أغلبنا سمع كتير عن حكاية الولد اللي مرّة
فضل يصرخ ويقول "الحقوني الحقوني الذئب ها ياكل الخرفان"، ولما الناس
راحت تساعده ضحك وقال "هاهاها ضحكت عليكوا".. مرّة في التانية في
التالتة والناس بطّلت تصدّق، لحد ما مرّة فعلًا الذئب أكل الخرفان لأن الناس اللي
سمعته بيصرخ قالوا "أكيد بيهزّر زي كل مرّة"..
قصة لطيفة وحلوة وكل حاجة.. لكن فيه
"محدودية" في اللي بنتعلمه أو اتعلمناه من القصة دي.. القصة بتحاول
تشجّع الأطفال إنهم "مايكدبوش" عشان لو احتاجوا حاجة فعلًا الناس
تصدقهم.. لكن هل القصة بتحكي أي حاجة عن الولد ده اللي يمكن فضل طول عمره يكدب،
لكن تاب؟ يتصرّف إزاي لو خلاص اتحط عليه عنوان "كذاب" أو
"حرامي" أو "فاسد" أو "نصاب" أو "فاشل"
أو أو أو؟
قصص زي دي بسيطة وواضحة لكنها ممكن تكون
ناقصة.. مش بنسمع في الحكايات دي عن "الفرص التانية" والتالتة.. مش
بنسمع عن "الرحمة" و"التوبة".. بنسمع بس عن "العدل"
و"الصح" و"الأصول".. بنسمع عن "السُمعة" و"تمن
الصدق" و"الحق"..
افتكرت القصة دي النهاردة لأن حد ما أعرفوش
على تويتر كان كاتب إنه هاينتحر الأسبوع الجاي، وأكتر من حد لفتت نظره التويتات دي
لأنه كان باعت التويتات دي لكذا حد.. اللي فكّرني بالقصة هو إن فيه ناس بدأت تفكّر
يا ترى الشخص ده بيكدب ولّا لأ؟ هو اللي عايز ينتحر هايقول على تويتر ولّا لأ؟ هل
دي حكاية تانية من "واحد عايز يشتهر" أو "يجمّع followers"
زي ما بيقولوا؟ ولّا حد فعلا بيطلب مساعدة؟
آه ممكن الواحد يكون عبيط لو ساعد كل واحد
بيطلب منه.. ممكن "يتضحك" عليه لو الي بيطلب منه "بيستغل"
سذاجة أو طيبة.. لكن في المقابل ممكن يكون بينقذ إنسان؟ مش عارف..
مش عارف، بس اللي أعرفه إننا نسينا قصص
كتير.. افتكرنا بس قصص "القصاص" و"العدل" و"واحد زائد
واحد".. افتكرنا بس حكايات "كله هايقعدله في عياله" و"كما
تدين تُدان" و"يصرفهم على العيا".. لكن نسينا جزء كبير من حكايات
كان فيها ناس ماكانش عندهم مانع يكونوا بيساعدوا وبيرحموا (مع احتمال إنهم يكون
بيتضحك عليهم).. ناس قرروا إنهم ما يفقدوش الأمل في الإنسانية بشكل عام..
الإنسانية اللي ممكن "تسامح" و"تدي فُرصة" وفرصتين وربعمية
وتسعين!
الإنسانية دي هي إنسانية كل أم وأب عمرهم
مابيفقدوا الأمل في عيالهم.. حتى لو الابن إيه! الإنسانية دي ممكن نكون بنشوفها
"عبط" أو "هبل" أو "رومانسية حالمة" أو "تفاؤل
مالوش طعم".. لكن جايز تكون هي "القشّة" اللي يتعلّق بيها
"الكذاب" و"الفاسد" و"القاتل" و"الحرامي"
لما يلاقي حد مصدّق في إن فيه أمل فيه..
آه طبعًا ممكن أساعد واحد وأكتشف بعدين أنه
"ضحك" عليّ.. وممكن أساعده مرّة كمان وأكتشف برضه إنه ضحك عليّ، لكن لو
باب التوبة والرجوع على طول مفتوح زي ما كتير مننا بيقولوا، ما أقدرش أنا أقف ورا
الباب ده وأسدّه عشان ما حدّش يدخل منه..
أتمنى أعرف أساعد حتى لو اتضحك عليّ، أحسن ما
أطلع ناصح وتضيع عليّ فرصة إنقاذ بني آدم..