Saturday, May 23, 2015

لأ، مش كلك نظر

من فترة كده كان فيه صياغة غريبة شوية لخبر بيتكلم عن "أول ظهور لحسين فهمي مع زوجته الجديدة" وغرابة الخبر كان في اختيار بعض الجرايد والمجلات لكلمة "الضريرة" أو "الكفيفة" لوصف زوجة حسين فهمي.

ومع كامل تقديري لكتير من المحاولات اللي بتبان كويسة (واللي غالبًا بتكون فيه نوايا طيبة من وراها) إلا إن معظم محاولات "الحساسية" في استخدام بعض الكلمات هي لا زالت محاولات "تجميل" و"تلوين" لواقع وحش! فبنلاقي تفضيل لتعبيرات زي "متحدي الإعاقة" أو "عنده احتياج خاص" أو "بمرض فقدان البصر" وغيره في مقابل كلمات زي "معاق" أو "أعرج" أو "على كرسي متحرك" أو "أعمى" أو غيره..

طبعًا لأن الكلمات اللي بنستخدمها بيكون ليها "دلالة لفظية" (إيجابية أو سلبية أو حيادية) فممكن بعض المبادرات دي تكون أفضل من استخدام الكلمات الجارحة، لكن هل ده بيحل المشكلة؟

هي إيه المشكلة؟ مش الضرير ضرير؟ هو إحنا يعني "بنتبلَّى" عليه؟ هو إحنا لما نقول عليه كلام كويس، هايبقى بيشوف؟.. طبعًا مش هي دي المشكلة! المشكلة مش في التسمية، ولا في "الشياكة" اللي بيها نصيغ تحدي أو إعاقة أو فقدان قدرة معينة، لكن المشكلة في "اللي إحنا شايفينه"..

ساعات بنفتكر إن فاقد البصر هو عبارة عن "فقدان بصر طالعله إنسان"!، بنفتكر إن اللي على كرسي متحرك مش بيفكر طول حياته ولا بيعمل حاجة في دنيته غير إنه "بيتحسَّر على وضعه" و"بيدوَّر على حد يركِّبه المترو"! بنفتكر إن اللي ماتجوزش أو ماخلفش أو اللي بيعرج أو اللي مش بيسمع أو اللي مش بيشتغل أو أو أو، هو عبارة عن "الحاجة دي بس" زائد شوية حاجات كده مالهاش لازمة!

وقتها، اللي بيكون لطيف مننا بيحاول إنه يصيغ "المصيبة دي" في صياغة رقيقة لطيفة شيك عشان "ياحرام ما تجرحش" الشخص "الغلبان المسكين" دة اللي ما عندهوش حاجة في حياته يعملها غير إنه "يركِّز" على الإعاقة بتاعته ويقعد يبكي!

صورة فيها من السذاجة قدر كبير جدًّا! صورة سطحية بتختصر البني آدم في وظيفة أو قدرة أو إعاقة أو صورة أو إمكانية وبتتناسى مدى تعقيد البشر..

يمكن بنفهم فكرة المبالغة دي لما بنجامل حد ونقوله "كلك نظر" على اعتبار إنه "بيقدَّر" كويس، لكن مفهوم من المجاملة إنها مجاملة، إنها مش حَرفيَّة! ما حدِّش فينا "كله نظر"! وبالتبعيَّة ما حدش فينا مهما كانت درجة إعاقته أو نوعها "كله عمى" أو "كله عرج" أو "كله فشل"!

الطريقة اللي بنشوف بيها العالم حوالينا مش بتحكي كتير عن العالم على قد ما بتحكي عننا إحنا! الحل مش في إني أشوف في حد عنده احتياج خاص (جسماني أو غيره) إنه "مسكين محتاج مساعدة" وبس، لكن إني أشوف فيه كمان بني آدم أكثر تعقيدًا من إني أختصره في لقب! (بغض النظر بقى اللقب ده "لطيف" و"شيك" ولا "حاد" و"قاسي")..

الوصف اللي بأختاره عشان أحطه في خبر عن حد، بيعبَّر عنِّي مش بيعبَّر بس عن الحد ده.. اختيارك إنك توصفني بإني أقرع أو مناخيري كبيرة أو بألعب مزيكا أو طويل أو مش بأعرف ألعب كورة هو اختيارك إنت! أنا ممكن أكون كل ده وأكتر.. وصفك ليَّ بيعبَّر عنك مش بس بيعبَّر عنِّي..

يمكن جه الوقت اللي نراجع فيه شايفين الناس إزاي (كل الناس).. وهل شايفين فيهم "إعاقة" أو "إمكانية" ماشية على الأرض ومعاها شويّة حاجات؟ ولا الموضوع أكبر من كده؟..

وأكيد لأ، مش كلَّك نظر!

No comments:

Post a Comment