في قرية صغيرة كان الاعتماد الأكبر على ميّة المطر عشان
الناس تزرع وتلاقي أكل.. وكان بقالهم وقت كتير مستنيين المطرة لكن ماحصلش.. الناس
كلها كانت بتحلم بالمطر فقرروا يتجمعوا ويدعوا ربنا ويمارسوا طقوسهم الخاصة على قد
ما يقدروا عشان الدنيا تمطر.. كان حلمهم حقيقي إلا إن بنت صغيرة كانت مصدقة في
الحلم وفي إمكانية إنه يتحقق أكتر من أي حد فيهم.. في اليوم اللي قرروا يتجمعوا
فيه منتظرين المطر البنت دي كانت الوحيدة اللي جات ومعاها "شمسية"..
في أحلامنا الشخصية أو أحلامنا لبلدنا بالتغيير بنعرف
نحلم.. بنعرف نتخيل الوضع من غير حاكم ظالم أو مش كفء.. معظمنا عارفين إحنا "مش
عايزين" إيه.. وفي سعينا إننا نمشّي رئيس أو وزير أو مسئول مش قايم بدوره
غالبا مش بنبقى مصدقين للآخر إن الحلم ممكن يتحقق..
بنعرف نحلم أحلام كبيرة.. بنقول إن من حقنا ديمقراطية
وحرية وعدالة ونضافة ومستوى معيشي كويس.. عارفين إننا ينفع نكون بلد كويسة..
عارفين إن عندنا موارد وإمكانيات طبيعية وبشرية نقدر بيها ننافس في مجالات كتير..
لكن وسط أحلامنا الكبيرة مش دايما بنكون مصدقين للآخر إن الحلم ممكن يحصل.. إذا
مصدقين إنه هايتحقق طب ليه مش دايما معانا "شمسية"؟.. ليه مش دايما
شايفين إن الفاسد هايمشي وبعدها....آآآ وبعدها.... آه مش مهم بعدها.. خلينا بس
نخلص منه!.. على الرغم إن "الخلاص منه" في حد ذاته
إنجاز لكن لو أنا مصدق فعلا إننا هانخلص منه فين باقي حلمي؟ فين حلمي بالمرحلة
اللي بعد كده؟ فين علامة إن حلمي منطقي وهايحصل وآدي الشمسية اللي هاأستخدمها لما
المطرة تغرق الدنيا وتجيب الخير للأرض؟
في التواصل عن طريق اللغة مش كل سؤال غرضه الاستفهام..
وطبعا السؤال ممكن يكون هو هو لكن هدفه مختلف.. أنا هنا مش بأقول "فين
البديل؟" كأني بأطرح سؤال استنكاري.. كما لو إني بأقول "على فكرة مافيش
بديل فخلينا زي ما إحنا" ولا بأقول "أهو ده أحسن من غيره".. أنا
هنا بأسأل سؤال غرضه الاستفهام فعلا.. "فين البديل؟"
اللي بيحلم إنهم يكلموه عشان يروح يعمل مقابلة شخصية
لشغل جديد مش كفاية إنه يكون بيقول "يا رب يكلموني إن شالله في نص الليل
وأروحلهم على طول".. اللي بيقول كده لو فعلا مصدق في الحلم هايكون على الأقل
مجهّز البدلة اللي هايلبسها وطابع ال CV بتاعته.. إلا بقى لو حلمه هو مجرد
حاجة بيتمناها لكنه غالبا مستبعدها..
أعرف ناس من كتر تصديقهم لحلمهم بيتصرفوا كما لو إن
تحقيق الحلم هو مسألة وقت مش أكتر.. الناس دي من الذكاء بحيث مش بيضيعوا وقت.. مش
مستنيين "يا سيدي أهو بس يمشي ونبقى نشوف".. لأ.. الناس دي
"بتشوف" من بدري.. ويمكن مازال الحلم ما اتحققش..
خوفي إن على الرغم من شرعية الحلم بالإزاحة (حلوة
الإزاحة دي) بمسئول غير كفء إلا إن "شرعية" الحلم مش كفاية.. المصيبة إن
الحلم لما يتحقق مايلاقيناش جاهزين.. تجيلي فعلا مكالمة التيليفون عشان المقابلة
الشخصية وأقعد ألف الدنيا كلها عشان أطبع ال CV.. شعب بحاله يطيح (زي إزاحة كده)
بمسئول سَكّة لكن "يتوحل" يعمل إيه بعد كده..
أسوأ الأحلام هي الأحلام اللي بتتحقق لناس مش مستعدة..
ساعتها ياريت الحلم ما يتحقق!.. بدل ما يجيلنا الحلم شخصيا ونلاقي نفسنا بنقول
"لا مؤاخدة يا حرية.. إحنا مش مستعدين.. ما كنّاش فاكرين إن الموضوع جد وإن
حضرِتك ممكن تشرَّفي".. "الحقيقة كنا بنحلم بالمطرة.. بس ما صدقناش قوي
في الحلم"!
مش الشمسية هي اللي هاتجيب المطر.. لكن لو أنا مصدق قوي
إن حلمي على الأبواب هايكون سهل عليّ إني أستعد كما لو إن المطرة جاية جاية..
ساعتها إني أروح أشتري شمسية ممكن يكون أبسط خطوة أعملها وأنا مستني حلمي يتحقق..
كلامك حقيقي وأتفق معاك يا ماجد, بس دي سنة الحياه لكل المجتمعات اللي حصل فيها تغيير راديكالي وعمل هزة في المجتمع انها بنستنفذ كل طاقتها في "الإزاحة" وبتحصل هزة عنيفة بعدها في سؤال فين الشمسية ونكتشف ان كلنا بنفكر بشكل شبه كلي بكيفية الإزاحة بس لو نظرنا لكل المجتمعات حنلاقي انها حصل عندها نفس الهزة وبالتجربة والخطأ بتقدر تصنع شمسية خاصة ليها
ReplyDelete:) A very encouraging thought.Children have a lot to teach us;faith is one of the lessons. Thank you.
ReplyDeleteما هي المشكلة اننا بنركز عالحلم و نحاول نتنفنن ازاي يطلع مظبوط و ننفذه صح عشان احنا عشنا حياتنا كلها نحلم ، و عشنا حياتنا برضو بنتكافئ على الحلم لما يتحقق و عمر ما حد لفت انتباهنا لما بعد تحقيق الحلم ، احنا كناا عايزينه يتحقق ليه
ReplyDeleteالطالب بيعد طول فترة الثانوي بيحلم بالكلية و يتشجع من اهله لو كان حلمه يناسب احلامهم _ طبعا لو حلمه مختلف هيتهزا _ بس هو غالبا مايعرفش الكلية دي حلمه فعلا و لا مجرد حاجة كويسة ... و بعد ما بيجيب المجموع و يدخل كلية احلامه بيحتاس و يبقى مش عارف يعمل يه دلوقتي و يذاكر و يسقط و يدبلر و يعد في الكلية ضعف سنين دراستها .
الطالب ليه عذره ، و طبيعي يحتاس في حاجة مايعرفهاش ، و طالما لسه بيتعلم هيبقى مش عارف يعمل ايه ، بس المشكلة هنا اننا لسه عايشين الحالة دي
احناا كلنا طلبة بتحاول تجيب مجموع عشان تدخل حاجة كويسة قريبة من انتماءاتها ، اللي نزل يثور ضد نظام فاسد كان رافض الفساد و بيحلم بتطبيق الفكر اليساري او اليميني ، ديني او علماني ، كان بيحلم ، بس هو اصلا ميعرفش هيحقق حلمه ازاي عشان كده مافكرش هيعمل يه بعد ما يتحقق الحلم ده ، اصل اغلبنا عمرنا ما حلمنا بحاجة و اتحققت ، غالبا ما بنفشل اثناء التحقيق ، فبنعد نحلم بالundo
ازي نرجع اللعبة من اولها و نتفادى الغلطة المرة دي
و هكذا ، كل مرة بنحلم ان المرة دي تصيب و ما تخيبش ، و نسينا احنا عايزين ايه
الوسيلة من كتر ما بقت مش معروفة لنا كويس بقينا بنتعلم ازاي نطبق الوسيلة و نسينا خالص الغاية
ما الوسيلة صعبة هنحقق الغاية ازاي ، نحقق الوسيلة الاول و نفرح بنفسنا بعد ما نحققها و بعد كده نفكر بقى .
و لعلمك ... اللي صلوا و ماكانش معاهم شمسية هم ماكانوش متاكدين بيصلوا صح و لا لا ، و لا صلاة نزول لمطر بيقولوها صح و لا لا ، و هي المشكلة فيهم و لا في بلدهم اللي ربنا غضبان عليها و لا في الخطية لا في ايه و لا ايه ، هم اهتموا بنفسهم ، و بالاسلوب مش بالمعنى ، بالحرف مش بالروح .. هم ماكانوش متاكدين اصلا من صلاتهم ، و الصلاة المتقنة و حلول الله وسطهم بقى هو الحلم و ان ربنا يستجيب و ياكد لهم انهم ماشين صح بقى هو الحلم و نسيوا هو كان ايه هدفهم من البداية اصلا ، و بقى حلمهم هو تحقيق الوسيلة
لكن البنت الصغيرة كانت عارفة توصل لربنا ازاي على طول ، و شايفاه و حاساه ، فماكانتش خايفة تفشل في الصلاة ، كنت بالنسبة لها مجرد خطوة عارفة تتعمل ازاي بالظبط ، هي بس مستنية النتيجة تحصل عشان تبدا تستمتع بالمطر و تلعب بالشمسية اللي كانت جايباها معاها من الاول تحت المطر
thanx very much for this post
ReplyDeleteVisit myphone6
amen :D
ReplyDelete