Monday, July 2, 2012

العجلة

اللي يزور أمستردام للمرة الأولى يمكن بيجذبه المنظر الجميل للعجل اللي في كل حتة.. أعداد مهولة من الناس راكبة عجل وليها حارة مرورية وأولوية في أماكن معينة وإشارات إليكترونية.. كل فئات المجتمع بتركب العجل يعني مش فئة ثقافية أو مجتمعية معينة.. ستات ورجالة وناس كبار سنا وصغيرين..

عدد العجل في البلد حوالي مليون عجلة وفي كل سنة فيه حوالي 100 ألف عجلة بتتسرق.. ناس كتير عندها أكتر من عجلة (احتياطي).. البعض ممكن يروح يحاول يشتري عجل قديم (ممكن مسروق) ويكتشف إنه بيشتري العجلة بتاعته اللي اتسرقت!.. طبعا لو اشتراها ده ماسموش Recycling!

العجلة((Bicycle هي صورة من صور استخدام "العجلة" (Wheel) كعنصر أساسي في الاختراع.. حاجات كتير فيها wheels وموجودة حوالينا بدءا من العجل والعربيات والأوتوبيسات وكراسي متحركة وتروس للساعات والقطارات القديمة والسواقي ومكن في المصانع وأجهزة طبية وألعاب أطفال وآلاف الاختراعات اللي اتبنت على فكرة حتة البتاعة المدورة اللي بتلفّ..

ولأن العجلة (wheel) مش معروف مين اللي اخترعها لكن مش متهيألي إننا نقدر نوفيه حقه.. إلا إن الفكرة ماينفعش تقف عند حتة البتاعة المدورة اللي بتلف.. ومن هنا جه تعبير "ماينفعش نعيد اختراع العجلة" أو "to reinvent the wheel" لأنها ببساطة خلاص اُخترعت.. وعلينا إننا نخترع باستخدامها حاجات تاني..

المفهوم ده مش كلنا بنتبناه.. فيه البعض بيجد متعة خاصة في اختراع الاختراعات الموجودة..! أهي على الأقل أضمن! متأكدين إنها هتشتغل.. وطبعا ده مش بيبقى على نطاق الاختراعات لكن لو بصينا لمناقشاتنا ومشاكلنا وبرامج التيليفزيون وكتبنا هنلاقي إنه كتير منها عجل..

تلاقي مثلا برامج التيليفزيون اللي هي مسابقة في اكتشاف اسم فيلم قديم.. ومعلومات عن البطل ومكان ولادته ومات إزاي! جمل "نتقابل بكرة في جنينة الأسماك الساعة 6" و"مش هينفع أقوللك وإلا مش هتبقى مفاجأة" و"إقفل إنت الأول" ماهي إلا إعادة اختراع لعجل اُخترع 100 مرة قبلها.. عارفين عناوين جرايد بكرة (وساعات بعد بكرة) وقليل مابنتفاجئ! في مقابل إن البرامج أو الأعمال أو الأخبار الoriginal أو غير التقليدية محدودة جدا بالمقارنة..


ولو رجعنا لفكرة ال recycling هنلاقي إننا من أكتر الشعوب اللي محتاجة لإعادة تدوير المواد (زي الورق والبلاستيك والمعادن..) لكننا أقل الشعوب اللي بتعمل ده بطريقة ممنهجة.. أيوة عندنا ناس بتفرز الزبالة لكن الورق اللي اترمى في الزبالة بقى زبالة! لكن بنعمل إعادة تدوير في المناقشات.. أي خناقة أو مناقشة أو برنامج حواري ليها سكة ماشية فيها لدرجة نكاد فيها كمشاهدين نبقى عارفين هتخلص على إيه بالتفصيل.. الكلمة المعبرة جدا واللي بتعتبر حديثة نسبيا هي "هري"..اللي هو نعيد ونزيد في أفكار اتاكلت قبل كده تلاتاشر مرة..وهم كلهم بتاع خمستاشر ستاشر موضوع مش بنتكلم غير فيهم.. عمل المرأة.. مشكلة التعليم.. الفقر والجهل والمرض.. الاستقرار..التحرش الجنسي ومين مسئول عنه.. تحس إنه كورس لازم الكل ياخده.. وبنتناول نفس الموضوع من نفس الزوايا كل مرّة..

فكرة مبهرة أو توجّه جديد أو اقتراح مختلف؟ لأ.. نقلق.. نخاف من أجندات..

إمتى آخر مرة حصلنا انبهار من فكرة فيلم أو كتاب أو برنامج؟ كام مرة كده في الشهر "بنتخبط" في فكرة تشقلب تفكيرنا وتحثنا (آه تحثنا) على تفكير أعمق؟ قُليل؟ ولا كتير؟

أخاف إن العالم يعمل Recycling للمواد عشان يوفر موارد وفي نفس الوقت يكون بيخترع أفكار وبيفجر طاقات وإمكانات عشان يتحرك قدام.. ونفضل بنسبة كبيرة بنرمي الورق والبلاستيك وباقي حلة البامية اللي حمضت في نفس صندوق الزبالة لكن "بنهري" في نفس الأفكار والمناقشات والسياسات..

البحث عن فكر يبهر.. والسعي لعلم ومعرفة تنور يمكن يكون الطريق الوحيد لمستقبل أحسن لينا كأفراد وكشعب.. وإلا هنفضل بنشتري العجلة القديمة اللي اتسرقت مننا 100 مرة وفاكرين ده Recycling!

2 comments:

  1. موضوع الريسيكلنج ده كان واكل مخي
    وخصوصا ان لي خال متخصص فيه وماجستير فيه ودكتوراه فيه وابحاث وحركات
    :)
    عندنا في مصر حوالي 52 مصنع واقفين مابيشتغلوش

    ReplyDelete
  2. رائع ..رائع ..رائع ..
    أظن إن مشكلتنا تنحصر في "اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش"
    و "من فات قديمه تاه"..فلا يكون هناك أي دافع لتغيير أو إبتكار أو تحسين ...لكن هناك دائما امل مادام فيه ناس بتفكر مثلك و تشارك و تنشر أفكارها فتجعل الآخرين يفكروا ..شكرا يا ماجد. ...N

    ReplyDelete