Saturday, June 22, 2013

ثم إنه

على الرغم من إن تعبير "الإسطوانة المشروخة" هو تعبير مقترن بحاجة سلبية لكن فكرة الإسطوانة المشروخة واللي فيها نفس الجزء من المزيكا بيفضل يتكرر طول الوقت هي فكرة ممكن نشوفها من جانب تاني..

فكرة إننا نكون بنتناقش عشان نوصّل وجهة نظرنا هي فكرة محتاجة تدريب.. مش حاجة تلقائية بنتولد بيها (أكيد يعني).. لكننا كتير بنستخدم طُرق بتخلينا نخسر المناقشة وبكل سهولة.. ساعات كل المطلوب عشان أكسب مناقشة منطقية بيكون "إسطوانة مشروخة"..

بمعنى إن في أغلب الأحوال بتكون فيه نقطة واحدة محورية بيدور حواليها النقاش.. نقطة واحدة أنا محتاج أوصلها للي قدامي.. مش أكتر.. لكن اللي بيحصل إني ممكن ساعات أنزلق (مش عارف بأجيب الكلام ده منين) ممكن أنزلق لأفكار جانبية قال إيه عشان أوضح موقفي أو أأكد رأيي..

يعني مثلا هل إنت عايز تمشّي مسئول في الدولة عشان "بيتكلم إنجليزي وحش"؟ أو "رافع البنطلون لحد زوره"؟.. على الرغم إن ممكن النقط دي تكون حقيقية لكنها بتفقد الحوار منطقيته.. اللي بيبان إني افترضت إن اللي قدامي ده "أي كلام" وبما إنه أي كلام فأنا هاأتطوع أوضح هو أي كلام في كل مجالات الحياة.. ساعات كل اللي محتاجه بيكون إني أقاوم "إغراء" إني أتكلم عن نقط تانية "غايظاني" في الشخص ده لأن التركيز هو على فكرة "إنه مش كفء للوظيفة".. بس.. حتى لو بيتكلم إنجليزي لبلب ولابس البنطلون للمستوى المتعارف عليه مجتمعيا :) :)..

الحكاية دي بتبان جدا في حكاية "ثُم إنه" (وبعدها أي جملة).. أهي "ثم إنه" دي هي الحاجات اللي بأبقى فاكر إني بأضيفها للمناقشة عشان أقوي الحُجة.. لكن اللي بيحصل إنها بتشتت المناقشة.. ويبدأ اللي قدامي يدافع عن فكرة "الإنجليزي" و"البنطلون" ويخرج النقاش عن مداه خالص..

"دمهم تقيل" و"فاكرين إنهم الوحيدين اللي عارفين ربنا" و"مش بيفكروا" و"متغاظين من برامج التوك شوز".. هل هي دي الأسباب اللي عندك؟ "شبه عم شكشك" و"وشّه تحس إن فيه واحد قعد عليه وهو صغير" و"عنده لُغد" و"أقرع".. مش ده تهريج؟

اللي بيقول 50 نكتة منهم 30 حلوين غير خالص اللي بيقول 30 نكتة كلهم حلوين.. وفي المناقشات أعتقد إن الموضوع متشابه.. لو عندي نقطة واضحة بأتكلم فيها وبناء عليها بأطالب إن مسئول معين يمشي ولتكن "عدم الكفاءة" ما ينفعش أضيف عليه كام نكتة بايخة وأنا فاكر إنه "أهو كله خير"..

تدريب مش سهل إني أركز في مناقشاتي على نقطة واحدة بس.. أحاول أحللها وأوصّلها بعمق.. بدل ما كل كلامي يبقى "ثُم إنه"..

Monday, June 17, 2013

الشمسية

في قرية صغيرة كان الاعتماد الأكبر على ميّة المطر عشان الناس تزرع وتلاقي أكل.. وكان بقالهم وقت كتير مستنيين المطرة لكن ماحصلش.. الناس كلها كانت بتحلم بالمطر فقرروا يتجمعوا ويدعوا ربنا ويمارسوا طقوسهم الخاصة على قد ما يقدروا عشان الدنيا تمطر.. كان حلمهم حقيقي إلا إن بنت صغيرة كانت مصدقة في الحلم وفي إمكانية إنه يتحقق أكتر من أي حد فيهم.. في اليوم اللي قرروا يتجمعوا فيه منتظرين المطر البنت دي كانت الوحيدة اللي جات ومعاها "شمسية"..


في أحلامنا الشخصية أو أحلامنا لبلدنا بالتغيير بنعرف نحلم.. بنعرف نتخيل الوضع من غير حاكم ظالم أو مش كفء.. معظمنا عارفين إحنا "مش عايزين" إيه.. وفي سعينا إننا نمشّي رئيس أو وزير أو مسئول مش قايم بدوره غالبا مش بنبقى مصدقين للآخر إن الحلم ممكن يتحقق..

بنعرف نحلم أحلام كبيرة.. بنقول إن من حقنا ديمقراطية وحرية وعدالة ونضافة ومستوى معيشي كويس.. عارفين إننا ينفع نكون بلد كويسة.. عارفين إن عندنا موارد وإمكانيات طبيعية وبشرية نقدر بيها ننافس في مجالات كتير.. لكن وسط أحلامنا الكبيرة مش دايما بنكون مصدقين للآخر إن الحلم ممكن يحصل.. إذا مصدقين إنه هايتحقق طب ليه مش دايما معانا "شمسية"؟.. ليه مش دايما شايفين إن الفاسد هايمشي وبعدها....آآآ وبعدها.... آه مش مهم بعدها.. خلينا بس نخلص منه!.. على الرغم إن "الخلاص منه" في حد ذاته إنجاز لكن لو أنا مصدق فعلا إننا هانخلص منه فين باقي حلمي؟ فين حلمي بالمرحلة اللي بعد كده؟ فين علامة إن حلمي منطقي وهايحصل وآدي الشمسية اللي هاأستخدمها لما المطرة تغرق الدنيا وتجيب الخير للأرض؟

في التواصل عن طريق اللغة مش كل سؤال غرضه الاستفهام.. وطبعا السؤال ممكن يكون هو هو لكن هدفه مختلف.. أنا هنا مش بأقول "فين البديل؟" كأني بأطرح سؤال استنكاري.. كما لو إني بأقول "على فكرة مافيش بديل فخلينا زي ما إحنا" ولا بأقول "أهو ده أحسن من غيره".. أنا هنا بأسأل سؤال غرضه الاستفهام فعلا.. "فين البديل؟"

اللي بيحلم إنهم يكلموه عشان يروح يعمل مقابلة شخصية لشغل جديد مش كفاية إنه يكون بيقول "يا رب يكلموني إن شالله في نص الليل وأروحلهم على طول".. اللي بيقول كده لو فعلا مصدق في الحلم هايكون على الأقل مجهّز البدلة اللي هايلبسها وطابع ال CV بتاعته.. إلا بقى لو حلمه هو مجرد حاجة بيتمناها لكنه غالبا مستبعدها..

أعرف ناس من كتر تصديقهم لحلمهم بيتصرفوا كما لو إن تحقيق الحلم هو مسألة وقت مش أكتر.. الناس دي من الذكاء بحيث مش بيضيعوا وقت.. مش مستنيين "يا سيدي أهو بس يمشي ونبقى نشوف".. لأ.. الناس دي "بتشوف" من بدري.. ويمكن مازال الحلم ما اتحققش..

خوفي إن على الرغم من شرعية الحلم بالإزاحة (حلوة الإزاحة دي) بمسئول غير كفء إلا إن "شرعية" الحلم مش كفاية.. المصيبة إن الحلم لما يتحقق مايلاقيناش جاهزين.. تجيلي فعلا مكالمة التيليفون عشان المقابلة الشخصية وأقعد ألف الدنيا كلها عشان أطبع ال CV.. شعب بحاله يطيح (زي إزاحة كده) بمسئول سَكّة لكن "يتوحل" يعمل إيه بعد كده..

أسوأ الأحلام هي الأحلام اللي بتتحقق لناس مش مستعدة.. ساعتها ياريت الحلم ما يتحقق!.. بدل ما يجيلنا الحلم شخصيا ونلاقي نفسنا بنقول "لا مؤاخدة يا حرية.. إحنا مش مستعدين.. ما كنّاش فاكرين إن الموضوع جد وإن حضرِتك ممكن تشرَّفي".. "الحقيقة كنا بنحلم بالمطرة.. بس ما صدقناش قوي في الحلم"!

مش الشمسية هي اللي هاتجيب المطر.. لكن لو أنا مصدق قوي إن حلمي على الأبواب هايكون سهل عليّ إني أستعد كما لو إن المطرة جاية جاية.. ساعتها إني أروح أشتري شمسية ممكن يكون أبسط خطوة أعملها وأنا مستني حلمي يتحقق..