Saturday, April 20, 2013

ألزايمر

إذا كان أغلبنا شكلنا لطيف وشيك ومحترم ومرسومين كده على أحلى صورة ففيه مواقف بتبيّن حقيقتنا وشخصيتنا واقتناعاتنا.. وسواء بقى ازدراء أو عنصرية أو إحساس بالدونية أو إحساس بإني أحسن من الناس فهي كلها حاجات محتاجة أعمق من مجرد مناقشة عابرة أو لقاء تيليفزيوني أو مقال نقراه..

مش بس خناقاتنا اللي بتبيّن جزء أكبر من حقيقتنا.. ومش بس المواقف اللي فيها بنبقى متضايقين أو متغاظين.. ومش بس وقت لعب الكورة اللي فيه كل واحد بيبان على حقيقته.. لكن هزارنا إلى حد كبير بيدُل على بعض اقتناعاتنا..

الملحوظ إننا بدأنا في الكام سنة الأخيرة تريقة أكتر من اللازم على مرضى ألزايمر من غير ما ناخد بالنا.. طبعا اسم المرض ما فيهوش ألف ولام التعريف لكن الألف واللام اللي في الأول هم جزء من اسم الطبيب النفسي الألماني Alois Alzheimer  اللي اتسمى المرض باسمه..

ولأننا مش بنقصد التريقة على العيانين فأنا قلت إن الكتابة عن الموضوع ده ممكن تكون مجدية لأن حُسن النية متوفّر..

لو نلاحظ نلاقي كتير مننا بيسخر من نفسه لما ينسى حاجة.. وتلاقي ممكن الواحد يقول "معلش بقى.. الزهايمر" ناسيين إن التشخيص ده في حد ذاته تشخيص مؤلم وبيغير حياة المريض وعيلته بشكل كبير..

ودي مجرد واحدة من مجموعة تعليقات كتير مش بس على مرض ألزايمر لكن على برضه الأمراض النفسية فبنلاقي مثلا لما حد يقول "أنا شكلي كده محتاج دكتور نفسي" تلاقيه بيقولها كما لو إن الرد الطبيعي "ليه بس؟ ده إنت زي الفل".. الظريف إننا بنستغرب لما كتير من الناس اللي بالفعل محتاجة مساعدة نفسية متخصصة مش بتطلب المساعدة دي.. ببساطة لأننا فضلنا نغذي فكرنا وفكر اللي حوالينا إن الاحتياج لمساعدة نفسية هو "للمجانين".. والدليل إننا عمرنا ما بنقول ده على أمراض تانية.. عمرنا ما بنسمع حد بيهزأ واحد صاحبه ويقول له "يابني أنت محتاج تتعالج.. لازم تروح لدكتور أنف وأذن"..

ومننا كتير يا إما قالوا أو سمعوا جملة "بعد السنتين اللي فاتوا دول الدكاترة النفسيين هايشتغلوا هايل".. وعلى الرغم إن الجملة المفروض تكون صح وحقيقية لكن وضعها في إطار سخرية بيخلّي حتى الشخص اللي حاسس إنه محتاج دعم طبيب نفسي متخصص عشان يساعده في فترة إحباط أو فشل أو إحساس عام بالضعف بيخليه "يضحك" و"يتريق" مع اللي بيتريقوا و"يحط مشكلته على رف النكت" على الرغم إن مشكلته لسّة موجودة..

وقتها مش هنكون بنفرق كتير سنة 2013 عن اللي كانوا بيعملوه في إنجلترا مع نهايات القرن السبعتاشر لما كان الناس ممكن يقطعوا تذاكر (تمنها قرش) ويروحوا يتفرجوا على المرضى العقليين في مصحة بِدلام كنوع من الترفيه!..

إذا كنا لسّة في المرحلة اللي فيها النسيان والتقدم في العمر والاحتياج لمساعدة نفسية متخصصة هي حاجات "عيب" و"مثار سخرية وتريقة" يبقى ما ينفعش نستغرب لما أمراض وتحديات ومشاكل تزيد في مجتمعنا مش بس لأننا مش معترفين بوجودها (يا ريت).. لأ.. ده إحنا بنربط وجودها "بالاستغراب" و"النكت" و"استبعاد إنها تحصل" للناس "المظبوطة"..

"رايحة لدكتور السنان" و"راجع من الدكتور النفسي" و"بأحجز لوالدي في عيادة لألزايمر" المفروض تكون جمل متساوية في القيمة ورد الفعل ونسبة التعاطف.. مع اختلاف نسبة التحدي في كل جملة..

Thursday, April 18, 2013

اللي يموّت الموت

معظمنا جاله وقت وإتمنى أمنية "آه لو نعرف نموّت الموت".. "آه لو نقدر ما نعبّرش الموت ولا يكون فارق معانا".. رغبتنا في إننا نغلب الموت رغبة قريبة قوي من الغريزة لكنها كمان بتبان منطقية وجذابة لو فكرنا فيها..

لما بتيجي أخبار عن موت حد نعرفه أو شاب صغير أو ناس بريئة أو أطفال بتيجي مع كل خبر أحاسيس مُرعبة من الحيرة واللخبطة.. مشاعر إن الموت مالوش "مسكة".. ما حدش إذا جاز التعبير عارف "يلمّه".. ماحدش قادر يفهمه أو يتوقعه أو يستعد له للآخر..

ومع كل الصدمة والألم والبُكا بتيجي مرحلة من شوية حسابات غالبا معظمنا بيعملها تلقائيا بعد ما يهدى شوية.. أسئلة وعلامات استفهام زي "هو أنا ممكن أموت قريب؟" "في السن ده؟" "أهلي وأصحابي وحبايبي هايعملوا إيه؟".. وبرضه بتيجي كسرة القلب مع كل تعليق بنسمعه اتقال على لسان اللي ماتوا.. إزاي كانوا متضايقين في آخر وقت.. أو إزاي كان ممكن يتفادوا الحادثة.. أو قد إيه أحلامهم كانت أحلام بسيطة.. أو قد إيه كانوا بُسطا وطيبين ومحبوبين..

والظاهر كده إن الحكاية دي حركت ولسة بتحرك أنشطة كتير في الحياة زي مثلا الاختراعات والأبحاث اللي بتحاول تطوّل العمر أو تمنع التعب أو تعالج أمراض.. أو الأنشطة اللي بتساعد الناس تكسب فلوس أكتر عشان تعيش عيشة أريح وتأجل "الضيف السخيف" اللي كلنا عارفين إنه هاييجي..

أكترنا قبول لفكرة الموت بيشوف فيها انتقال لحالة أفضل فيها حياة لكن من نوع شكله مختلف عن الحياة على الأرض.. لكن من أكتر الناس قبول للفكرة فيه ناس مش عايزة الموت عشان الألم والوجع اللي بيسببه مش لينا لكن للناس اللي بنحبهم وبنسيبهم ورانا..

ولأن الموت في مفهومنا البسيط هو أقصى درجات غياب الحياة, فالمطلوب لهزيمته حاجة تكون "أقصى" برضه.. ما ينفعش نُص نُص.. واعتقادي الشخصي هو إن الوحيد اللي يغلب الموت هو "الحب"..

الحب هو اللي بيخلي الأم والأب على استعداد كامل إنهم يموتوا حرفيا عشان ابنهم ما يتأذيش.. ذكرى اللي بيموت بتفضل مستمرة مش على قد ما أنجز من اختراعات وفايدة للبشرية.. ومش على قد تأثيره وقوته السياسية ولا عدد الأحلام اللي عرف يحققها.. ناس كتيرة "ماتت" وهي لسة بتتنفّس وبتاكل وتشرب وتمشي لأن ما حدش حبها.. ذكرى اللي بيموت بتفضل مستمرة عند الناس اللي بتحبه.. وعند الناس اللي حبهم..

الحاجة الوحيدة اللي تخلي إنسان يفضل عايش حتى لو مات هي إنه يكون حَب واتحَب للآخر.. ساعتها بس وجود الجسد الضعيف ده أو غيابه مش هو العلامة الوحيدة اللي بتدل على الحياة..

كل واحد عرف يحب وعرف يستقبل الحب غالبا أخد شوية خطوات عشان يموّت الضيف السخيف اللي ممكن يفرّق أجسام الناس عن بعض لكن ما يقدرش يمسح مشاعر حب اتكونت بين المحبين..

كل حد حبني وحبيته محبة حقيقية هايفضل عايش على طول.. والحب هو اللي هايخليه عايش في تفكيري.. عايش في ذكريات حلوة بأفتكرها.. عايش في ألبوم الصور وفي أماكن روحناها وحكايات قلناها.. عايش في أحلام حلمها وناس أثر فيها وبصمات سابها..

اللي غلب الموت ما غلبهوش بالشطارة ولا التكنولوجيا والعلم.. اللي موّت الموت موّته بالحب..

Saturday, April 13, 2013

يا واد يا مُلحد



على غرار الأفلام اللي فيها بيقبضوا على مُجرم ويحاول الظابط يقَرّرُه (يخليه يِقِرّ يعني).. وتلاقي الجمل الحوارية الفضائية بتاعة "انطق..ياللا.. انهار واعترف"! لكن مهما اختلف السيناريست أو المخرج أو مين اللي بيقوم بدور المجرم أو الظابط أو قفص الاتهام دايما فيه جملة موجودة في معظم المشاهد دي.. تحس إن ترخيص الرقابة مش هايطلع غير لما يلاقوا الجملة دي في الحوار.. "الإنكار مش هايفيدك"!.. دي الجملة السحرية اللي بتخلّي الرقابة تحس إن الفيلم ده على مستوى كويس وهي نفس الجملة اللي بتخلّي المجرم يعترف.. طبعا لأن المجرم بيبقى فاكر إن الإنكار هايفيده.. لكن أول ما يقولوله إن الإنكار مش هايفيده بيصدقهم ويعترف على طول.. الكوميدي بقى في القصة إن غالبا "الاعتراف" مش هايفيده برضه.. لكن دي ممكن نتناقش فيها في فيلم تاني بلجنة رقابية مختلفة..

الكلام زاد في السنة الأخيرة دي عن الإلحاد والملحدين لكنه في الغالب كلام شبيه بكل المناقشات اللي تناولت الموضوع ده في أزمنة مختلفة.. أنا هنا مش بأتكلم في صواب الفكرة من عدمه لأن مش ده المجال للمناقشة دي لكن بأتكلم على نفس فكرة "الإنكار مش هايفيدك"..

لو بتتكلم مع حد مش بيؤمن بوجود الخالق.. أو بيؤمن بوجود خالق لكن مش بيعبده.. أو بيُعبد الخالق لكن مش بيتبع ديانة وضعية أو سماوية غالبا بيكون فيه الميل إنك تقولّه (لو إنت مؤمن باللي هو مش مؤمن بيه) إن الإنكار مش هايفيده.. إن لو طلع إن فيه إله هايكون عنده مشكلة..

لكن على نفس المثال يا ترى مجرد الاعتراف بوجود خالق أو رب أو إله هايفيدك؟ يا ترى كفاية إنك ترتاح نفسيا إن "فيه ربنا" وإن إنت صح وإن "يا حرام صاحبي الملحد طلع غلط"؟.. أو إنك "أفحمته" لما أثبتله إن فيه رب؟


المرحلة دي خطيرة لأنها شبه فكرة إن حد بيقولك إن أبوك مش أبوك.. إنت طبعا متأكد إنه أبوك.. هو بيقوللك إن مافيش دليل.. وإنت تقضي عمرك كله تعمل تحليلات وتجيب صور قديمة وتتكلم مع ناس كانت ساكنة في الحتة اللي اتولدت فيها وغيره عشان تثبتله إنه أبوك.. <وبعدين؟>.. لأ ولا حاجة.. إنت طلعت صح.. <أه طب وأبوك؟>.. ماله؟

أصل الفكرة كلها هي مش في المعلومة.. مش في مين طلع صح.. لكن في مين عمل إيه بالمعلومة دي.. ناس كتير ما عندهاش أي شك في إن أبوهم وأمهم هم الأب والأم الحقيقيين.. لكن وبعدين؟ هل ده معناه إنهم حاسين بالبنوة ناحيتهم؟ مش شرط.. الخوف كل الخوف إني أرتاح إن "فكرتي طلعت صح".. وبس.. وهنا غالبا بيتساوى الاتنين.. يعني في الحالتين هايقولولي يا واد يا مؤمن (تريقة على إيماني اللي بالكلام وبس لكنه من غير معنى) أو يا واد يا ملحد (لأني بابذل مجهود ضخم في إثبات عدم وجود شخص أنا مش مقتنع بوجوده أصلا)..

كونك بتتريق على ملحد لأنه مش شايف العظمة اللي في الكون مش معناه إنك على علاقة قوية بخالق الكون.. بل يمكن العكس.. يمكن إيمانك هو مجرد تصديق إن فيه خالق ورب لكنها مش أكتر من معلومة..

إذا مصدق في وجود إله هل يا ترى الاعتراف ده توقّف هنا؟ ولا أنا فعلا على علاقة قوية شخصية بالخالق اللي أنا مصدق فيه؟

Thursday, April 11, 2013

منطق الطَعْميّة

هدينا شوية بعد ما فشّينا غلّنا عشان نرُد على اتهام الطعمية؟ .. كويس.. نفكّر بقى (يعني كنوع من التغيير مش أكتر).. هو إحنا إيه اللي بجد بنعرف نعمله ومتميّزين فيه عن غيرنا؟

السؤال طبعا لما اتقال ممكن يكون بيحمل سخرية.. ممكن يكون بيحمل بعض الجهل بالماضي العظيم والحضارة اللي ما حصلتش ومش هايحصل زيها.. لكن.. و"لكن" دي كبيرة قوي.. "الخناقة" الشعبية اللي أغلبنا كان مبسوط بيها هي تكنيك كلاسيكي جدا في الخناقات..
في أي خناقة "هايفة" تلاقي لو واحد "اتريق" على واحد تاني أغلب الردود ممكن تبقى "وإنت مالك؟" أو "وإنت مين إنت؟" أو "أنا على فكرة ما طلبتش رأيك".. وممكن في مواقف تانية ومع ناس تانية تتطرق لمواصفات لأفراد من الأسرة الكريمة..

لكن بيفضل السؤال موجود بالمناسبة.. الشتيمة آه مابتلزقش.. لكن غالبا بنعاني أكتر لما بنحس إن السؤال كمان مش مهم يلزق..

وعلى الرغم من انتقادنا المستمر لمحاولات مسئولين في أحزاب أو في السلطة التهرب من الإجابة على أسئلة.. وبنشوف في ردودهم مجرد "تريقة مضادة" أو "هجوم على شخص السائل" أو "تشكيك في خلفية المعترض" أو "تعليق على توقيت الفيديو" وغيرها من الحاجات اللي بتبان لنا لو محايدين.. (هي غالبا مش لو محايدين.. لكن لو السؤال "على هوانا").. إلا إننا عملنا نفس الحكاية بالظبط..
على غرار "دي سافرة مش محجبة" أو "إيه اللي ودّاهم هناك" أو "هُم المفلسون" كانت ردود معظمنا على سؤال أو تحدّي الطعمية..

واللي استغربتله شويتين تلاتة كده هي إن معظم التريقة أو الردود كانت للأسف تأكيد على "منطق الطعمية".. يعني فكرة إن البلد اللي جاي منها النقد بلد صغيرة مثلا.. (قال يعني حوش المساحة اللي إحنا عايشين عليها.. ده إحنا متحشرين في جزء ضيق جدا من البلد وسايبين صحرا هنا وهناك).. المهم.. نتريق على إيه؟ أسهل حاجة: إن البلد دي صغيرة.. منطق الطعمية.. اللي هو الحجم مهم جدا.. وده ينطبق على قُرص الطعمية.. سندوتش الطعمية..أو محل الطعمية.. The bigger, the better لأن في الآخر أهو كلّه طعمية.. نفس الزيت اللي اتهرى ستاشر مرّة في القلي.. ونفس الطاسة ونفس شكل كل حاجة..

لكن بجد.. إيه اللي إحنا متميزين فيه عن غيرنا؟ .. هه؟.. يعني مثلا أحسن رعاية صحية؟ .. بلاش.. أحسن سياحة؟.. أكتر دولة بتستغل الطاقة الشمسية؟.. بلاش.. المرور مثلا؟.. طب التعليم ونسبة الاكتشافات والاختراعات؟.. بلاش دول.. هل يا ترى التسامح الديني اللي مش موجود في أي حتة تاني؟ (آه.. معلش آسف على السؤال).. هل مثلا أكتر شعب مبسوط ودمه خفيف؟ إحنا حتى يا ريت مركزين في الطعمية..

بلاش كل الأسئلة الغلسة المحبطة دي.. طب إيه اللي ناويين نكون "أحسن دولة" فيه في العشر سنين الجاية؟

أسهل حاجة للرد هي "ماعندناش موارد" و"الزيادة السكانية" و"الدول التانية بتحقد علينا".. مش عارف ليه حاسس إني بأشبّه على الجُمل دي.. تكونش هي دي الجمل اللي النظام بيحاول يروجها؟

الخُلاصة إن طبعا فيه طعمية.. لكن الخطورة إن كمان فيه "تعمية".. مش إننا مش عارفين نشوف.. لأ.. إحنا مش ناويين نشوف.. والفرق رهيب.. إحنا فاكرين نفسنا أحسن ما يمكن.. ما فيش أحسن من كده.. أذكى طفل وأمهر طبيب وأأمن طيّار.. فعلا؟.. ملاحظينها يعني؟ ولّا إحنا الشعب الكوميدي اللي بيضحك على نُكته؟

هانكون أحسن بلد في حاجة معينة؟ آه طبعا ممكن.. طاقة شمسية وقطن ومزيكا وسياحة وحضارة ومساحة وجو هايل وعمالة شاطرة.. لكن كل الحاجات دي طاقات ما استخدمنهاش.. طاقات ما قررناش إننا نتحرك عشان نسبق "الدول الصغيرة الوحشة دي".. ما حدش ليه حق يتريق (رغم إننا بنتريق على الخلق كلهم) وبلدنا ملكنا وينفع نكون أحسن.. لكن نعترف بالمشكلة بدل ما كل اللي نعمله إننا نعمل مبادرة لقلي قُرص طعمية أكبر من مساحة البلد اللي اتريقت..

كفايانا "تعمية".. وممكن كتغيير يعني نجرّب نعترف إن عندنا مشكلة.. ووقتها نختار حاجة نتميّز فيها.. أياً كانت الحاجة دي.. حتى لو كانت إننا نسعى يكون عندنا أحسن وأنضف أكل.. بما فيه الطعمية..

Saturday, April 6, 2013

هو الحل؟

 
"الملل" و"مصر" هم كلمتين ماينفعش ييجوا في جملة واحدة.. ولو إنت مصري سواء عايش في مصر أو برّة فالمتعة مستمرة.. كفاية إنك كل ساعتين تلاتة تتابع اللي بيحصل على الساحة السياسية (حلوة حتة "الساحة" دي).. هي مش سياسية قوي لكن يعني ممكن نحاول نمشّي فكرة إن اللي بيحصل ده سياسة..
المهم إن من ألطف التحديثات (أول مرة أقول أو أكتب الكلمة دي) حكاية الشعارات الدينية وإمكانية استخدامها من عدمه.. والسماح لغير المسلمين باستخدام شعارات دينية بحيث ما تتعارضش مع الشريعة الإسلامية هو في حد ذاته يا إما خبر كوميدي يا إما نكتة.. توقعي إن بعد كام سنة كده هايختفي سؤال "أقوللك نكتة؟" وهايحل مكانه سؤال "أقوللك خبر؟" وهايكون للسؤالين نفس التأثير الكوميدي المحبب إلى النفس!
لكن المُقلق في القصة مش استخدام شعار "الإسلام هو الحل" أو عدم استخدامه.. والفكرة كمان مش يا ترى الشعار ده ديني ولّا لأ.. ولا الحكاية الطريفة بتاعة إن المسيحيين كمان من حقهم يستخدموا نفس الشعار لو عايزين (شايفين المساواة؟).. لكن الفكرة أبعد وأعمق شوية من كده..
أنا ممكن أتفهم فكرة اللي بيقول "الإسلام هو الحل" لكن فهّمني.. هو الحل لإيه؟ هو فيه مشكلة؟ هو فيه اعتراف رسمي من مسئول أو سياسي إن فيه أي مشكلة؟
هي إيه المشكلة اللي في البلد اللي محتاجة "حل"؟ .. كتير من اللي بيتبنى حلول ما يعرفش ولا درس ولا شاف المشكلة فين..
لو نبُص حتى على تصريحات المسئولين عن "تحديث" و"تطوير" و"استكمال مسيرة" و"تيسير" وغيرها من التعبيرات اللي الحقيقة تدّي إحساس إن كل حاجة زي الفل.. إحنا بس عايزين "نزوّد" و"نكتّر" و"نحسّن" و"نكمّل".. وسط كل مصايب السكة الحديد والصحة والتعليم والطرق والأكل والبنزين والسكن والعنف والاضطهاد والتحرش والتزوير إحنا مش شايفين مشكلة.. إحنا زي الفل.. إحنا بس بندوّر على حل..
مرّات كتير بنفتكر إن "التشخيص" ده بتاع سنة أولى.. ده معروف.. سهل.. لكن العلاج هو اللي صعب.. هو ده بقى بتاع بكالوريوس! على الرغم إن أغلبنا يا إما عانى يا إما سمع عن صديق أو حد في الأسرة عانى بسبب تشخيص غلط ودّى مريض في داهية..
الحلول سهلة.. موجودة.. خصوصا إننا مش أول دولة في الدنيا يعني.. فيه دول تاني اكتشفت واخترعت ووصلت لطُرق تعالج وتخفف وتصلّح مشاكل.. لكن هانفضل مش لاقيين فايدة طول ما بندوّر  في الشارع المنوّر على المحفظة اللي ضاعت في شارع ضلمة.. الشارع المنوّر حلو.. جميل.. لكن عمري ما هألاقي فيه الحاجة اللي ضاعت في حتة تاني..
كلنا جاهزين بحلول رهيبة وعظيمة للإدمان والعلاقات الفاشلة.. لكن ناويين نشوف المشكلة فين أو نعترف بإن فيه مشكلة من الأساس؟ لأ.. إزاي.. إحنا نستسهل ونقعد بقى نتناقش يا ترى ينفع نستخدم شعارات دينية ولا لأ..
هايفضل أي حل بيتقدم هو مجرد جملة لطيفة رنّانة ممكن تكون صح أو غلط بتستهلك كل الطاقة في المناقشة حوالين نستخدمها ولّا لأ.. دينية ولّا لأ.. نسمح للمسيحيين يقولولها ولّا لأ.. ناسيين إن غالبا مشكلتنا هي إننا مش شايفين إن فيه مشكلة..