي بعد كده بقت أكثر عفوية وطبيعية؟ شفت الخضّة اللي فيها فرحة مع استغراب؟

حد بقاله 30 سنة..آه 30 سنة..تخيّل؟..30 سنة في قفص..حماية؟ أيوة..أكل واهتمام صحي و"استقرار"..أيوة..مافيش مفاجئات ولا مشاكل..مش محتاج يفكر يجيب أكل إزاي..ولا محتاج يبذل مجهود في أي حاجة..

بس في قفص!

مع كل ما تحمله الحالة دي من قلة حيلة..موت للأحلام..أيام مكررة..طموح غايب..أمل مش موجود..متعة تعب مالهاش مكان أصلا..

ليه؟

لأن مكانه الطبيعي مش في معمل تجارب..مكانه اللي فيه يقدر يظهر كل إمكاناته مش جوة القفص..اتخلق برة..اتخلق يشوف الشجر والشمس..اتخلق يجري ويتنطّط..اتخلق يدوّر على أكل..اتخلق يحِب ويتحَب ويدوّر على مكان سكن..اتخلق حر طليق..

صعبة؟ محتاجة جرأة؟ محتاجة قرار إني أطلع من مكان الراحة بتاعي؟
الشمس هتتعِب عينيّ أول مرة..يمكن مالاقيش أكل على طول..هاواجه مخاطر وحاجات مش متوقَّعة..بس هبقى حُر..
السطور اللي فاتت مش بس لسان حال قرد الشيمبانزي اللي ماكانش متأكد هو ينفع يطلع للنور وللا لأ..
لكن ده لسان حالي وحالك..

من واحنا صغيرين وجملة "انت حُر!" هي أقرب للتهديد عنها للمعلومة..:)
"انت حر!" يعني: هتشوف الويل لو عملت كدة..:)
"انت حر!" يعني: لو فاكر نفسك جدع اعمل كده.. 
"انت حر!" يعني: انت فاكر نفسك هتعرف أكتر؟

لكن النهارده أنا ناوي أمارس الحرية اللي الله سبحانه منحهالي..حرية إني أخرج للنور..أطلع من مكان الراحة اللي أنا فاكرُه بيحميني..أخرج من حالة "الاستقرار" للحالة اللي فيها أكتشف الإمكانيات الجبارة اللي ربنا ليه المجد حطها فيّ! إمكانيات مش هتبان جوة قفص.. طاقات مش هتظهر وأنا في الصندوق" الحلو الهادي الجميل"..

القفص ممكن يكون علاقة بتستنزفني..شغل بيرجعني لورا..مكان بيسلبني إنسانيتي..صداقة بتستهلك وقتي..
القفص ممكن يكون البعد عن مصدر النور والحب والأمل..مصدر كل شيء جميل..الله سبحانه..
القفص ممكن يكون نظام فاسد بيحكم بلدك..

انت حر..اتخلقت حر..ماتخلقتش عبد..
انت حر..مش تهديد..معلومة..:)
انت حر..وعلامة على حريتك هي حريتك في إنك تقرر تفضل في القفص وللا تخرج حر..انت حر!

Monday, September 26, 2011

اضحك في الصورة

لسّة راجع من وقت ممتع قضيته بالكامل مع العيلة..وقت ضحكنا وهزرنا واستعدنا ذكريات حلوة واتريقنا على بعض واتخانقنا مين يعمل الشاي! (اللي واقف طبعا هو اللي يعمل الشاي - لأ..اللي ماعملش شاي قبل كده النهاردة هو اللي يعمل – حرام احنا تَعَبنا ماما قوي..قوم انت اعمل الشاي – أول واحد طلب شاي هو اللي يعمله..)

وبعد وقت رائع مع العيلة حسيت قد إيه حجم الدعم والمحبة والإيجابية في كل مرة نتجمع كلنا..فخور قوي بعيلتي..
واكتشفت إن في كل مرة العيلة بتتجمع ..فيه كم كبير من الذكريات بنقدر نسترجعه..ذكريات حلوة مضحكة وبمجرد ما نفتكر حاجة واحدة بس نلاقي ذكريات تانية بدأت "تكُر"..

ومش كل الذكريات بنفتكرها عن طريق الصور..لكن الصور ليها دور كبير في ده..الغريبة إن إننا لما بنيجي نتصور بنتصور عادي جدا..ومش بنبقى مدركين مدى غلاوة وحلاوة وقيمة الصورة دي بعد 20 سنة..

قبل اختراع الكاميرا كان فيه حاجة اسمها camera obscura  ودي وُصفت لأول مرة (بين سنة 1015 وسنة 1021) في كتاب ابن الهيثم "كتاب البصريات"..والجهاز ده كان بيعرض الصورة على شاشة لكن ماكانش ممكن حفظ أوتخزين الصورة..لغاية ما جوهان زان اخترع الكاميرا سنة 1685

وواضح إن السبب في إن الكاميرا كاختراع تتطور بالشكل ده هو رغبة الإنسان في إنه يحتفظ بأكبر قدر من الذكريات في أقل مساحة بأحسن جودة بأسرع طريقة..

لكن هو احنا إزاي بنعمل الذكريات؟ إزاي لما حدث عادي بيحصل بنقرر كعيلة أو شلة أصحاب أو زملا في نفس الشغل إننا نحول الموقف ده من مجرد حدث لذكري حلوة نفتكرها بعد كده؟
مش عارف..

بس اللي تخيلته إنه في كل مرة بافكر إن اللي أنا بأمر بيه دلوقتي هيكون ذكرى حلوة بعد كده..باتبسط..
الصورة العادية بتاعة النهاردة هي ذكري رائعة بكرة..

ساعات بتفوت علينا فرص كتير إننا نبقى أكثر سعادة لأننا مش شايفين في الموقف اللي بنمر بيه دلوقت غير: تحدي أو صعوبة أو مشكلة..لكن لو ضفنا بُعد جديد للموقف وفكّرنا نفسنا إن السنة الجاية جايز نفتكر الموقف ده ونضحك..يمكن الدنيا تعدّي ألطف..

ياترى بتقدم على شغل جديد ومزنوق في الورق والـ CV والتحضير للـ interview؟
تعبان وبتعمل تحاليل ومش عارف الدنيا مخبية إيه؟
مزنوق في المذاكرة وزهقت؟
بتحلم ببلدك أحسن ولسّة مافيش أي تقدّم واضح؟

حاول بس تفكّر نفسك إن النهارده هيبقى إمبارح بكرة! ويمكن بكرة تفتكر النهاردة وتبتسم..طب لية تستنى لبكرة؟
ابتسم من دلوقت..ابتسم وانت عارف إنك بتبني ذكريات..بتكتب تاريخ الأيام اللي جاية..بتكوّن قصص جميلة هتحكيها بعدين وانت أكثر راحة واطمئنان..بتتصوّر صورة..لكن مش مجرد صورة..

ماتستنّاش لما الذكريات تبقى ذكريات عشان تتبسط..اتبسط بمواقف النهاردة هتتحول لذكريات قدام..وابتسم في كل صورة تتصورها..مش عشان الصورة تطلع حلوة..لكن عشان عارف إنك النهاردة بتبني ذكري جميلة..

Friday, September 23, 2011

هادفع التمن

فكرة إني أديللك خدمة أو سلعة مقابل خدمة أو سلعة تانية فكرة موجودة من زمان قوي..ومن قبل مايكون فيه فلوس مطبوعة أو عملات كانت فكرة "المقايضة" معروفة وبيتم التعامل بيها على طول..

والسلع أو المواد اللي كانت بتُستخدم في المقايضة متعددة جدا..يعني مش بس البقر أو الحبوب مثلا..لكن الناس كانت بتدفع بالدهب والصَدَف والفضة..الرُز والنحاس والبطاطين..(لو سمحت عايز كارت شحن..بكام؟..3 بطاطين!)..والسمك والملح والخرز وورق الشاي.. وهكذا..(وطبعا مش قادر أتخيل قوي شكل المَحفَظَة كان عامل إزاي وقتها! أكيد ماكانش فيها مكان للـcoins! )

وأكيد نقدر نتخيل عدم تصديق الناس لما اتغيرت طريقة الدفع لورق البانكنوت! الصورة اللي على جنب هي صورة لأول جنية مصري اللي صدر سنة 1899..ظريف جدا إن مكتوب عليها: "أتعهد بأن أدفع لدى الطلب مبلغ جنية واحد مصري لحامله"..مقصود جنية دهب مقابل الورقة دي..

جدير بالذكر إن كلمة "جنيه" متاخدة من Guinea coin ودي كانت أول عملة تتعمل عن طريق المَكَن واستخدمت في بريطانيا بين 1663 و 1813 وكانت قيمتها جنية استرليني بما يوازي 20 shillings (الكلمة اللي لسة لغاية دلوقت بنستخدمها "شلن") وسموها Guinea coin  لأنهم كانوا بيجيبوا الدهب المستخدم في العملة دي من Guinea  اللي هي غينيا.. وعشان كده النطق الأقرب لكلمة "جنيه" هو النطق اللي بيستخدموه الإسكندرانية! [مش معنى كده إن "فلافل" أصح من طعمية..ولا إن "تشتي" زي "تمطّر"]  طبعا أنا باحب الإسكندرانية جدا (كلام لازم الواحد يقوله بعد أي إشارة لحاجة ممكن تتاخد عليه لتفادي أي "عركة" بيننا!)  :)

طول الوقت فيه تمن بيتدفع..طول الوقت..

وعلى قد ماانت محتاج السلعة..أو على قد ما السلعة نادرة أو ضرورية على قد ما أنا وانت مستعدين ندفع التمن..وسواء التمن كان بقرة أو شوال دقيق..ألف جنية أو سندوتش "فلافل" فاحنا طول الوقت بنختار وبندفع...

العملة النهاردة اتغيرت..(اصبر بس!)..آه الجنية لسة شغال..لكن فيه حاجات تانية بندفعها..
وقت..مجهود..حرقة دم..سهر..سفر..حيرة ومشغولية بال.. وعادة الحاجات دي صعب ندفع فيها فلوس ولا بقر ولا فضة!

ولأن المبادئ والقيم والمعتقدات المحورية core beliefs (سواء حلوة أو وحشة) هي أكتر حاجة بتحرك الإنسان في تصرفاته عشان كده بنحتاج نبقى مستعدين ندفع التمن! وساعات التمن بيبقى كبير..

بنطلب كتير إن المجتمع يتّسع لكل الناس والمعتقدات والمفاهيم..لكن عمليا دة مش بيحصل..نفسنا إن ماحدش يخسر فرصة أو وظيفة أو استمتاع بالحياة بسبب معتقده أو مذهبه أو ميوله..لكن الحياة مختلفة..

السيخ مثلا على مستوى العالم بيلبسوا الـ turban على الراس كجزء مهم من معتقدهم لأنه بيرمز للاحترام والشجاعة والروحانية..لكن وانت سايق الموتوسيكل مطلوب منك تلبس الخوذة للحماية..ولأنه ماينفعش تلبس الخوذة فوق الـ turban بيبقى على الشخص اللي عايز يطبق هذا الاقتناع الروحي إنه يدفع التمن ومايكونش بيسوق..

طبعا أتمنى تفضل الشعوب في محاولات جادة للتقريب بين المعتقدات بحيث المجتمع يستمر في إدماج الكل..لكن أنا محتاج أقرر إيه الحاجة اللي ماقدرش أستغنى عنها..وأدفع التمن..

عايز أعمل وشم على دراعي..براحتك! لكن لو ماتقبلتش في شغل لأن الشكل مش مهني..ماتتضايقش..انت بتدفع تمن..
صايم صيام معين ومش كل الناس صايماه في نفس الوقت (الصوم موجود في معظم المعتقدات الروحية وأكيد في مجتمعك ناس هيكون توقيت صومهم وطريقته مختلفين)..كون مستعد إنك تدفع التمن بإنك تحس أنك جعان وغيرك بياكل..أو إنك تشوف غيرك بياكل لحوم وانت نباتي..

بأحلم بمجتمع يقبل ويدمج الكل..وبأحلم كمان بأفراد مقتنعين باللي بيعملوه مش لدرجة إنهم يحاربوا المجتمع..لكن يقبلوا إنهم يدفعوا التمن..

Thursday, September 22, 2011

اللي وقع بودانه

كل عيلة أو شلة أصحاب بيبقى عندهم مسرحية أو فيلم أو أغنية مفضلة وبيبقوا فاكرين إن كل الناس بتحب العمل الفني ده..
في عيلتنا العمل ده هو مسرحية العيال كبرت.. حافظين المسرحية دي مش بس لدرجة إننا بنستشهد بيها في مواقف كتير..لكن لدرجة إننا نادرا مابنوافق نتفرّج عليها مع بعض :)..والسبب طبعا إننا بنتسابق في إننا نسَمّع الجمل الحوارية..أو نلفت نظر بعض لحتت صغيرة قوي في حركات وشوش الممثلين أو غلطاتهم وهكذا..:)

المهم..في مشهد من المشاهد عاطف هيموت ويقول لأمه على السر اللي كلهم بيحاولوا يخبّوه عنها..المشهد ده بيحتوي على جملة من الجمل اللي باستخدمها كتير مع أصحابي: "آه..مش هاتمشي إلا لما تعرف كل حاجة!" :) ..اتفرّج على المشهد وكمّل قراية..


عمرك اتعرضت لموقف لقيت نفسك بتحكي قصة واكتشفت في النص إنك ماكانش المفروض تحكيها؟ تلاقي نفسك مش عارف توقّف الحكاية..ولو اتجرّأت كده وقررت تسكت تبقى مش عارف تسكت في أنهي حتة..وتسكت إزاي..يعني تعمل زي المغني المشهور وتقول "بس خلاص"؟ [مش بافضل أقول اسم المغني المشهور عشان مايبقاش إعلان مجاني عن شعبان عبد الرحيم :) ].. وللا تستظرف وتقول "تمت"؟ :)  وللا تعمل إيه؟ موقف سخيف..

لساننا مش دايما بيستر..أوقات كتير الواحد ممكن يقع بلسانه ويقول تعليق أو نكتة أو خبر ماكانش المفروض يقوله.. وطبعا مهما اعتذرت وقلت مش بينفع ترجّع الكلام اللي اتقال..كأنه ماتقالش..
أي واحد فينا ممكن يقع بلسانه بتعليق سخيف..قصة مش مفروض يشارك بيها..نكتة مش في وقتها..مبالغة مالهاش لازمة (قال يعني فيه مبالغة ليها لازمة)..

ممكن كمان نقع بلساننا بمعلومة مش كاملة..رقم مش صحيح..خبر مش متأكدين من مصدره..
ممكن أقع بلساني لما أتكلم كتير..لما أتكلم بصوت عالي..لما أستخدم نبرة تهكمية..لو شتمت أو أهنت حد أو اتريقت على حد بغرض إنك تقلل من قيمته..

اللي صعب أقع بيه: وداني!..

ماسمعناش عن حد "بيسمع زيادة عن اللزوم"..أو حد "من ساعة مادخل وهو فضل يسمع يسمع بطريقة سخيفة"..أو "أنا ماسمحلكش تسمعلي بالطريقة دي"!!

قليل قوي ما ممكن أندم إني سمعت..نادر إن حد يحس إنه ماكانش مفروض يدي ودنه لصديقه لما احتاجه..
للتعبير عن الاهتمام والتركيز المقولة بالعربي بتقول: "كلي آذان صاغية" وبالإنجليزي حاجة بنفس المعنى: I’m all ears!  
فرانك تايجر قال: كون مستمع جيد..عمر ودانك ما هتسببلك مشاكل!

معظمنا بيقاوم الإغراء بتاع إنه يقول رأيه في كل حاجة....لما بنبقى قاعدين مجموعة تلاقي ناس كتير نفسها "تاخد فرصتها" في الكلام..وتلاقي ساعات الموضوع مبالغ فيه للدرجة اللي فيها الواحد يخاف ياخد نَفَسه أحسن حد غيره "ياخد المايك" ويتكلم..

التحدي اللي قدامي وأتمنى يكون قدامك إننا نسمع..
الاستماع بيبني..الاستماع بينوّر ويطوّر الإنسان..
الاستماع النشط بيوصّل اهتمام واحترام وتشجيع للغير..

مرّات صاحبي بيكون محتاج حد يسمعه بس..جوزك ممكن يكون عارف حل كل المشاكل في الدنيا لكن بس عايزك تسمعيه..
ابنك نفسه يلاقي فرصة ماما وبابا يكون قاعدين ساكتين وبيسمعوه..

اسمع..مش بس تسمع مزيكا..مش بس تسمع آراء المحللين السياسيين..مش بس تسمع الرأي الآخر..لكن تعالى نتدرب نسمع بإنصات للناس اللي بنحبهم..

وأنا بأسمعك..عايز أحط نفسي مكانك..لو انت "شاب عنده 25 سنة وداخل الجيش قريب"..أقدر أحاول أفكر لو أنا مكانك هابقى حاسس بإيه..وأسمعك بناء على الإحساس ده.. لو "أب خايف على ابنه"..أو لو "بنّوتة خايفة من الضلمة"..أقدر أحط نفسي مكان المتكلم عشان أعرف أسمع حلو..

لما باعمل كده: السمع بيبقى أسهل..والتجاوب بيبقى أسهل..وساعات بابقى مش محتاج أقول أكتر من: أيوة أنا معاك..أنا سامعك..
ومطمن إني مهما أسمع مش هاقع بوداني!

Wednesday, September 21, 2011

النهاية مش يوم 26

خلاص؟ النهاية قَرّبت؟ يوم 26 وللا 27؟ وللا السنة اللي جاية؟ وللا 21 ديسمبر 2012؟ وللا امتى؟

بالمناسبة.. مافيش نهاية!

لما اتخلقنا اتعملنا بطريقة خاصة مختلفة عن باقي الخليقة..اشتركنا مع باقي المخلوقات في المهارة والجمال والتعقيد اللي اتخلقنا بيه...لكن اختلفنا عنهم في إننا مش مجرد أجساد..مش مجرد إيدين ورجلين وراس..مش بس موجودين عشان ناكل ونشرب وننام..نتجوّز ونخلّف ونطلّع عينين عيالنا وبس :) ..نخترع ونفكر ونسافر وبس..

لكن اتخلقنا وجوانا نفس وروح جوة الأجسام..زي الـsoftware بالمقارنة بالـhardware..يمكن جهاز الكومبيوتر يتغير لكن غالبا بتنقل بياناتك والملفات والصور والحاجات المهمة على الجهاز الجديد..

الموت –على الرغم من إنه مخيف لناس كتير- مش هو النهاية..

زي بالظبط لما أنا خرجت من مرحلة الطفولة..ما انتهيتش..ولما انت اتجوزت انت ما انتهيتش [معلش عدّيها :) ]..لكن بدأت مرحلة جديدة..وفي المرحلة الجديدة دي انت مابقيتش إنسان مختلف تماما عن قبل كده..لأنك لازلت بتستخدم كل الأفكار والمهارات والمعلومات والخبرات اللي اكتسبتها في الطفولة وقبل الجواز...

الدخول لمرحلة جديدة مش معناه النهاية...

أنا وانت النهاردة في الوضع اللي احنا فيه بسبب الأكل اللي أكلناه واحنا أطفال..المزيكا اللي سمعناها..الكتب اللي قريناها..اللعب اللي لعبناه..الأماكن اللي رحناها..الأفلام والأغاني والسفر والبكا والمدارس والنوم والهزار وكل حاجة مرينا بيها شكلت فينا...
المراحل اللي عملنا فيها الحاجات دي خلصت..والأوقات اللي اكتسبنا فيها الخبرات دي عدت لكن احنا ما انتهيناش لما بدأنا مراحل تانية..

وصولنا للمرحلة اللي فيها أجسادنا مش هتكون موجودة (المرحلة اللي البعض ممكن يسميها الموت) مش معناه وصولنا للنهاية..أرواحنا مش بتموت..مش معمولة عشان تموت..ولما أجسادنا تكون قامت بالوظيفة وحققت الغرض منها مش هنكون محتاجينها تاني..

لكن..
 لكن كل مهارة وخبرة..كل كتاب أو فيلم..كل حاجة بأسمعها أو أقراها..بتضيف لروحي.. ومافيش حاجة مش بتفرق..
كل حاجة بازرعها النهاردة ليها تأثير..
كل مكان باروحه وكل صاحب باعرفه بيفرق..

كل استثمار باعمله النهاردة وانا بجسمي مش بيرُوح على الفاضي..

عشان كده مش هأقوللك: "ماتخافش"..النهاية مش يوم 26..
ولا هأقوللك: "خاف"..لأن النهاية مش يوم 26..

أنا بس هأفكر نفسي وأفكرك إن موت الجسم مش هو النهاية..والمعلومة دي مخيفة لناس كتير لكنها مبهجة ومشجعة لناس كتير برضه..

اشتغل واجتهد..اتعلم وحاول..ابني في الحاجة اللي هتفضل موجودة..الجسد كده كده مش قاعد..لكن الروح مالهاش نهاية..

النهاية مش يوم 26! :)