قبل 6 مايو سنة 1954 كان فيه اعتقاد سايد في
الوسط الرياضي بإن مستحيل من الناحية الفسيولوجية إن حد من رياضيي الجري يجري
مسافة ميل في أقل من 4 دقايق.. حاجز ال 4 دقايق ده كان متعارف عليه إنه يستحيل يتكسر
وإن ممكن القلب يتوقّف لو اللعيب جري أسرع عشان يحقق أقل من ال 4 دقايق.. لحد ما الإنجليزي
روجر بانيستر كسر الحاجز ده عن طريق إنه جري الميل ده في 3 دقايق و59.4 ثانية..
للدرجة إن الجمهور هيّص بشكل رهيب بمجرد إعلان "3 دقايق" حتى قبل ما
يكملوا يسمعوا كام ثانية.. على أساس إن حاجز ال 4 دقايق اتكسر لأول مرة..
لحد هنا وساعات كتير القصة بتقف عند فكرة قد
إيه الرياضي ده كسر حاجز نفسي أكتر منه عضوي وقدر إنه يتغلب على انطباعات عامة
سايدة في الوسط الرياضي.. وعلى الرغم من عظمة الإنجاز ده إلا إن المتعة في القصة
مش في اللي عمله روجر بانيستر.. لأن بعده ناس كتير كسرت حاجز ال4 دقايق بل وكسرت
الرقم القياسي العالمي.. وجدير بالذكر إننا نعرف إن سنة 1999 اللي حصل على الرقم كان المغربي هشام الكروج
(اللي في الغالب لازال حاليا هو حامل الرقم القياسي العالمي)..
أول مرة في أي حاجة مش زي أي مرة تاني.. أول
سيجارة وأول درس سواقة وأول ثورة وأول انتخابات وأول حفيد وأول كل حاجة بيبقالها
وقع مختلف غريب.. وعشان كده تعاملنا مع "السوابق" هو تعامل يميل
للمنطقية على أساس إن اللي قتل قبل كده سهل عليه يقتل مرة كمان بالمقارنة باللي ما
قتلش!
الموضوع ده بينطبق على الحاجات الإيجابية
والسلبية.. مش بس على السرقة والقتل.. لكن كمان على الحاجات اللي من شأنها إنها
تساعد وتطور وتكبر المجتمعات والأفراد..
المناقشات الكتير اللي بتدور على فكرة نحتفل
ولّا مانحتفلش بالثورة؟.. حققت إنجازاتها ولّا لأ؟.. نحتفل ولّا نراعي شعور أهالي
الشهدا؟ نحتفل ولّا نستنى لما نشوف نتايج؟ كلها مناقشات على الرغم من منطقيتها
وأحقية كل شخص في طرح رأيه, إلا إن ضروري ماننساش فكرة إننا محتاجين نحتفل بفكرة..
فكرة إن المصريين بقالهم صوت.. بقى ينفع نقول لأ.. بقى ممكن "نحاسب"
المسئولين.. بقى ممكن نحلم مش بس نطالب بحقوقنا.. بقى ينفع نعترض ويتعملنا ألف
حساب..
الإنجازات دي يمكن ماتكونش هي الإنجازات اللي
خرج عشانها المصريين في 25 يناير.. لكن موضوع إننا "استقربنا"
الميادين.. وعرفنا إننا ينفع "نمشّي" اللي مايعجبناش هو موضوع عظيم في
حد ذاته..
"السابقة" العظيمة دي اللي فيها
الناس خرجت تقول اللي جواها من غير خوف هي اللي بتخلّي الخطوات اللي بعد كده
أسهل.. مابقاش أقصى الطموح إن رئيس الجمهورية ما يعادش "الاستفتاء عليه"
أكتر من مرة واحدة.. دلوقتي التطلعات بقت أعلى والطموحات مابقتش أقل القليل..
وجايبين منين الثقة دي؟ أصلها حصلت قبل كده في 25 يناير.. وده لوحده إنجاز..