Saturday, August 1, 2015

تفاحة وحشة ولا برميل بايظ؟

أغلبنا مصدَّق إن كل مكان فيه الكويس والوحش، وغالبًا مقتنعين إن الكويس في مكان معين أو سياق معين غالبًا بيقدر يكون كويس برضه لو المكان اتغيَّر أو الظروف العامة اختلفت.. بنشوف إن الناس زي التفاح فيه منه كويس وفيه تفاح بايظ، وإن ممكن التفاحة البايظة تفسد التفاح السليم، لكن ساعات بننسى نشوف "السياق" أو "الظرف العام" أو "الوسط" اللي فيه التفاح ده.. البرميل يعني..


المقارنة أو المفارقة دي اتكلم عنها كذا حد منهم فيليب زيمباردو عالم النفس المشهور وكان بيعلَّق على تجربة مشهورة في وسط علم النفس كان عملها سنة 1971.. في التجربة دي جاب طلبة جامعة متطوعين عشان يعملوا محاكاة "لسجن".. ومن بداية التجربة اتفق مع الطلبة دول على إن فيهم ناس هايكونوا مساجين وفيهم هايكونوا حُرَّاس بناء على قُرعة يعملوها.. الطلبة دول كانوا شبه بعض (يعني ماكانش فيهم حد وحش قوي أو كويس قوي.. كانوا ناس عاديين).. 

المهم، التجربة اللي كانت المفروض تستمر لمدة أسبوعين اضطروا إنهم يوقَّفوها بعد 6 أيَّام، والسبب كان إن "الحراس والمساجين" بدأوا "يعيشوا الدور" بجد لدرجة إن العنف اللفظي والإهانات النفسية كانوا زيادة على الرغم من معرفتهم إنها تجربة علمية وإن السجن مش سجن حقيقي..

التجربة دي اتعملت فيلم (المفروض إنه حاليًا بيُعرض في أمريكا)، وعالم النفس ده وهو بيعلَّق على التجربة قال إننا ساعات بننسى تأثير "الوسط" أو "السياق" أو "الدور" اللي الشخص بيلعبه.. بعض الأدوار ليها "متطلبات" حتى لو الشخص "كويس" أو "طيب" أو "حنين"..

على الرغم من اعتقادنا إن كل حتة فيها الوحش والكويس، إلا إن مرات كتير الأدوار اللي بتتطلب مننا أو المواقف اللي بنتحط فيها بتكون كفيلة إن يكون ليها تأثير أكبر.. تأثير أكبر من أخلاقنا وأكبر من اللي اتربينا عليه.. تأثير أقوى من اللي إحنا متخيلينه عن نفسنا.. أقوى بمراحل من استحساناتنا الشخصية أو توقعاتنا عن نفسنا..

يمكن ده اللي بيخلِّي الأب والأم يقولوا "عمرك ما هاتعرف غير لما تتجوِّز وتخلِّف"، ويمكن ده اللي بيخلي ناس كتير تحكي عن تكرارها لنفس الأنماط اللي كانوا بينتقدوها في والديهم، لأن دور الأبوة أو الأمومة "استلزم" بعض التصرفات..

الخوف كل الخوف إني أدخل مجال شغل وأنا فاكر إن إطار المهنة وسياقها مالهومش تأثير عليَّ.. أبقى فاكر إني هاكون نفس الشخص في "أي مكان".. هاكون التفاحة الكويسة..

التفاحة الكويسة مش بس محتاجة تفضل كويسة، ولا بس محتاجة ماتكونش على اختلاط بتفاح بايظ، لكن كمان محتاجة تتحط في البرميل المناسب.. ده مش معناه إن البرميل البايظ كل التفاح اللي فيه وحش، لكن مجهود رهيب بيبذله كل شخص موجود في إطار "مش مناسب ليه" علشان يتغلب على قوَّة وتأثير "الموقف" و"الدور"..  

زي ما بأحتاج إني أشتغل على نفسي عشان أكون أفضل، أنا محتاج إني أركِّز كويس على اختياراتي لمجالات شغلي والدواير اللي بأتعامل معاها باستمرار و"البراميل" اللي بأحتك بيها بصفة دورية.. لأن مش كفاية إن الواحد يكون تفاحة سليمة!

 

No comments:

Post a Comment