Saturday, July 18, 2015

وأخلي الباقي علشاني


-عمُّو، عايز أربع قزايز كوكاكولا والباقي لو سمحت
=لا يا حبيبي، ما فيش كوكاكولا
-طب والباقي؟

وإحنا صغيرين، لما بنروح نشتري حاجة بيكون غالبًا اتأكِّد علينا كذا مرَّة إننا ماننساش الباقي.. ما نروحش ندِّي الراجل العشرة جنيه وناخد الحاجات ونجري، لأ، لازم نجيب الباقي.. ويمكن عشان كده الولد ده اللي راح يشتري كوكاكولا والباقي كان بيسأل على الباقي حتى لو اللي هايشتريه مش موجود!

لما بنقدِّم تضحيات أو عطايا أو هدايا، أو حتى لو بنقدم زكاة أو عشور أو تقدمات، ساعات كتير بيكون تركيزنا على الكمِّيَّة اللي بنقدمها.. بنشوف القيمة بتاعة الحاجة اللي بنتبرَّع بيها، تمن القميص أو اللبس القديم اللي بنديه لحد تاني يستخدمه، أو حتى تمن الوقت أو المجهود اللي بنبذله وإحنا بنساعد حد..

والمجتمعات المختلفة ممكن تكون وصلت لمتوسطات مختلفة (مبنية على معتقد ديني أو على عُرف اتُّفق عليه) مش بقيمة اللي ممكن الواحد يدفعه، لكن غالبًا بالنسبة المئويَّة للمبلغ أو الحاجة اللي الواحد بيتبرع بيها (النسبة من الدخل)..

والسؤال هنا، هو لو واحد قدِّم حاجة ما بقاش محتاجها أو مش بيستخدمها أو مش على مقاسه يبقى كده بيقدِّم تضحية؟ ولو حد قدِّم فلوس مش هاتفرق معاه (زي حكاية "ولو بجنيه" دي) هل دي تبقى حاجة عظيمة؟ ولَّا هي حاجة "طبيعيَّة" "منطقيَّة" زي  ما بعض الأخوات بيلبسوا لبس بعض لما حد فيهم بيكبر؟

في مرَّات كتير تركيزنا في العطاء والتضحية (سواء بفلوس أو وقت أو مجهود أو اهتمام) بيكون على قيمة الحاجة اللي بنقدِّمها.. ومرَّات بنكون أشطر وبنحسب "نسبة" الحاجة اللي بنقدِّمها بالمقارنة باللي عندنا، فبنمتدح مثلًا اللي يتبرَّع بنص ثروته على اعتبار إن النُص ده نسبة محترمة.. وهنا بيكون منطقنا إن اللي بيتبرع أو بيضحي بألف جنيه مثلًا ممكن ما يكونش بيتصنَّف على إنه بيعمل خير لو مرتبه مليون جنيه، في حين إن اللي بيتبرع بألف جنيه وهو عنده ألفين جنيه يبقى بيتبرع بنص اللي معاه..

منطق كويس، إلا إننا ساعات برضه بنشوف في اللي بيتبرع بتلات أرباع ثروته إنه برضه مش بيضحي ولا حاجة، لأن الربع اللي باقي معاه ينفع يعيِّشه زي الفل.. وهنا تيجي فكرة "الباقي"!

لما بنقدِّم تضحيات أو تبرعات أو خير بيفرق قوي أنا متبقِّي معايا قد إيه! وهنا يمكن بنشوف الفرق بين التصرُّف المنطقي الطبيعي اللي فيه الناس بتستخدم الموارد اللي عندها بحكمة (زي إني أدي لأخويا لبسي اللي صغر عليَّ) وإنِّي أكون بأختار إني أقدِّم حاجة هاتخلِّيني معايا "باقي" قليل..

ماليش أي فضل لما بأقدِّم لحد حاجة أنا مش محتاجها.. وماليش أي فضل لما بأدِّي من فايض من خير زيادة (لأنُّه ببساطة زيادة).. ويمكن ماليش فضل حتَّى لما بأدِّي "نسبة كبيرة" من اللي عندي لأن ممكن برضه إن الباقي يكون بيزيد عن احتياجي.. التحدي اللي بجد هو لما حد يقرَّر إنه يدِّي من احتياج، يقدِّم وهو عارف إن اللي هايتبقَّاله يادوب يكفِّي.. يساعد بيمكن آخر جنيه معاه، يضحِّي بوقت وهو عارف إنه ده هياخد من وقت راحته ونومه..

إذا كانت قيمة العناصر الموجودة في الطبيعة بتتحدد بنُدرتها (مش بس بخواصها)، فقيمة العطاء برضه ممكن تتحدد بقد إيه هايتبقَّى معايا لو قررت إني أقدم منه.. التُفَّاحة الأخيرة اللي ساعات كل أهل البيت بيسيبوها لبعض أغلى من باقي كيلو التفاح اللي أكلوه..

افتخاري بأي حاجة بأقدمها هو افتخار مش في محلُّه، طول ما العطاء ده ما أثَّرش عليَّ.. لكن يوم ما أكون بأفكَّر إني أدي وأكون بأحسب هايتبقَّى معايا قد إيه جايز أكون على الطريق الأصح.. وهنا أقدر أساعد وأقدم تضحيَّة وأفك ضيقة صديق وأخلِّي الباقي علشاني!



3 comments:

  1. (: .الله! اشكرك علي الجمال ده..ولو سمحت ياماجد ماتبطلش تفكير وكتابة ابداً

    ReplyDelete
  2. حكاية التفاحاية دى فكرتنى باخويا اللى أصغر منى
    مرة كنا بنعمل دايت سوا ف وقت واحد
    وجايبين علب تونة عشان النظام والجو دا ..
    قوم قعدنا كام يوم
    انا افتح النملية الاقى العلبة اللى فاضلة اخر واحدة
    فأسيبها لماجد
    ييجى هوه بعد شوية يلاقيها يقوم يسيبهالى
    وهكذا كام يوم
    وماما قاعدة تتفرج علينا كل واحد لوحده
    وتضحك
    وطبعا فرحانة من جواها
    ان كل واحد فينا بيفكر ف التانى ...
    الكلام بعيد شوية عن موضوع البوست
    بس كلامك فكرنى بيه
    :)
    عيدك سعيد وكل أيامك يارب

    ReplyDelete
  3. Very touching ya Maged.Indeed you live what you write not just thoughts and words.Remember when you went to help your friend with the French Language when you had your final exams in two days(Thanaweyya 3amma)!!You gave of what you needed.Thanks ya Maged for reminding us of the meaning of "giving". N

    ReplyDelete