Wednesday, August 31, 2011

من غير سَنَد

في مناقشة من المناقشات عن المحاكمات العسكرية للمدنيين تطرّق النقاش (حلوة تطرّق دي) لفكرة إنه من المحبط إن البعض ممكن يكون مع أو ضد شخص بناء على مصلحة أو خبرة سابقة أو ميول شخصية أو اتفاق أو اختلاف في الديانة أو الخلفية أو الاهتمامات...
وكان تعليق الصديق ده إنه للأسف الموضوع مش قاصر على آراء الناس اللي مش قارية كتير أو اللي مستواهم الاجتماعي –بحسب تعبيره- أبسط أو أقل من الطبقة المتوسطة..

لما فكرت في اللي قاله لقيت إنه بالعكس!..الناس اللي لازالت محتكّة بالطبيعة أكتر ولسة قريبة من نمط الحياة اللي بيوصفه البعض –مع تحفظي- بالبساطة..الناس دي أكثر قدرة على ممارسة العدل..أكثر قدرة على احترام الآدمية..أقرب للحقايق المطلقة..
كل حد اتعامل مع نبات أو حيوان عن قرب..أو عاش فترة كويسة قريب من مزارع وميه..قادر يشوف العدل شكله عامل إزاي..قادر يشوف إنه لما أضرب حيوان مش هيديني إنتاج زي لما "أحترم" الحيوان ده.. لما أبذل مجهود هحصل على محصول كويس..لما أساعد جاري في محنته هيعود ده عليّ بالخير قدام..

المحزن إني كل ما أبعد عن النوع ده من الحياة بأشوف ظلمي للبشر –مش للحيوان. باشوف إزاي أحكامي وآرائي مش متسقة..كل يوم مختلفة.. ومع كل واحد مختلفة..

خدت بالك إنه لما حد بيقول "معلومة" أو "خبر" ناس كتير ممكن تسأله: "مين اللي قاللك كده؟" كما لو إن الاسم هيفرق!وللأسف بيفرق..لو قاللي "فلان"..ممكن يكون الرد "فلان ده مابيفهمش!" (ساعات الجملة دي بتكون مصحوبة بأسماء حيوانات! رفضت استخدامها هنا لرفضي افتراض قلة الذكاء في الحيوانات)  وده طبعا معناه الضمني إن أكيد المعلومة غلط..ولو الاسم "عِلّان" ممكن أصدق على طول..حتى لو الموضوع مجرد رأي!

أنا هنا مش باتكلم عن المصداقية اللي شخص معين بيبنيها مع الوقت..أنا باتكلم عن "الموضوعية" اللي فيها أنا باقيم الموضوع مش الشخص..
فيه ناس قالت: قبضنا على واحد شكله بلطجي..هو البلطجي شكله إيه؟..
الظريف إن الحجة المستخدمة في اللي بيتحاموا عسكريا إنهم بلطجية! أمال انت بتحاكمهم ليه لما انت بالفعل عارف الحكم؟! زي بالظبط لما تقول: قبضنا على "القاتل" وبنعمل تحرياتنا عنه! مش ناقص بعد كده غير خطوتين: تزعق فيه وتقول له: "انهار واعترف"..وبعد كده ممكن "ينتحر" في السجن ما فيش مشكلة! أو ممكن "ينتحروه"!

لو رأيك هيختلف لو عرفت اسمي أو دراستي أو شغلي أو عيلتي (لو الحاجات دي مالهاش علاقة بموضوع الرأي)..لو حكمك عليّ هيتغير بناء على النادي اللي باشجعه أو مدى شهرتي أو علاقاتي بناس "مهمة"..فكّر مرة تاني..

باحلم بيوم جديد أنا وانت نسعى فيه للعدل..ماتفرقش معايا أسماء! ولما أبقى في أزمة ماتبقاش نجاتي معتمدة على علاقاتي أو شهرتي..لكن ألاقي فعلا سند من مجتمع يحاكمني بالعدل..ويحكم عليّ بالقانون..وفي ظل المحاكمة دي أفضل متمتع باحترام ومعاملة آدمية وهبهالي الله سبحانه..ووهبها لكل إنسان خلقه على أحسن صورة وكرامة..حتى الناس اللي اختلفوا أو عصوا أو رفضوا الإله العظيم اللي طول الوقت بيقدم رحمة وتكريم لبني آدم...


Monday, August 29, 2011

صعبان عليّ

يا كل واحد بيعذّب أو بيهين أو بيقتل..انت صعبان عليّ..صعبان عليّ لأنك ضعيف..على الأقل أضعف من اللي بتعذبه..

انت خايف من اللي بيقول رأيه...وخايف من رأيه..انت خايف ويا حرام ماعندكش رد..انت صعبان عليّ

انت قليل الحيلة..مش عارف تتصرف مع المدونات..مش عارف تعمل إيه مع الإعلام..مش عارف تتعامل مع تويتر وفيسبوك..انت صعبان عليّ..

انت مش عارف تبقى عادل..العدل مكلّف..شغلانة كبيرة..وجع دماغ بالنسبة لك...فبتظلم أسهل..انت صعبان عليّ

انت حاسس بقيمة في لِبس بَس..لبس بس..مجرد زي معين..من غيره انت مسلوب القوة.. صعبان عليّ..

بتتعب لو فكرت..بتشتم وتغلط لو حاولت..بتهين وتلقي إتهامات مش محسوبة لو اتزنقت..بتحرّض وتهدّد وتخوّف وتنبّه على أمل إن الناس تسمع كلامك.. صعبان عليّ

لما بتتزنق بتغير كلامك..لما بيقولولك قلت كذا وكذا بتكدب..ماعندكش مانع تروّج إشاعات..للدرجة دي ضعيف؟

على طول متوقع الخيانة..من اللي معاك..من اللي ضدك..من اللي كانوا معاك..من اللي احتمال يبقوا ضدك بعدين..انت صعبان عليّ..

عندك كتير تخسره..ماتقدرش تنام مرتاح..دايما فيه "ربنا يستر" و"يا ترى بكرة مخبيلنا إيه؟"...انت صعبان عليّ

على الرغم إني النهاردة حاسس بخوف..وحزن..وألم..إلا إنك صعبان عليّ أكتر..
لو عايز احترام وأمان وقوة..لو تحب تنام مرتاح حاسس إنك عادل...لو نفسك في ثقة وراحة..اسمعلي..
لكن يا خسارة..انت في الغالب مش عايز تسمع أو تقرا أو تشوف
..صعبان عليّ!

Sunday, August 28, 2011

أنا ما باموتش

فزورة قديمة يمكن يرجع تاريخها لمايو 1932 بتقول: إيه الحاجة اللي تُعتبر بنت المية بس تموت لو نزلت المية؟ والإجابة التلج! (طبعا فكرة مايو 1932 دي مجرد غلاسة باستخدمها مع أصحابي لما حد يقول نكتة أو فزورة قديمة..نروح نقول له: يناير 66 أو مارس 85 دلالة يعني عن قد إيه قديمة).. :)
المهم..موضوع التدوينة دي بيحصل فيه عكس حكاية التلج دي...ليه؟
لأن كل فكرة بتتولد بتتولد معاها قدرة غريبة تخللي الفكرة ماتموتش..خصوصا لو اتوفر للفكرة دي شوية عناصر منطقية عشان الناس تصدق..اللي عمل الفكرة ممكن يموت وتفضل الفكرة باقية طول ما عناصر انتشارها ومنطقيتها ومصداقيتها متوفرة..

الموضوع دة مش جديد....حد عارف فكرة لبس الأسود على الميت مين اللي بدأها؟ روايات كتير ومافيش قصة أكيدة متفق عليها..لكن حاجة من الحاجات اللي البعض بيتتداولها هي  إن اللي بدأها المصريين القدماء عشان يلخبطوا روح الميت لأنها حسب معتقدهم بتفضل تحوم شوية وممكن تدخل حد من اللي رايحين يعزوا
..ماشي.. لكن مين بقى أول واحد قاللهم كده؟ مين أول مصري قديم قال كده؟ يعني مثلا أشرف رع؟ أو مدحتزوريس؟ مش فارق..وحتى لو عرفنا..الشخص دة مات وكل عيلته واللي كانوا عايشين في المرحلة دي..واللي فضل عايش: الفكرة..وعلى الرغم من معرفتنا لسبب المعتقد إلا إننا لسه بنخضع لقوة الفكرة وبنطبقها..(مش باقترح خالص إنك تروح عزا لابس تيشيرت أخضر وبنطلون جينز وتقوللهم: على فكرة الحزن مش في اللبس..الحزن في القلب! ماقدرش أتوقع رد الفعل ومتهيألي الناس هتراعي بعد كده ماتقولكش على أي وفيات بعدها)...:)

ممثلين ومخرجين ورسامين وكتاب..موسيقيين وقادة ورموز دينية وثوار..مهندسين ومخترعين ومبرمجين وأصحاب شركات بيموتوا..بتنتهي حياتهم بعد 70 أو 80 أو 100 سنة..لكن بتفضل الأفلام واللوحات والكتب..بنلاقي المزيكا والمعتقدات والطقوس الدينية لسة موجودة..بتفضل الثورة عايشة..بنشوف الكباري والاختراعات وبرامج الكومبيوتر والشركات مستمرة..تشهد عن اللي عملوها..حتى لو ماعرفناش أسماءهم...يموت صاحب الفكرة...وتفضل الفكرة مابتموتش..

التقاليد بتستمر واللي بدأوها بيروحوا..
.الإشاعات بتنتشر وأول واحد قالها مش دايما بيتعرف...
الأساطير بتتناقلها شعوب وبيفضل أصلها غامض..الفكرة مابتموتش!

الدول أو الجهات اللي بتقمع وتحبس وتعذب أبرياء أو على الأقل متهمين مش محكوم عليهم قدام قضاء طبيعي عادل بتفتكر إنها بكده بتقضي على أفكارهم..
في مقالته   Civil Disobedience (العصيان المدني) بيتكلم هنري دافيد ثورو وبيقول: "لما ماعرفوش يِوْصَلولي قرروا يعاقبوا جسمي..زي الأولاد الصغيرة..لما مايعرفوش يردّوا على ولد تاني متغاظين منه يروحوا يغيظوا الكلب بتاعه!" وبيكمل يقول: "عشان كده ما يعرفوش يخاطبوا العقل أو الفكر أو الذكاء بتاع شخص لكن يستهدفوا جسمه وحواسه.."

هتقدر تموّت ناس..الفكرة مابتموتش..عذب وهين واحبس..الفكرة مابتموتش..
 
بتمر بلاد كتير بوقت فيه ناس بتبذل حياتها من أجل هدف.. بيتعذب مناضل..والنضال بيستمر..بيتبهدل ويتضرب ويتهان صاحب رأي..ورأيه بيفضل موجود.. بيموت الثائر ..والهدف بيكمل..بيتقتل المسيح..والرسالة بتستمر..

لو قدرنا نكلّم الفكرة ونعمل معاها حديث..تفتكروا هتقول إيه؟

أنا مش حتة تلج مع شوية مية أو سخونة أدوب..أنا فكرة واضحة وحرة..فكرة خرجت من دماغ واحد لكن عجبت ألوف..ماتقدرش تموتني..ماتقدرش تحبسني..ماتقدرش تعتقلني وتضربني وتكهربني..طالما خرجت مكتوبة أو مرسومة أو متقالة..هافضل حرة..
صاحبي يموت؟ اللي عملني يتعذب؟ اللي فكر فيّ  يتحبس؟ وإيه يعني؟ البشر هيموتوا..والملايين في العالم بيتعذبوا..وياما ناس في الحبس..
...لكن أنا ماباموتش!

Saturday, August 27, 2011

رقم تلاتين

مش باكتب غير من حوالي شهرين..وكانت أول حاجة كتبتها الست السمرا المسيحية اللي بتعرج..مش قادر أوصف للآخر إحساسي بخصوص الكتابة أو مشاعري بتبقى عاملة إزاي قبل ما أخلص البوست أو بعد ما أصحابي يقروها..إلا إنه في المجمل إحساس جميل وإيجابي..

والنهاردة نفسي أكتب عن الكتابة..

وعلى الرغم إن الكتابة نفسها هي وسيلة (زي ما أغلبنا يعتقد) إلا إني بأتمنى إني أبص شوية بعمق على الوقت البسيط اللي عدي من ساعة ما كتبت أول حاجة لحد التدوينة دي..

هارجع شوية لورا لبعض المعلومات اللي بتُرجِع تاريخ بداية الكتابة لسنة 3200 قبل الميلاد في مصر وسنة 1300 قبل الميلاد في الصين ومش معروف بالظبط لو الحضارات المختلفة اللي استخدمت الكتابة كانت استفادت من خبرات بعض (عن طريق التجارة والتعرف على الكتابة من بلاد بدأتها بالفعل) وللا كانت الفكرة متواردة بشكل كبير..
إلا إنى مش قادر أنكر أهمية الخطوة دي..خطوة عاملة زي تحويل الأحداث اللي بامر بيها قي حياتي لصوت وصورة متصورة فيديو أقدر أسترجعها في أي وقت..كأنك توصلت لحاجة تخلليك تقدر تتفرج على أحلامك بعد ما تصحى!

فكرة عبقرية..محاولة تحويل حاجات مش ملموسة (أفكار وآراء وحسابات وتخيلات) لحاجة ممكن أرجعلها في أي وقت لأنها بقت ثابتة وملموسة قدامي على حَجَر أو خشب أو جلد حيوان أو ورق أو شاشة كومبيوتر...

طب أنا اتعلمت إيه من الحاجات اللي كتبتها؟ اتعلمت كتير:

قدرت أعرف نفسي أكتر..مرات لو مش بتقول اللي جواك أو مش بتكتبه مش بتكون عارف هو انت خايف وللا مطمن وللا مبسوط وللا إيه..لما بتبدأ تكتب..المشاعر وفهمك لنفسك بيبقوا أوضح..الجمل المكتوبة أوضح بمراحل من الأفكار اللي طايرة في الذهن..

بدأت أفكر أعمق..أول تفاصيل بتجيلك لما بتبدأ تكتب عادة بتبقى تفاصيل بسيطة مباشرة معتادة..لما بتبدأ تدي نفسك وقت للتفكير بيبدأ تدفق جميل لمجموعة أفكار أو زوايا تانية تخدم وتعمق الفكرة..

بدأت الحاجات اللي باكتبها تساعدني أبقى شخص أفضل..لأني لما باكتب عن الخير أو العدل أو المساواة أو الحرية أو الاحترام أو غيرها من القيم الجميلة..أنا باحط على نفسي مسئولية ضخمة إني لازم على الأقل أحاول أطبق الحاجات دي في حياتي الشخصية..

بدأت الأفكار في ذهني تكون منظمة بشكل أكبر..أفكاري وهي مكتوبة شكلها مختلف عن وهي لسة في عقلي..شكلها متنظم مترتب..وكل ما باكتب أكتر كل ما الأفكار الجديدة بتيجي مترتبة لوحدها..الظاهر إن العقل بيبقى عارف إن الحاجات دي ناوية تتكتب فبيحاول يساعد حتّة بدري..:) :)

بدأت أستمتع بقراية الكتب المختلفة و كمان بقراية اللي كتبته قبل كده..وأنا بكتب النقطة دي افتكرت بنوتة صغيرة كان نفسها لما تكبر تشتغل كاتبة..مامتها حاولت تشجعها على القراية..البنت مش عايزة..طب ما ينفعش تبقي كاتبة من غير ماتكوني بتقري..لأ ماتخافيش يا ماما..مانا ها قرا الحاجات اللي هاكتبها! :)

أخدت تشجيع من ناس كتير.. وده إحساس جميل أتمناه لكل حد..إحساس إن حد يقوللك إن اللي بتقوله مهم أو قادر على التغيير أو بيسيب أثر طيب..أو فيه بساطة حلوة أو عميق..كل الكلام ده بيشجع ويزق لقدام..

عيني اتفتحت على أفكار أجمل..عارف لما يبقى معاك كاميرا بتاعة محترفين؟ لأنك عارف إن الكاميرا رائعة فانت بتبقى ماشي في كل مكان واخد بالك من كل تفصيلة ينفع تتصور..عينك وقتها هتجيب أحلى وردة وأجمل مشهد إنساني وأرق صورة للطبيعة..الحاجات دي طول الوقت موجودة..بس لما تبقى عارف إن معاك كاميرا متميزة..أو إن معاك قلم وهتكتب..أفكار أجمل بتحوم حواليك (حلوة "بتحوم" دي)  :)

اتعرفت على أصدقاء وناس يشاركوني الرأي..لما بتكتب فكرة وتلاقي حد بيقوللك: انت على فكرة كتبت اللي جوايا..أو انت بتكتب اللي عايز أقوله بس ببساطة..قد إيه ده إحساس جميل..بتحس إنك مش بتتكلم في الهوا وإن فيه ناس تانية واصلها مشاعر وأفكار مشابهة..

حاولت أتدرب إني أفكر في وجهات النظر المختلفة..لأني لو بس باتكلم مع أصحابي واحنا بنشرب شاي أقدر أقول اقتناعي وحد تاني يكمل الفكرة..لكن في غياب المناقشة دي وأنا باكتب..أنا محتاج أغطي أكبر جزء من جوانب الفكرة بأكبر قدر ممكن من الحيادية.. التدريب ده لوحده بيكبّر الفكر وبينمي مهارة مفتقدينها كتير في كلامنا ومناقشاتنا العادية..

قدرت أوثّق بعض أحلامي وأشواقي على الورق..أقدر أرجعلها أي وقت عشان آخد طاقة إيجابية عشان أكمل سكة الحلم..لو الحلم أو الفكرة مش مكتوبة..جايز أنساها أو يتشوش عليها أو ماتاخدش أولوية..

فيه متوسط 12000 من مستخدمين جووجل كل شهر بيعملوا بحث عن جملة: How to change the world (كيفية تغيير العالم) واكتر من 1,2 مليون بيعملوا بحث عن: Change the world  (تغيير العالم) وفي المقالة اللي استشهِدِت بالأرقام دي قصة حقيقية عن شخص شاف إن عشان تغير العالم: اكتب...عشان تشوف عالم مختلف: اكتب..
يا ترى ممكن اللي باكتبه يغير العالم بتاعي؟ عالم أفكاري وطموحاتي؟ عالم علاقاتي؟ ياترى ممكن لما أكتب أكون إنسان أفضل؟ أكثر قدرة على التعبير عن نفسي؟ أكثر قدرة على التساؤل والتخيل؟ متحمس أكتر إني أدوّر على كل وجهات النظر؟

ياترى ممكن اللي باكتبه يغير العالم بتاعك انت؟

أحب أشجعك (وأشجعني أنا كمان) اننا نكتب..طلع اللي جواك على الورق..مش مهم تنشره..مش مهم حد يقراه..مش مهم يبقى حلو أو مظبوط..مش فارق..
لما بتكتب بتتشجع وبتعرف نفسك أكتر..وبتفكر أعمق..وبتحط في اعتبارك وجهات نظر تانية وبتجيلك أفكار أكثر إبداعا عن غيرك..

أنا مبسوط إني كتبت التدوينة دي :) ..وبالمناسبة..دي التدوينة رقم تلاتين..

اكتب..غير العالم بتاعك...ومين عارف؟  فيه كتابات غيرت العالم كله!

Friday, August 26, 2011

من دُوَل المتوسط

+الامتحان هايكون في مستوى الطالب المتوسط
-يا لهوي!
+مالك؟
-أصل أنا مش طالب متوسط!


فكرت كذا مرة في حكاية "المتعارف عليه" أو المتوسط..يعني مثلا مين اللي حدد سرعة المشي؟ واللي بناء عليها نحدد إن فلان بيمشي بسرعة أو ببطء..مين اللي حدد مستوى الصوت؟ عشان أقدر أقول إن فلانة صوتها عالي أو واطي شوية؟
مش مرات كده تبقى بتتكلم مع أصحابك وتسكت فترة قبل ماتكمل..وتلاقي كل الناس حاسة إن الفترة دي طولت منك نسبيا...حسبوها إزاي؟ وحسوها إزاي؟

شعوري الشخصي هو إننا عايشين في عالم بيحاول إنه يصنف على قد مايقدر..كل ماتصنف أكتر كل ما التعامل يبقى أسهل..وعشان العالم يقدر يصنف بيبص "للأغلبية"-وأقصد هنا الأكترية العددية..وبناء عليهم يحدد مين اللي برة المدي "المظبوط" أو "المتوقع والمنتظر" من كل بني آدم..
شركات كتير بتشوف إيه اللي "اكتر عدد من الناس" محتاجاه وبتقدمه..ده رائع..لكن أتمنى إنه يكون من منطلق حلو مش بس عشان تكسب أكبر قدر ممكن..ما هو مش معقول أدخل مطعم..فيصر اللي بيقدملي الأكل إني آكل كفتة لأن الطلب اللي طلبته "الإقبال عليه قليل"..تفكير استهلاكي بحت..وفيه بيتعاملوا معايا على إني رقم! مجرد رقم وسط ملايين!

لما الناس بتتكلم عن الديمقراطية أول حاجة بتيجي في بالهم فكرة "رأي الأغلبية"..رأي أكبر عدد من الناس اللي موجودين في البرلمان..إيه رأيك؟ هل لو أخدت رأي أي مجموعة في أي مكان هيكونوا كلهم على نفس الدرجة من التخصص؟
يعني مثلا لو عملت استفتاء لكل الناس في بلدك وهتاخد رأي الأغلبية..ينفع يبقى سؤال الاستفتاء: "هل توافق على إلغاء الامتحانات؟" أو "هل توافق على إلغاء الغرامة الفورية في مترو الأنفاق؟"..تفتكر الأسئلة دي منطقية إنها تطرح على الكل ويُحتكم فيها لرأي الأغلبية؟

مشكلتي مع رأي الأغلبية هي إنها أبسط طرق الديمقراطية..في بساطتها بتتعامل معايا ومعاك على إننا مجرد أرقام وسط اللي قاعدين..كما لو إني أنا وانت بنفهم زي بعض بالظبط في طب الأسنان وفي علم الفلك..طبعا رأي الأغلبية ليه استخدام في مجالات تانية خصوصا لو حاجة مافيهاش تخصص واضح..

الأقليات مالهاش علاقة بالأعداد..وإلا كان معنى كده إنك تعتبر اللي معاهم دكتوراة أقلية..واللي عايشين في إسكندرية أقلية (أجدع ناس) والأطفال وكبار السن أقلية والصم والبكم أقلية ومعتنقى الديانات الأقل عددا أقلية والفنانين والرسامين أقلية..وهكذا..سياسيا الأقليات هي عادة المجموعات اللاجئة لبلد معينة وفي الغالب بتكون من أصول إثنية مختلفة..

باحلم باليوم اللي فيه مايمتحنونيش حسب مستوى الطالب المتوسط..لكن حسب مستواي..ويقيموني بناء على قد إيه أنا اتعلمت وكبرت واكتسبت مهارات..مش بناء على قد إيه المفروض أكون اتعلمت عشان أبقى في دايرة "المتوسط"..
باحلم باليوم اللي فيه تقدر كل الأسرة تتبسط في الأجازة..مش بس الولاد وأبوهم..
باحلم باليوم اللي ما حدش يقارن وزني أو شكلي بمقياس "متوسط" مش موجود في الحقيقة غير في أذهان اللي عايز يصنف ويصدر أحكام لأن كده أسهل..
باحلم باليوم اللي ماحدش يقارنني فيه بغيري..ما اسمعش تعبير: أحسن رسام..أفضل مغني..أجمل طفلة..أشطر لعيب..أذكى طالب..ملكة جمال..لكن أسمع تعبيرات: أحسن رسمة..أفضل أغنية..أشطر لعبة..
باحلم أشوفني وأشوف كل واحد مميز..مختلف..عايش زي ما ربنا خلقني أعيش..كائن مافيش مني اتنين..إبداع خاص منه سبحانه..آية من آيات عظمته..صورة حية تشهد عن جماله..علامة عن إنه ماخلقش البني آدمين نسخ من بعض..ما عملناش كلنا ولا حتى معظمنا "متوسط"..لكن أبدع –سبحانه- في كل واحد وواحدة..

باحلم باليوم اللي أسمع فيه كلمة "متوسط" في حالة واحدة بس..الجغرافيا..دُوَل حوض البحر المتوسط..مش دُوَل "المتوسط"!