في مناقشة من المناقشات عن المحاكمات العسكرية للمدنيين تطرّق النقاش (حلوة تطرّق دي) لفكرة إنه من المحبط إن البعض ممكن يكون مع أو ضد شخص بناء على مصلحة أو خبرة سابقة أو ميول شخصية أو اتفاق أو اختلاف في الديانة أو الخلفية أو الاهتمامات...
وكان تعليق الصديق ده إنه للأسف الموضوع مش قاصر على آراء الناس اللي مش قارية كتير أو اللي مستواهم الاجتماعي –بحسب تعبيره- أبسط أو أقل من الطبقة المتوسطة..
لما فكرت في اللي قاله لقيت إنه بالعكس!..الناس اللي لازالت محتكّة بالطبيعة أكتر ولسة قريبة من نمط الحياة اللي بيوصفه البعض –مع تحفظي- بالبساطة..الناس دي أكثر قدرة على ممارسة العدل..أكثر قدرة على احترام الآدمية..أقرب للحقايق المطلقة..
كل حد اتعامل مع نبات أو حيوان عن قرب..أو عاش فترة كويسة قريب من مزارع وميه..قادر يشوف العدل شكله عامل إزاي..قادر يشوف إنه لما أضرب حيوان مش هيديني إنتاج زي لما "أحترم" الحيوان ده.. لما أبذل مجهود هحصل على محصول كويس..لما أساعد جاري في محنته هيعود ده عليّ بالخير قدام..
المحزن إني كل ما أبعد عن النوع ده من الحياة بأشوف ظلمي للبشر –مش للحيوان. باشوف إزاي أحكامي وآرائي مش متسقة..كل يوم مختلفة.. ومع كل واحد مختلفة..
خدت بالك إنه لما حد بيقول "معلومة" أو "خبر" ناس كتير ممكن تسأله: "مين اللي قاللك كده؟" كما لو إن الاسم هيفرق!وللأسف بيفرق..لو قاللي "فلان"..ممكن يكون الرد "فلان ده مابيفهمش!" (ساعات الجملة دي بتكون مصحوبة بأسماء حيوانات! رفضت استخدامها هنا لرفضي افتراض قلة الذكاء في الحيوانات) وده طبعا معناه الضمني إن أكيد المعلومة غلط..ولو الاسم "عِلّان" ممكن أصدق على طول..حتى لو الموضوع مجرد رأي!
أنا هنا مش باتكلم عن المصداقية اللي شخص معين بيبنيها مع الوقت..أنا باتكلم عن "الموضوعية" اللي فيها أنا باقيم الموضوع مش الشخص..
فيه ناس قالت: قبضنا على واحد شكله بلطجي..هو البلطجي شكله إيه؟..
الظريف إن الحجة المستخدمة في اللي بيتحاموا عسكريا إنهم بلطجية! أمال انت بتحاكمهم ليه لما انت بالفعل عارف الحكم؟! زي بالظبط لما تقول: قبضنا على "القاتل" وبنعمل تحرياتنا عنه! مش ناقص بعد كده غير خطوتين: تزعق فيه وتقول له: "انهار واعترف"..وبعد كده ممكن "ينتحر" في السجن ما فيش مشكلة! أو ممكن "ينتحروه"!
لو رأيك هيختلف لو عرفت اسمي أو دراستي أو شغلي أو عيلتي (لو الحاجات دي مالهاش علاقة بموضوع الرأي)..لو حكمك عليّ هيتغير بناء على النادي اللي باشجعه أو مدى شهرتي أو علاقاتي بناس "مهمة"..فكّر مرة تاني..
باحلم بيوم جديد أنا وانت نسعى فيه للعدل..ماتفرقش معايا أسماء! ولما أبقى في أزمة ماتبقاش نجاتي معتمدة على علاقاتي أو شهرتي..لكن ألاقي فعلا سند من مجتمع يحاكمني بالعدل..ويحكم عليّ بالقانون..وفي ظل المحاكمة دي أفضل متمتع باحترام ومعاملة آدمية وهبهالي الله سبحانه..ووهبها لكل إنسان خلقه على أحسن صورة وكرامة..حتى الناس اللي اختلفوا أو عصوا أو رفضوا الإله العظيم اللي طول الوقت بيقدم رحمة وتكريم لبني آدم...