من ضمن الحاجات اللي بتبان سهلة من
بعيد لكن في منتهى الصعوبة وإحنا جواها: الجواز وتربية العيال.. معظمنا عندنا عين
ثاقبة ناقدة نقدر بيها نشوف قرايبنا وهم بيزعقوا في عيالهم وننتقدهم.. نسترجع
ذكريات مع والدينا ونحس إنهم كانوا المفروض مايعملوش كذا.. أو كان أحسن لو عملوا
كذا..
اللي في الموقف نفسه رأيه غالبا
مختلف.. في التربية بالذات العيال مرات كتير فعلا بتطلّع عين الأب والأم.. وعلى
الرغم إن "الغلاسة" هي مهارة مش متوفرة عند كل الأطفال بنفس الدرجة إلا
إن معظمهم عنده استعداد :).. العيل الرزل بيبقى فعلا رزل! وساعات بيستخدم فكرة إنه
"طفل" كسلاح يتيح ليه إنه يمارس الغلاسة ويعيّط لو حد زعّق فيه وخلاص.. :)
وعلى الرغم إن الوضع الأسري بيختلف من
بيت للتاني إلا إن فيه حاجة في البرمجة بتاعة الغلاسة في الأطفال بتبقى default فيهم كلهم.. لو دورنا هنلاقي معظم الأطفال بيعملوا مسابقة مين
يخلص قزازة الكوكاكولا أسرع.. وطبعا اللي يخلص أسرع ويعلن فوزه يفاجئ بأخوه اللي
لسّة ماخلصش (غالبا بيبقى الأخ الأكبر) بيغيظه بإنه "لسّة بيستمتع
بيها"..:)
"لعب
باللعبة بتاعتي من غير ما يستأذن".. "كسرت العروسة.. وماليش دعوة عايزة
العروسة تبقى سليمة تاني".. وغيرها من الخناقات الكلاسيكية اللي فقدت أي عنصر
مفاجأة أو إبهار للأب أو الأم المحنكين..
لكن تيجي
أكتر المواقف استفزازا والأكثر حدوثا وهي "أنا اللي لقيته".. حاجة لقاها
واحد من الأطفال.. الحاجة بتاعة أخوه لكن ضايعة بقالها وقت وهو اللي لقاها..
بتاعتك ده
إيه؟ أنا اللي لقيتها
إنت لقيتها
بس هي بتاعتي أصلا.. بابا جابهالي في عيد ميلادي اللي فات
آه.. بس دي
كانت تحت السرير وإنت مادورتش عليها.. وأنا اللي لقيتها..
ماحدش طلب
منك تدور عليها
وتستمر
الخناقة لحد ما الأب يزعق أو الأم تاخد الحاجة..
السخيف إن الطفلين كل واحد منهم عنده منطق..صاحب اللعبة منطقه
ببساطة إنه صاحب اللعبة...واللي لقاها
بذل مجهود على الرغم إن أخوه كان سايب اللعبة ضايعة وقت طويل.. حتى في الثقافات الأخرى يغيظوا بعض بجملة: Finders keepers, losers weepers. بمعنى اللي يلاقي حاجة تبقى بتاعته واللي تضيع منه حاجة يقعد يعيّط!
في العالم اللي حوالينا "أنا اللي لقيتها" هي
فكرة حاصلة يوميا.. وليها مبررها ومنطقها.. سواء وافقنا أو لأ.. ينفع تحكيلي من
هنا لبكرة عن إن المصريين القدماء كانوا أول من فهم الطب والفلك.. استخدموا
الكتابة وفهموا الهندسة.. لكن هل المعلومة دي تفرق النهاردة؟ أي عالم تاني لو
"لقى المعلومة" وطورها وكمل عليها وشرّف بلده باكتشاف جديد النهاردة..
هل هقولّه على فكرة المصريين القدماء هم أول ناس فكروا في الفكرة؟
أول واحد حاول الطيران أو أول كاتب هاجم النظام القديم..
أول مدون.. أو أول واحد ضيفته على فيسبوك.. كلها قد تكون إنجازات.. لكنها لا تتعدى
إنجاز إنك "أول" واحد عمل كده.. ده مش معناه إنك لا زلت الأكفأ
النهاردة.. مش معناه إنك "أكتر" واحد بتفهم في الطيران أو السياسة..
"أنا اللي لقيتها" هتفضل معضلة.. هتفضل دول
"متغاظة" من دول "سبقتها" في الوصول للقمر.. لكن الركّ
النهاردة على مين يقدر يعمل إيه.. مش مين أول واحد عمل إيه..
الكاتب والباحث والطبيب والمهندس والسياسي اللي توصلوا
لأفكار وابتكارات سبقت عصرهم ممكن ببساطة يخسروا كتير لو اكتفوا بكونهم "أول
ناس" فكروا وعبروا عن إبداعاتهم.. لما ببساطة ييجي حد غيرهم يطوّر ويحدّث
ويبني على فكرهم..
لو معتقدي الديني هو أول من ساوى بين البني آدمين.. لو
أسرتي هي أول أسرة عارضت نظام مستبد.. لو بلدي هي أول بلد طلعت القمر.. كل ده
رائع.. الأروع هو أنا فين دلوقت؟ هل لازلت بأتغنّى بإني كنت أول واحد؟ وسبت حد
تاني ييجي وياخد الفكرة ويطورها ويجتهد للوصول للأحسن؟
احنا ملوك في التغني بالانجاز اللي بنرميه بعد كدة....وفاكرين دي شطارة!
ReplyDeleteThis comment has been removed by the author.
ReplyDeleteكلام جميل و سليم يشجع ان الواحد دايما يسعى للتطوير و التغيير.. ينسى اللي ورا و يسعى لقدام
ReplyDeleteبرافو ماجد..أستاذ كالعادة
فكره عبقرية و كلام رائع مفيد ..يا ريت نفكر فيه شوية ..و ناخد خطوات إيجابية ..شكرا يا ماجد .. N
ReplyDeleteمش كفاية أنك تخلف طفل .. لازم يبقى فى رعاية يومية وإلاهايموت ..
ReplyDeleteجميل :)
الأسهل ان الواحد ينتقد ويهد.. الأصعب انه يجتهد ويبنى.. عجبنى الأسلوب جدا يا ماجد
ReplyDelete