Sunday, September 9, 2012

الطول هيبة

مش كل التجارب والأبحاث العلمية بتبقى في نفس مستوى السهولة في التنفيذ.. بعضها بياخد وقت طويل في جمع البيانات أو تحليلها أو الوصول لأي نتيجة..

لكن من ضمن التجارب اللي لفتت نظري تجربة تبان بسيطة قوي لكن نتايجها غريبة شويتين.. التجربة دي اتنشرت في مجلة علم النفس الاجتماعي Journal of Social Psychology سنة 1968 وكانت فكرتها إن مدير كورس علمي هيقدم ل110من الطلبة الأمريكان بتوعه زائر ماحدش فيهم شافه قبل كده..

ببساطة مدير الكورس ده قسّم الطلبة لخمس مجموعات وقدم الزائر الجديد ده لكل مجموعة لوحدها.. لكن قال حاجة مختلفة لكل مجموعة.. المجموعة الأولى قالّهم:أحب أقدملكم Mr. England طالب من كامبريدج .. والمجموعة التانية قالهم: Mr. England مدرس مساعد لعلم النفس من كامبريدج.. والمجموعة التالتة قالهم: Mr. England محاضر لعلم النفس من كامبريدج.. والمجموعة الرابعة: Dr. England أستاذ علم النفس من كامبريدج.. والمجموعة الخامسة: Professor England من كامبريدج..
الراجل قابل كل المجموعات وبعدها مشي.. بعدها مدير الكورس طلب من كل مجموعة إنهم يقدروا "طول" الراجل ده.. وكمان يقدروا طول مدير الكورس نفسه..

كل المجموعات قدرت تقريبا نفس الطول لمدير الكورس.. لكن طول الراجل اللي زارهم "اختلف" من مجموعة للتانية: المجموعة اللي كانت فاكراه طالب قالوا: 177.5 سم.. اللي كانوا فاكرينه مدرس مساعد: 178.2.. محاضر: 180.1.. أستاذ علم النفس: 180.9 والبروفيسور: 183 سم ..

كلهم شافوا نفس الراجل.. لكن معلوماتهم عنه خليتهم "يشوفوه" مختلف.. ويحسوا فعلا إنه "أكيد يعني" هيبقى في حدود 177.5 سم لو طالب.. لكن لو بروفيسور يبقى 183 سم! تساويهم في تقدير طول مدير الكورس كان لأنهم عارفينه مش بس شايفينه لأول مرة..
وغريبة إن ترتيب الأطوال كان بحسب ترتيب المكانة الاجتماعية.. للدرجة اللي فيها لما John Bercow بقى رئيس مجلس العموم سنة 2009 (طوله 167.6 سم) مقالات كتير في الجرايد اتكتبت عن "التمييز في الطول" وفكرة استقبال الناس للرجالة القصيرين ومدى توقع نجاحهم وفرصهم في الترقية..

علم النفس بيتكلم عن فكرة القولبة أو  Stereotyping وبيقول إن القولبة في حد ذاتها مش وحشة.. بالعكس.. لأن القولبة بتساعد المخ إنه يشتغل أسهل وأسرع عن طريق تقسيم الناس والحاجات والمُدخلات.. فبدل ما يضطر المخ إنه يتعامل مع كل معطى على إنه حاجة جديدة, بيحاول إنه يربطه بأقرب حاجة ليه...

وعشان كده التحدي بيكون مش في كسر القولبة بقدر ما بيكون في امتحانها كل شوية.. التقسيمات "المريحة" اللي بنبقى فاكرين إنها "معروفة" و"مفروغ منها" و"غير قابلة للنقاش" هي أخطر تقسيمات.. سواء بنتكلم عن "الصعايدة جدعان" أو "الستات سواقتهم وحشة"..

الموضوع مش بس موضوع الراجل كان طوله كام.. مش دي القصة.. القصة كلها هي في توقعي لبعض الصفات الثابتة فيك لمجرد إنك مسيحي أو شيعي أو سنّي أو هندي أو ساكن في منطقة معينة أو درست دراسة معينة أو مصاحب فُلان أو بتحب الفريق الفلاني أو عندك احتياج خاص أو بتكسب كتير وغيرها من التقسيمات اللي بتريّح المخ عشان مايفكرش في احتمالات تانية..

"الهيبة" و"الخيبة" مش بس في الطول.. تقسيماتنا الاجتماعية بتريّح مخنا.. لكن بتخسّرنا كتير..

7 comments:

  1. gooooooooooooooooooooooooooooog :)

    انتاجك غزير اليومين دول يعنى ;)

    ReplyDelete
  2. Great article... your invading additional very rich teritories...good work.
    I like the picture, remind me with abo-el-Fasad

    ReplyDelete
  3. Very interesting and important.
    Thanks ya Maged.
    N

    ReplyDelete
  4. it's the 1st time to get here and I'm impressed, it won't be the last isAllah. =)

    ReplyDelete
  5. I've always wanted to read more and write about this topic (stereotyping) and your article, encouraged me to think about it more seriously. Thanks a lot for voicing out your thoughts!
    I like how you try to shed the light on dark areas in the human thinking and make us check and revisit our 2nd hand beliefs "stereotypes" Thanks!

    ReplyDelete
  6. ya rabna 3andk 2fkat t3'ayar 7ayah kamla ..

    ReplyDelete