التعامل بالأرقام ليه سحره وجاذبيته لدرجة إننا مرَّات كتير سواء في التعاملات اليوميَّة أو في الأبحاث والقرارات والخطط بننسى إن سحر الأرقام (زي أي سحر) فيه جزء خادع!
الخداع اللي في الأرقام هو في بساطة فكرة إن الأرقام بتتكلم أحسن من أي معلومات تاني، وإن الأرقام مابتكدبش، وغيرها من الجمل اللي غالبًا بتخلينا نشوف في الأرقام الحل الوحيد لفهم أي مشكلة موجودة..
ولو بصينا حوالينا هنلاقي هوس بكل ما هو مرتبط برقم أو قيمة عددية، فهنلاقي إننا بنسأل عن الأسعار والسن وحساب البنك، وبنسأل عن عدد المتابعين على تويتر وكام واحد افتكر عيد ميلادي، وكام كتاب اشتريته من المعرض، وعندي كام صاحب على فيسبوك، وبقالي كام سنة في الشغل، وفاضلي كام يوم على التخرُّج، وغيره.. كما لو إن العشر أعداد من صفر لتسعة فيهم المفيد، هم اللي جواهم العمق والمعرفة، وهم اللي يجمعوا بعضهم كده ويتشقلبوا ويترتبوا ويدونا "العلم" و"الحقيقة" وبناء عليهم نحسب مين كويس ومين مشهور ومين طيب ومين شاطر ومين عجوز ومين تخين ومين غني ومين "أي حاجة عايزينها".. ما دام معانا الأرقام
الأزمة ما بين الأبحاث الكمِّيَّة والأبحاث الكيفيَّة أزمة مش جديدة، لأن كتير من الأبحاث المعتمدة على أعداد كبيرة من الناس (بيملوا استبيان مثلا) بتبقى مفتقرة للعمق، ومش دايمًا بيكون سهل معرفة "أسباب" الظاهرة أو "دوافع" المشاركين في البحث وغيره، في مقابل إن الأبحاث الكيفيَّة جايز بيكون فيها العمق اللازم (عن طريق مثلا إن الباحث يعمل مقابلات شخصية لمدة ساعة مثلا مع 30 شخص) لكن بتفضل النتايج بشكل عام قاصرة على "عدد محدود" من المشاركين
..
لكن الظاهر إن الأزمة دي مش واصلة قوي في تعاملاتنا الاجتماعية، لأننا باين كده إننا متحيزين لصف القياسات الكمِّيَّة، لكن مع الأسف لما الموضوع يتعلق بالبني آدمين، مش دايمًا الأرقام بتنقل الصورة الكاملة وساعات مش بتنقل الصورة الصح على الإطلاق..
دي دعوة لمراجعة أفكارنا بخصوص تقييمنا لحاجات كتير، لو كل تقييمنا لنجاح حد أو شهرته أو ذكاؤه أو طيبته أو كونه صديق كويس أو لأ مبني على الأرقام فغالبًا فيه جزء كبير في تقييمنا ناقص..
الأرقام حلوة جميلة، لكن سحرها مش بيزيد عن فكرة إنه سحر! ممكن يوهمنا، وممكن جزء كبير منه يكون حقيقي، لكن ممكن جزء تاني يحتاج عمق ودراسة وتفكير وتقييم أكبر..
No comments:
Post a Comment