لما تحب في مصر صوت بتاع غزل البنات وقرص الطعمية اللذيذ وأحلى طبق مشكِّل من
عند مشويات السعراوي زي بالظبط لما تحب في رمضان الزينة الملونة والفانوس القزاز والكنافة
بالمش عارف إيه، وزي ما تحب في كلية الطب الكافيتريا الهايلة عشان بيعملوا
شاورمة جميلة أو عشان أم عادل اللي على طول عندها دمغات وبتمشِّيلك ورقك من
شئون الطلبة
السطحية والسذاجة اللي في الأمثلة دي مش بعيدة عن مناقشات كتير عن 'حب
الوطن' في حين إن حبك لرمضان أو اقتناعك بكلية الطب المفروض يكون مبني على
حاجات تانية خالص
في كل مرة ناس بتشاور على موقف 'استثنائي' فيه حد ساعد حد أو رجَّع فلوس لقاها
أو منَع تحرُّش أو أو أو، مع التعليق الشهير: هي دي مصر! الحقيقة مش بيتهيألي إن هي دي مصر ولا هيَّ دي أي دولة، لأن قُدَّام الأمثلة الاستثنائية العظيمة الجميلة دي، فيه أمثلة تانية لحاجات
هي العكس بالظبط وتكاد تكون بطريقة أكثر انتظامًا ومنهجيَّة وأقرب للواقع
مصر (زي أي دولة تانية) منظومة متكاملة، منظومة فيها قدر (نختلف على كونه قدر كبير أو قليل) من
العدل والأمن والإبداع والتعليم والعلاج الصحي وغيرها من الحاجات اللي
بتشكل كيان أي دولة.. الدولة اللي بنقول عليها دولة 'حلوة' أو 'وحشة' مش هي
الدولة اللي عندها أحلى أيسكريم أو أجمل تمشية على البحر أو حتى أعرق
آثار
اللي محتاجين نفتكره إن زيارة لمدة أسبوعين كفيلة بإن السايح (أو المغترب
اللي نازل أجازة) يقدر ياكل من عند أبو طارق ويروح إسكندرية كام يوم ، ويتمشَّى على النيل، وياكل ترمس ودرة وبليلة، إلخ، لكن مش هي دي مصر.. مش هي دي الدولة
مصر اللي نحب إننا نحبها هي المفروض أشمل وأكبر من كده، والحاجات والمبادرات واللفتات اللطيفة دي هي مش أكتر من كده: لفتات لطيفة، لكن عشان تقول عن دولة: أهي، محتاج تشاور على القانون وتطبيقه وعلى التعليم ومستواه وعلى الصحَّة وعلى الحاجات الأكتر استمراريَّة، مش على طبق الكنافة اللي بيديه الجار المسيحي لجاره المسلم ولا على جمال شكل الفوانيس في الشارع ولا شهامة الشاب اللي بيعدِّي واحدة مسنَّة الشارع.. لأن ببساطة مش هي دي مصر